قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
+6
مجتهد
بابة
MATADOR
Bastos
Admin
ام منير
10 مشترك
- ام منيرعضو مميز
- الجنس :
عدد المساهمات : 480
تاريخ التسجيل : 05/11/2010
قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 2:08
قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
جبت لكم قصة محزنة
عجبتني و نقلتها من منتدى ....
اترككم مع ابو سالم صاحب القصه.....
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي‚ ما زلت أذكر تلك الليلة‚‚ بقيت إلى آخر الليل مع الشلة في إحدى الاستراحات‚ كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ‚ بل بالغيبة والتعليقات المحرمة‚ كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم‚‚ وغيبة الناس‚‚ وهم يضحكون‚
اذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيرا‚ كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد‚ بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي اسخر منه‚ اجل كنت اسخر من هذا وذاك‚ لم يسلم مني أحد حتى اصحابي‚ صار بعض الناس يتجنبني كي يسلم من لساني‚
أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسول في السوق‚ والادهى إني وضعت قدمي أمامه فتعثر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول‚‚ وانطلقت ضحكتي تدوي في السوق‚ عدت إلى بيتي متأخرا كالعادة‚ وجدت زوجتي في انتظاري‚‚ كانت في حالة يرثى لها‚ قالت بصوت متهدج: راشد‚‚ اين كنت؟ قلت ساخرا: في المريخ‚‚ عند أصحابي بالطبع‚‚ كان الإعياء ظاهرا عليها‚ قالت والعبرة تخنقها: راشد‚ أنا تعبة جدا‚‚ الظاهر ان موعد ولادتي صار وشيكا‚ سقطت دمعة صامتة على خدها‚‚ أحسست أني أهملت زوجتي‚‚ كان المفروض ان اهتم بها وأقلل من سهراتي‚‚ خاصة أنها في شهرها التاسع‚
حملتها إلى المستشفى بسرعة‚‚ دخلت غرفة الولادة‚‚ جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال‚ كنت انتظر ولادتها بفارغ الصبر‚‚ تعسرت ولادتها‚‚ فانتظرت طويلا حتى تعبت‚‚ فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني‚
بعد ساعة‚‚ اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم‚‚ ذهبت إلى المستشفى فورا‚ أول ما رأوني أسأل عن غرفتها‚‚ طلبوا مني مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي‚‚ صرختُ بهم: أي طبيبة؟! المهم أن أرى ابني سالم‚‚ قالوا‚‚ أولا‚‚ راجع الطبيبة‚‚ دخلت على الطبيبة‚‚ كلمتني عن المصائب‚‚ والرضا بالأقدار‚‚ ثم قالت: ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدو أنه فاقد البصر!!
خفضت رأسي‚‚ وأنا أدافع عبراتي‚‚ تذكرت ذاك المتسول الاعمى‚‚ الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس‚‚ سبحان الله كما تدين تدان! بقيت واجما قليلا‚‚ لا أدري ماذا أقول‚‚ ثم تذكرت زوجتي وولدي‚ فشكرت الطبيبة على لطفها‚‚ ومضيت لأرى زوجتي‚‚ لم تحزن زوجتي‚‚ كانت مؤمنة بقضاء الله‚‚ راضية‚‚ طالما نصحتني ان أكف عن الاستهزاء بالناس‚‚ كانت تردد دائما‚‚ لا تغتب الناس‚
خرجنا من المستشفى وخرج سالم معنا‚‚ في الحقيقة‚‚ لم أكن أهتم به كثيرا‚‚ اعتبرته غير موجود في المنزل‚ حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها‚‚ كانت زوجتي تهتم به كثيرا‚ وتحبه كثيرا‚‚
أما أنا فلم أكن أكرهه‚‚ لكني لم استطع ان أحبه! كبر سالم‚‚ بدأ يحبو‚‚ كانت حبوته غريبة‚‚ قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي‚‚ فاكتشفنا أنه أعرج‚‚ أصبح ثقيلا على نفسي أكثر‚ أنجبت زوجتي بعده عمر وخالدا‚‚ مرت السنوات‚‚ وكبر سالم‚‚ وكبر أخواه‚‚ كنت لا أحب الجلوس في البيت‚‚ دائما مع أصحابي‚‚ في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم‚ لم تيأس زوجتي من إصلاحي‚‚ كانت تدعو لي دائما بالهداية‚‚ لم تغضب من تصرفاتي الطائشة‚‚ لكنها كانت تحزن كثيرا إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته‚ كبر سالم‚‚ وكبر معه همي‚‚ لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في إحدى المدارس الخاصة بالمعاقين‚ لم أكن أحس بمرور السنوات‚‚ أيامي سواء‚‚ عمل ونوم وطعام وسهر‚
في يوم جمعة‚‚ استيقظت الساعة الحادية عشرة ظهرا‚‚ لا يزال الوقت مبكرا بالنسبة لي‚‚ كنت مدعوا إلى وليمة‚ لبست وتعطرت وهممت بالخروج‚
مررت بصالة المنزل‚‚ استوقفني منظر سالم‚‚ كان يبكي بحرقة!
إنها المرة الأولى التي انتبه فيها إلى سالم يبكي منذ كان طفلا‚‚ عشر سنوات مضت‚‚ لم ألتفت إليه‚‚ حاولت أن أتجاهله‚‚ فلم احتمل‚‚ كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة‚ التفت‚‚ ثم اقتربت منه‚‚ قلت: سالم! لماذا تبكي؟! حين سمع صوتي توقف عن البكاء‚‚ فلما شعر بقربي‚‚ بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين‚‚ ما به يا ترى؟! اكتشفت انه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحسست بي‚‚ أين أنت منذ عشر سنوات؟! تبعته‚‚ كان قد دخل غرفته‚‚ رفض ان يخبرني في البداية عن سبب بكائه‚ حاولت أتلطف معه‚‚ بدأ سالم يبين سبب بكائه‚‚ وأنا استمع إليه وانتفض‚‚ تدري ما السبب!! تأخر عليه أخوه عمر‚‚ الذي اعتاد ان يوصله إلى المسجد‚ ولأنها صلاة جمعة‚ خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول‚ نادى عمر‚‚ ونادى والدته‚‚ ولكن لا مجيب‚‚ فبكى‚‚ أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين‚
لم استطع ان أتحمل بقية كلامه‚ وضعت يدي على فمه‚‚ وقلت: لذلك بكيت يا سالم!! قال: نعم‚‚ نسيت أصحابي‚‚ ونسيت الوليمة‚ وقلت: سالم لا تحزن‚‚ هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟ قال: أكيد عمر‚‚ لكنه يتأخر دائما‚ قلت: لا‚‚ بل أنا سأذهب بك‚ دهش سالم‚ لم يصدق‚‚ ظن أني أسخر منه‚‚ استعبر ثم بكى‚‚ مسحت دموعه بيدي‚‚ وأمسكت يده‚ أردت أن أوصله بالسيارة‚‚ رفض قائلا: المسجد قريب‚‚ أريد ان أخطو إلى المسجد‚‚ أي والله قال لي ذلك‚
لا أذكر متى كانت آخر مرة دخلت فيها المسجد‚‚ لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف‚‚ والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية‚‚ كان المسجد مليئا بالمصلين‚‚ إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول‚ استمعنا لخطبة الجمعة معا وصلى بجانبي‚‚ بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه‚ بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا‚ استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت ان اتجاها طلبه‚‚ لكني جاملته خوفا من جرح مشاعره‚‚ ناولته المصحف‚ طلب مني ان افتح المصحف على صورة الكهف‚‚ أخذت أقلب الصفحات تارة‚‚ وأنظر في الفهرس تارة‚‚ حتى وجدتها‚‚ أخذ مني المصحف‚‚ ثم وضعه أمامه‚‚ وبدأ في قراءة السورة‚‚ وعيناه مغمضتان‚‚ يا الله!! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة!! خجلت من نفسي‚‚ أمسكت مصحفا‚ أحسست برعشة في أوصالي‚‚ قرأت‚‚ وقرأت‚‚ دعوت الله أن يغفر لي ويهديني‚‚ لم استطع الاحتمال‚‚ فبدأت أبكي كالأطفال‚
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة‚‚ خجلت منهم‚‚ فحاولت أن أكتم بكائي‚‚ تحول الكباء إلى شهيق‚ لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي‚‚ ثم تمسح علي دموعي‚‚ إنه سالم!! ضممته إلى صدري‚ نظرت إليه‚‚ قلت في نفسي‚‚ لست أنت الأعمى‚ بل أنا الأعمى‚‚ حين أنسقت وراء فساق يجرونني إلى النار‚ عدنا إلى المنزل‚‚ كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم‚ لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم‚‚ من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد‚ هجرت رفقاء السوء‚‚ وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد‚‚ ذقت طعم الإيمان معهم‚‚ عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا‚‚ لم أفت حلقة ذكر أو صلاة الوتر‚ ختمت القرآن عدة مرات في شهر‚ رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس‚‚ أحسست أني أكثر قربا من أسرتي‚‚ اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي‚‚ الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم‚ من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها‚ حمدت الله كثيرا على نعمه‚ ذات يوم‚‚ قرر أصحابي الصالحون أن يتوجهوا إلى إحدى المناطق البعيدة للدعوة‚ ترددت في الذهاب‚‚ استخرت الله‚‚ واستشرت زوجتي‚‚ توقعت أنها سترفض‚‚ لكن حدث العكس! فرحت كثيرا‚‚ بل شجعتني فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقا وفجورا‚‚ توجهت إلى سالم‚‚ أخبرته أني مسافر‚‚ ضمني بذراعيه الصغيرين مودعا‚‚ تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف‚
كنت خلال تلك الفترة اتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدث أبنائي‚‚ اشتقت إليهم كثيرا‚‚آآآه كم اشتقت إلى سالم!! تمنيت سماع صوته‚‚ هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت‚‚ إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم‚‚ كلما حدثت زوجتي عن شوقي إليه‚‚ كانت تضحك فرحا وبشرا‚‚ إلا آخر مرة هاتفتها فيها‚‚ لم اسمع ضحكتها المتوقعة‚‚ تغير صوتها‚‚ قلت لها: أبلغي سلامي لسالم‚‚ فقالت: إن شاء الله‚‚ وسكتت‚‚ أخيرا عدت إلى المنزل‚‚ طرقت الباب‚‚ تمنيت أن يفتح لي سالم‚‚ لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره‚‚ حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا‚‚ بابا‚‚ لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت‚‚ استعذت بالله من الشيطان الرجيم‚ أقبلت إليّ زوجتي‚‚ كان وجهها متغيرا‚‚ كأنها تتصنع الفرح‚‚ تأملتها جيدا‚‚ ثم سألتها: ما بك؟ قالت: لا شيء‚‚ فجأة تذكرت سالما‚‚ فقلت‚‚ أين سالم؟ خفضت رأسها‚‚ لم تجب‚‚ سقطت دمعات حارة على خديها‚‚ صرخت بها‚‚ سالم‚‚ أين سالم؟ لم اسمع حينها سوى صوت ابني خالد‚‚ يقول بلثغته: بابا‚‚ ثالم لاح الجنة‚‚ عند الله‚‚ لم تتحمل زوجتي الموقف‚‚ أجهشت بالبكاء‚‚ كادت أن تسقط على الأرض‚‚ فخرجت من الغرفة‚‚ عرفت بعدها أن سالم أصابته حمى قبل موعد مجيئي بأسبوعين‚‚ فأخذته زوجتي إلى المستشفى‚‚ فاشتدت عليه الحمى‚‚ ولم تفارقه‚‚ حين فارقت روحه جسده‚ منقوووووول
جبت لكم قصة محزنة
عجبتني و نقلتها من منتدى ....
اترككم مع ابو سالم صاحب القصه.....
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي‚ ما زلت أذكر تلك الليلة‚‚ بقيت إلى آخر الليل مع الشلة في إحدى الاستراحات‚ كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ‚ بل بالغيبة والتعليقات المحرمة‚ كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم‚‚ وغيبة الناس‚‚ وهم يضحكون‚
اذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيرا‚ كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد‚ بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي اسخر منه‚ اجل كنت اسخر من هذا وذاك‚ لم يسلم مني أحد حتى اصحابي‚ صار بعض الناس يتجنبني كي يسلم من لساني‚
أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسول في السوق‚ والادهى إني وضعت قدمي أمامه فتعثر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول‚‚ وانطلقت ضحكتي تدوي في السوق‚ عدت إلى بيتي متأخرا كالعادة‚ وجدت زوجتي في انتظاري‚‚ كانت في حالة يرثى لها‚ قالت بصوت متهدج: راشد‚‚ اين كنت؟ قلت ساخرا: في المريخ‚‚ عند أصحابي بالطبع‚‚ كان الإعياء ظاهرا عليها‚ قالت والعبرة تخنقها: راشد‚ أنا تعبة جدا‚‚ الظاهر ان موعد ولادتي صار وشيكا‚ سقطت دمعة صامتة على خدها‚‚ أحسست أني أهملت زوجتي‚‚ كان المفروض ان اهتم بها وأقلل من سهراتي‚‚ خاصة أنها في شهرها التاسع‚
حملتها إلى المستشفى بسرعة‚‚ دخلت غرفة الولادة‚‚ جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال‚ كنت انتظر ولادتها بفارغ الصبر‚‚ تعسرت ولادتها‚‚ فانتظرت طويلا حتى تعبت‚‚ فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني‚
بعد ساعة‚‚ اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم‚‚ ذهبت إلى المستشفى فورا‚ أول ما رأوني أسأل عن غرفتها‚‚ طلبوا مني مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي‚‚ صرختُ بهم: أي طبيبة؟! المهم أن أرى ابني سالم‚‚ قالوا‚‚ أولا‚‚ راجع الطبيبة‚‚ دخلت على الطبيبة‚‚ كلمتني عن المصائب‚‚ والرضا بالأقدار‚‚ ثم قالت: ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدو أنه فاقد البصر!!
خفضت رأسي‚‚ وأنا أدافع عبراتي‚‚ تذكرت ذاك المتسول الاعمى‚‚ الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس‚‚ سبحان الله كما تدين تدان! بقيت واجما قليلا‚‚ لا أدري ماذا أقول‚‚ ثم تذكرت زوجتي وولدي‚ فشكرت الطبيبة على لطفها‚‚ ومضيت لأرى زوجتي‚‚ لم تحزن زوجتي‚‚ كانت مؤمنة بقضاء الله‚‚ راضية‚‚ طالما نصحتني ان أكف عن الاستهزاء بالناس‚‚ كانت تردد دائما‚‚ لا تغتب الناس‚
خرجنا من المستشفى وخرج سالم معنا‚‚ في الحقيقة‚‚ لم أكن أهتم به كثيرا‚‚ اعتبرته غير موجود في المنزل‚ حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها‚‚ كانت زوجتي تهتم به كثيرا‚ وتحبه كثيرا‚‚
أما أنا فلم أكن أكرهه‚‚ لكني لم استطع ان أحبه! كبر سالم‚‚ بدأ يحبو‚‚ كانت حبوته غريبة‚‚ قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي‚‚ فاكتشفنا أنه أعرج‚‚ أصبح ثقيلا على نفسي أكثر‚ أنجبت زوجتي بعده عمر وخالدا‚‚ مرت السنوات‚‚ وكبر سالم‚‚ وكبر أخواه‚‚ كنت لا أحب الجلوس في البيت‚‚ دائما مع أصحابي‚‚ في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم‚ لم تيأس زوجتي من إصلاحي‚‚ كانت تدعو لي دائما بالهداية‚‚ لم تغضب من تصرفاتي الطائشة‚‚ لكنها كانت تحزن كثيرا إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته‚ كبر سالم‚‚ وكبر معه همي‚‚ لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في إحدى المدارس الخاصة بالمعاقين‚ لم أكن أحس بمرور السنوات‚‚ أيامي سواء‚‚ عمل ونوم وطعام وسهر‚
في يوم جمعة‚‚ استيقظت الساعة الحادية عشرة ظهرا‚‚ لا يزال الوقت مبكرا بالنسبة لي‚‚ كنت مدعوا إلى وليمة‚ لبست وتعطرت وهممت بالخروج‚
مررت بصالة المنزل‚‚ استوقفني منظر سالم‚‚ كان يبكي بحرقة!
إنها المرة الأولى التي انتبه فيها إلى سالم يبكي منذ كان طفلا‚‚ عشر سنوات مضت‚‚ لم ألتفت إليه‚‚ حاولت أن أتجاهله‚‚ فلم احتمل‚‚ كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة‚ التفت‚‚ ثم اقتربت منه‚‚ قلت: سالم! لماذا تبكي؟! حين سمع صوتي توقف عن البكاء‚‚ فلما شعر بقربي‚‚ بدأ يتحسس ما حوله بيديه الصغيرتين‚‚ ما به يا ترى؟! اكتشفت انه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآن أحسست بي‚‚ أين أنت منذ عشر سنوات؟! تبعته‚‚ كان قد دخل غرفته‚‚ رفض ان يخبرني في البداية عن سبب بكائه‚ حاولت أتلطف معه‚‚ بدأ سالم يبين سبب بكائه‚‚ وأنا استمع إليه وانتفض‚‚ تدري ما السبب!! تأخر عليه أخوه عمر‚‚ الذي اعتاد ان يوصله إلى المسجد‚ ولأنها صلاة جمعة‚ خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول‚ نادى عمر‚‚ ونادى والدته‚‚ ولكن لا مجيب‚‚ فبكى‚‚ أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين‚
لم استطع ان أتحمل بقية كلامه‚ وضعت يدي على فمه‚‚ وقلت: لذلك بكيت يا سالم!! قال: نعم‚‚ نسيت أصحابي‚‚ ونسيت الوليمة‚ وقلت: سالم لا تحزن‚‚ هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟ قال: أكيد عمر‚‚ لكنه يتأخر دائما‚ قلت: لا‚‚ بل أنا سأذهب بك‚ دهش سالم‚ لم يصدق‚‚ ظن أني أسخر منه‚‚ استعبر ثم بكى‚‚ مسحت دموعه بيدي‚‚ وأمسكت يده‚ أردت أن أوصله بالسيارة‚‚ رفض قائلا: المسجد قريب‚‚ أريد ان أخطو إلى المسجد‚‚ أي والله قال لي ذلك‚
لا أذكر متى كانت آخر مرة دخلت فيها المسجد‚‚ لكنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف‚‚ والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية‚‚ كان المسجد مليئا بالمصلين‚‚ إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول‚ استمعنا لخطبة الجمعة معا وصلى بجانبي‚‚ بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه‚ بعد انتهاء الصلاة طلب مني سالم مصحفا‚ استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت ان اتجاها طلبه‚‚ لكني جاملته خوفا من جرح مشاعره‚‚ ناولته المصحف‚ طلب مني ان افتح المصحف على صورة الكهف‚‚ أخذت أقلب الصفحات تارة‚‚ وأنظر في الفهرس تارة‚‚ حتى وجدتها‚‚ أخذ مني المصحف‚‚ ثم وضعه أمامه‚‚ وبدأ في قراءة السورة‚‚ وعيناه مغمضتان‚‚ يا الله!! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة!! خجلت من نفسي‚‚ أمسكت مصحفا‚ أحسست برعشة في أوصالي‚‚ قرأت‚‚ وقرأت‚‚ دعوت الله أن يغفر لي ويهديني‚‚ لم استطع الاحتمال‚‚ فبدأت أبكي كالأطفال‚
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة‚‚ خجلت منهم‚‚ فحاولت أن أكتم بكائي‚‚ تحول الكباء إلى شهيق‚ لم أشعر إلا بيد صغيرة تتلمس وجهي‚‚ ثم تمسح علي دموعي‚‚ إنه سالم!! ضممته إلى صدري‚ نظرت إليه‚‚ قلت في نفسي‚‚ لست أنت الأعمى‚ بل أنا الأعمى‚‚ حين أنسقت وراء فساق يجرونني إلى النار‚ عدنا إلى المنزل‚‚ كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم‚ لكن قلقها تحول إلى دموع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم‚‚ من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد‚ هجرت رفقاء السوء‚‚ وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد‚‚ ذقت طعم الإيمان معهم‚‚ عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا‚‚ لم أفت حلقة ذكر أو صلاة الوتر‚ ختمت القرآن عدة مرات في شهر‚ رطبت لساني بالذكر لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس‚‚ أحسست أني أكثر قربا من أسرتي‚‚ اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي‚‚ الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم‚ من يراه يظنه ملك الدنيا وما فيها‚ حمدت الله كثيرا على نعمه‚ ذات يوم‚‚ قرر أصحابي الصالحون أن يتوجهوا إلى إحدى المناطق البعيدة للدعوة‚ ترددت في الذهاب‚‚ استخرت الله‚‚ واستشرت زوجتي‚‚ توقعت أنها سترفض‚‚ لكن حدث العكس! فرحت كثيرا‚‚ بل شجعتني فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقا وفجورا‚‚ توجهت إلى سالم‚‚ أخبرته أني مسافر‚‚ ضمني بذراعيه الصغيرين مودعا‚‚ تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف‚
كنت خلال تلك الفترة اتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدث أبنائي‚‚ اشتقت إليهم كثيرا‚‚آآآه كم اشتقت إلى سالم!! تمنيت سماع صوته‚‚ هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت‚‚ إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم‚‚ كلما حدثت زوجتي عن شوقي إليه‚‚ كانت تضحك فرحا وبشرا‚‚ إلا آخر مرة هاتفتها فيها‚‚ لم اسمع ضحكتها المتوقعة‚‚ تغير صوتها‚‚ قلت لها: أبلغي سلامي لسالم‚‚ فقالت: إن شاء الله‚‚ وسكتت‚‚ أخيرا عدت إلى المنزل‚‚ طرقت الباب‚‚ تمنيت أن يفتح لي سالم‚‚ لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره‚‚ حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا‚‚ بابا‚‚ لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت‚‚ استعذت بالله من الشيطان الرجيم‚ أقبلت إليّ زوجتي‚‚ كان وجهها متغيرا‚‚ كأنها تتصنع الفرح‚‚ تأملتها جيدا‚‚ ثم سألتها: ما بك؟ قالت: لا شيء‚‚ فجأة تذكرت سالما‚‚ فقلت‚‚ أين سالم؟ خفضت رأسها‚‚ لم تجب‚‚ سقطت دمعات حارة على خديها‚‚ صرخت بها‚‚ سالم‚‚ أين سالم؟ لم اسمع حينها سوى صوت ابني خالد‚‚ يقول بلثغته: بابا‚‚ ثالم لاح الجنة‚‚ عند الله‚‚ لم تتحمل زوجتي الموقف‚‚ أجهشت بالبكاء‚‚ كادت أن تسقط على الأرض‚‚ فخرجت من الغرفة‚‚ عرفت بعدها أن سالم أصابته حمى قبل موعد مجيئي بأسبوعين‚‚ فأخذته زوجتي إلى المستشفى‚‚ فاشتدت عليه الحمى‚‚ ولم تفارقه‚‚ حين فارقت روحه جسده‚ منقوووووول
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 14:45
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 - 23:41
- MATADORعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4892
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الأحد 5 ديسمبر 2010 - 0:35
شكرا لك على الموضوع الرائع
أطال الله في عمرك
أطال الله في عمرك
- بابةنائب المدير
- الجنس :
عدد المساهمات : 11464
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الجمعة 10 ديسمبر 2010 - 23:40
- مجتهدعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3535
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
السبت 18 ديسمبر 2010 - 14:53
- ياسينعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4375
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
السبت 18 ديسمبر 2010 - 15:53
مشكور كثير على الموضوع الرائع
تقبل مروري
تقبل مروري
- فرسعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4030
تاريخ التسجيل : 16/07/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الأحد 19 ديسمبر 2010 - 20:49
- داديعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13031
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الأحد 26 ديسمبر 2010 - 17:02
شكرا لك على المجهود الطيب
كلمات معبرة ومتميزة
كلمات معبرة ومتميزة
- Tulipe-Rougeعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4551
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: قصة واقعية اتحدى اي واحد يقرها وما تدمع عينه
الأحد 26 ديسمبر 2010 - 19:31
لك تحياتي العطرة
على الموضوع الرائع والمفيد
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى