- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
التوبة ...افق الرحمة الواسعة
السبت 1 يناير 2011 - 14:08
التوبة بمختلف مراحل تحقّقها الخارجية، من ترك
للمعصية، وأداء لما قد فات، وعدم المعاودة لما قد أعرض عنه الإنسان، تعبّر
بكل مظاهر تحقّقها الخارجية هذه عن موقف نفسي داخلي، أخذ ينمو في داخل
الذات الإنسانية ويمتد إلى خارجها، بشكل تصحيح سلوكي، ومواقف إنسانية
مستقيمة، بعد أن حقّق الوعي الإنساني عملية رفض جادّة للآثار الظلامية التي
تركتها الجرائم والأثام، في محاولة مخلصة لإعادة موازنة النفس إلى حالتها
الطبيعية، وتفجير ينابيع الخير في طرق النفس النامية باتّجاه الغايات
الإنسانية السليمة
ويجد التائب في رحاب الشريعة ما يشجّعه على التوبة والامتداد التغييري الجديد، كقول رسول الله (ص)
انّ العبد ليذنب الذنب فيدخل الجنّة
قيل وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال
يكون نصب عينيه، تائباً منه، فارّاً حتّى يدخل الجنّة
ذلك لأنّ الله تعالى قال
إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوابينَ ويُحِبُّ المُتطهِّرين (البقرة/ 222)
وقال رسول الله(ص)
التائب حبيب الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له
وقال
كفّارة الذنب الندامة
وقال الإمام الصادق(ع)
إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبّه الله فستر عليه
فهذه المجموعة من النصوص الإسلامية، العظيمة
في محتواها، الخطيرة الأثر في مجال انطباقها، تفتح أمام الإنسان الشاذ
والمجرم والمنحرف الذي يجنح للرذيلة ويوغل في الشذوذ فيرتكب الجرائم ويقترف
الآثام ويألف هذا اللون من الحياة.. حياة الشذوذ والأجرام.. تفتح أمامه
أبواب الأمل والعودة، لئلّا ييأس من نفسه، ويحكم عليها بانقطاع الأمل
والرجاء
لأن المجرم والمنحرف يدرك،
ولو في لحظة من لحظات الصّحو الوجداني، أو في ظل غمرة من غمرات الخواطر
العقلية النزيهة انّه انسان خارج على سنّة الوجود، وانّه عابِث متمرِّد،
ووجود ضار، وهو بذلك يشعر أنّ المجتمع يمقته، وينظر إليه كنفاية من نفايات
المجتمع، وإفراز مرضي خطر، يسمِّم حياة الناس الأسوياء، ويشكِّل خطراً على
أمنهم وسلامتهم، انّ هذا الفهم يترك عقدة الإحساس بالنقص تنمو.. لذا فإنّ
فتح باب التوبة خير عون لمثل هذا الإنسان، وأفضل مكسب يعيد إليه الثقة،
ويخلِّصه من الشعور بضغط المجتمع وازدرائه له
وبالفعل فإنّ المجتمع له قوّة ضغط نفسي هائل
على أعصاب الشاذ والمجرم، وهو كذلك ينظر باحتقار وزادراء لمن يمارس المعصية
أو يسقط في هاوية الرذيلة، وتبقى أحكامه هذه أساساً للتقويم والتعامل مع
هذا المجرم
فالّذي عُرِفَ
بالكذب، أو السلوك العدواني كالزِّناء والسرقة والخطف، أو اشتُهِرَ
بالخيانة والرِشوة وسفك الدماء، أو عُرِفَ عنه انّه سكِّير مدمن، أو مُنحرف
شاذ، يبقى المجتمع ينظر إليه بهذه النظرة ويعامله على هذا الأساس من
التقويم
فإذا نظر هذا الشاذ إلى نفسه؛ والقانون
يطارده، والمجتمع يزدريه ويترفّع عن التعامل معه، شعر بالنقمة على المجتمع،
وتمادى في الإسراف في الإنحراف؛ إن كان لا يأمل اصلاحاً، ولا يرجو تصحيحاً
لمفهوم المجتمع عنه
ألا أنّ الإسلام نظر إلى
المنحرف، والشاذ، والعاصي، نظرة إشفاق ورحمة، وكرّس جانباً كبيراً من
تشريعه وتوجيهاته لمعالجة هذا الإنسان وإصلاحه
قال تعالى
وَمَنْ يَعْمَل سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحيماً (النِّساء/ 110)
فباب التوبة مفتوح واُفق الرّحمة متّسِع لهذا
الإنسان إذا ما هو استفاق من غفلته، واستيقظ ضميره، وأحبّ العودة إلى حياة
الطّهر والإستقامة
وبذا بنى الإسلام موقفه
من التائب على أساس واقعي وتقويم عملي لحقيقة السلوك والآثار الناتجة عنه؛
فالسلوك هنا هو سلوك منحرف، وهو حقيقة وقعت، وأن ارتباط الإنسان بها
ومسؤوليته عنها ما زالت قائمة، إلّا انّ الله بعفوه قد أعطى الإنسان فرصة
فك هذا الارتباط الأثيم من الفعل والتخلّص من تبعاته
فلم يعد مسؤولاً عنه، ما زال ارتباطه النفسي والعقلي قد انقطع به
كفّارة الذنب الندامة
فيكون التائب بريئاً أمام نفسه ومجتمعه الذي
يحيط به من كل تبعة، أو فعل صدر منه ثمّ تاب منه؛ لأنّ المجتمع الإسلامي
يفهم معنى التوبة، ويؤمن بآثارها المترتبة عليها. فإذا عرف من المجرم
والعاصي توبته غفر له ما كان يُعرَف به، وبدّل نظرته عنه. لأنّ الله المالك
المتصرِّف في هذا الخلق، قد فتح له باب العودة والدخول في رحاب الحياة
النقيّة المستقيمة
التائب حبيب الله، والتائب عن الذنب كمن لا ذنب له
وعلى أساس هذا الإحساس الجديد تولد مشاعر
الإنسان الجديدة، ونظرته إلى نفسه، وتقوميه لنظرة الناس إليه، فيتحوّل من
إنسان يحس بالازدراء والرّفض من قِبَل المجتمع، وباليأس والشذوذ والتفاهة
من قِبَل نفسه، إلى إنسان يشعر بكرامته على الله، وعلى المجتمع الذي يحيط
به، فيغمره حبّه لله، وحبّ الله له، واحترام الآخرين لموقفه الجديد، فيكون
اندفاعه نحو الخير مخلصاً، واتّجاهه نحو الإصلاح صادقاً، بعد أن قاسى تجربة
الانحراف وعانى مرارة البُعْد عن الله والطّرد من رحمته، والشعور بوخزات
الضمير، ونقد المجتمع اللّاذع له
قال تعالى
قُلْ يا عِبادِيَ الَّذين
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ الله إنَّ
اللهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَميعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ
(الزّمر/ 53)
نسألكم الدعاء
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: التوبة ...افق الرحمة الواسعة
السبت 1 يناير 2011 - 20:28
وفقك الله واسعد خطاك وجعلنا
الله واياكم من التائبين
قال رسول الله (ص)
كلنا خطائون وخير الخطائين التوابون
علينا ان نجدد التوبه دائما لاننا مقصرون في حق الله
ونسال الله العلي القدير ان يغفر ذنوبنا بحق محمد وال محمد
الله واياكم من التائبين
قال رسول الله (ص)
كلنا خطائون وخير الخطائين التوابون
علينا ان نجدد التوبه دائما لاننا مقصرون في حق الله
ونسال الله العلي القدير ان يغفر ذنوبنا بحق محمد وال محمد
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: التوبة ...افق الرحمة الواسعة
الإثنين 3 يناير 2011 - 0:20
جازاك الله خيرا علي هذا الموضوع الرائع والبالغ الاهمية في ذات الوقت
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: التوبة ...افق الرحمة الواسعة
الإثنين 3 يناير 2011 - 14:29
- tarzanعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13088
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
رد: التوبة ...افق الرحمة الواسعة
الإثنين 3 يناير 2011 - 18:02
موضوع رائع ومفيد
تسلم الأيادي
تسلم الأيادي
- بابةنائب المدير
- الجنس :
عدد المساهمات : 11464
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
رد: التوبة ...افق الرحمة الواسعة
الأربعاء 5 يناير 2011 - 9:15
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: التوبة ...افق الرحمة الواسعة
الأربعاء 5 يناير 2011 - 15:44
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى