حوار خاص.. فرحات مهني رئيس حكومة القبايل بالمنفى لـ”كود”: اشتركنا مع المغرب في مقاومة الاحتلال العثماني والفرنسي ونطالب من المملكة المغربية الدعم الدبلوماس

هشام أعناجي ــ كود الرباط//

كشف فرحات مهني رئيس الحكومة المؤقتة للقبايل بالمنفى، وزعيم حركة التحرر من الاستعمار الجزائري، في حوار خاص مع “كود”، عن معطيات تاريخية تهم الجوانب المشتركة بين منطقة القبايل والمغرب.

ويشرح مهني في هذا الحوار، كيف كانت القبايل مملكة مستقلة لم يستطع الأتراك (الدولة العثمانية) السيطرة عليها، موضحا أن “القبايل تتمتع بمقومات الدولة وأنها أشرفت على الحجر الصحي في منطقة القبايل، كما قاطع الشعب الانتخابات والاستفتاء”.

وقال إن حركته سلمية سياسية وتنتظر دعما غربيا. مشيرا إلى دور المغرب في مساندة المقاومة الجزائرية. خاتما قوله بأن عدم امتنان القيادة الجزائرية بعد الاستقلال للمغرب لايجب أن ينسينا الاحترام الكبير الذي يكنه القبايليون للمغرب.

وإليكم نص الحوار:

1- ما هي آخر تطورات نضال القبايل من أجل التحرر؟

هناك ثلاث عوامل رئيسية في هذا الصدد: أولا تصاعد المطالب المعبرة عن عزم كبير من أجل نيل الاستقلال، ثانيا مقاومة القمع الذي يمارسه الاستعمار، وثالثا توالي المبادرات والمكاسب المؤسساتية في اتجاه بناء دولة القبايل.

في غضون سنة، شكلت كل من مقاطعة الانتخابات الرئاسية الجزائرية يوم 12 دجنبر 2019، ومقاطعة الاستفتاء الدستوري في الأول من نوفمبر 2020، في حد ذاتهما تصويتا بـ100 بالمائة لصالح استقلال القبايل. كما أن هذه المقاطعة كانت بمثابة نكسة حقيقية لكل من يريد أن تبقى القبايل تحت سيطرة الجزائر، سواء كان ذلك من خلال الجهوية أو الحكم الذاتي أو الفدرالي.

وقد مكن الحجر الصحي الذي أقرته الحكومة المؤقتة للقبايل في المنفى (المعروفة اختصارا بالفرنسية بـANAVAD) في 13 مارس 2010 من إنقاذ حياة العديد من الناس من خلال تشجيع خلق لجان يقظة التي أشرفت على الحجر الصحي وواجهة الدرك الوطني الاستعماري الذي سعى لوقف هذه المبادرات التي أخذها مواطنو لقبايل في مداشرهم.

وبفضل حملات التضامن على وسائل التواصل الاجتماعي ولتعبئة في الميدان، تمكنا من توزيع وسائل الوقاية ضد الوباء، وفي نفس الوقت النظام الجزائري ذو الإمكانيات المالية الضخمة ينهب الجزائريين عوض مساعدتهم لمواجهة الوباء والبطالة.

وفي محاولة لكسر انضباطنا لصد تفشي فيروس كورونا، قام النظام بفتح الباب أمام موجة ثانية من الوباء الذي انتشر في القبايل حاليا في اطار مقاربة “صفر قبايلي” التي تدخل في اطار تطهير عرقي معلن. ولكن سنقف له بالمرصاد.

كما قمنا بإصدار جواز سفر قبايلي وأسسنا برلمانا خاصا بنا، وفي هذا الصدد، أود تهنئة جميع القبايليين الجريئين الذين ساهموا في وضع أسس أول برلمان عصري في تاريخ القبايل، كما أحيي القوى السياسية التي انخرطت فيه.

ومازلنا ننتظر رد الأمم المتحدة على وثيقة تقرير المصير للشعب القبايلي التي أرسلناها للأمين العام للأمم المتحدة في 28 سبتمبر 2017.

وأخيرا هناك طلب كبير جدا على البطاقة الوطنية القبايلية التي تمنحها مصالح الخدمة المدنية.

وتبقى مقاومة أطرنا ومناضلينا للقمع حقيقة ملموسة. فالاضطهاد الجزائري لم يعد مقبولا بغض النظر عن الصمت المخزي وتواطؤ الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان والمعارضة التي تدعي “الديمقراطية” الذين يتذرعون بكوننا نسعى للاستقلال من أجل إلغاء الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يستند عليه النظام العالمي الحالي. إنهم بفضلون دعم الأجانب ويشجعون بطريقة غير مباشرة القمع الذي يتعرض له المناضلون القبايليون.

2- شن النظام الجزائري مؤخرا باعتقالات واسعة في صفوف مناضليين القبايليين، كيف تفسرون هذه الحملة العدائية؟

الالتجاء للقمع السياسي يعكس أهمية الخصم. لقد أصبحنا قوة تعارض السلطة الحالية. فالآن ، القبايل تعتبر نفسها أمة بكل ماتحمله الكلمة من معنى وترفض أي وصاية سياسية خارجية. القمع الحالي سيفشل بدون شك. فاللجوء إلى القمع المتكرر لحركة استقلال القبايل (MAK) يعكس غالبا الهشاشة التي تسود في قمة هرم السلطات الاستعمارية الجزائرية، حيث يتم استعمال القمع كوسيلة لإلهاء الرأي العام أمام احتدام الحرب وتفكك الأقطاب المسيطرة على الجهاز العسكري. كما أن فشل خيار تبون كرئيس متحكم فيه عن بعد ونقله بشكل استعجالي إلى ألماني، قد يكون كذلك سببا في تنامي القمع واندلاع حرب البوليساريو.

3- أين تكمن أهمية الدعم المغربي لاستقلال القبايل ولماذا سيكون هذا الدعم حاسما؟

المغاربة جيراننا وأبناء أعمامنا وأخوالنا، ولدينا اتحاد شمال افريقي يتعين علينا بناؤه سوية على أنقاض ما يسمى باتحاد المغرب العربي الغير مناسب. وهنا أتذكر أحد الهنود الأمريكيين سألته، قبل 25 سنة، حول هويته وأجابني “يدعوننا بالأمريكيين الهنديين amerindiens لكننا لسنا أمريكيين ولا هنديين.” نحن الشمال افريقيون لسنا عربا ولا مغاربيين، نحن شعوب أمازيغية لها مميزاتها وغيرتها على خصوصياتها وعلى القواسم المشتركة بينها.

4- أي نوع من الدعم تنتظرون من المغرب؟

نحن لسنا ماديين، بل وطنيون قبايليون واقعيون. نحن نتمنى أن يفهمنا المغرب ويدعمنا دبلوماسيا. في انتظار نيل الاستقلال، سيكون حصولنا على دعم ثقيل من وزن المغرب داخل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الافريقي (الذي طلبت القبايل انضمامها اليه) والاتحاد الأوروبي بمثابة دفعة قوية سيعبر فيها القبايل عن امتنانها الدائم. أن يمنح المغرب للقبايل أول تمثيلية دبلوماسية في تاريخها سيكون حدثا محوريا سيتم تذكره عبر التاريخ.

5- سبق وأن شرحتم كيف أن الجزائر ليست دولة أمة، هل يمكن أن تشرحوا لنا؟

عكس المغرب الذي تميز باستمرارية الدولة بشكل غير منقطع منذ عهد موريطانيا الطنجية مع توالي السلالات الحاكمة مثل المرابطين والموحدين، فإن الجزائر صنيعة استعمارية خلقها الاستعمار الفرنسي ابتداء من 1830 مع مرسوم الجنرال شنايدر وزير الحرب في 14 أكتوبر 1839.

6- هل القبايل تتوفر على مقومات الدولة تاريخيا وبشريا واقتصاديا؟

القبايل كانت مملكة لم يتمكن الأتراك من الانتصار عليها، وكانت لديها علاقات مع ملك اسبانيا خلال القرنين 17 و18 وكذلك مع ملك المغرب الذي أرسل 1000 من المقاتلين لمساعدة مولاي مالك لاستتباب الأمن في أراضيه.

فقبل معركة أشريدن في 24 يونيو 1857 ضد جيش ماك ماهون، كانت القبايل أمة مستقلة كما تشهد على ذلك خرائط تلك الفترة. كانت الجزائر الفرنسية في حسن جوار مع القبايل المستقلة، وتعايشت الجزاير والقبايل آنذاك جنبا إلى جنب، إلا أن الاحتلال باستعمال القوة للقبايل من كانت له عواقب وخيمة على الاستعمار الفرنسي، لأن القبايل كانت قد عقدت العزم على عدم قبول الهيمنة الاستعمارية مما أدى إلى اندلاع حرب الجزائر، وكانت مرحلة مؤلمة ومنهكة. وغداة الاستقلال يوم 5 يوليوز 1962، استيقظت القبايل على هيمنة جزائرية، وحملت السلاح في وقت كان معظم رجالها قد قضوا في حرب الجزائر. وخسرت القبايل المعركة العسكرية إلا أن الكفاح يستمر سياسيا وسلميا. وهنا يأتي دور حركة استقلال القبايل MAK والذي يبني دولة لقبايل التي دمرها الاستعمار.

7- هل يمكن أن يتخذ نضالكم السلمي أشكالا أخرى في المستقبل؟

لن يكون ذلك تحت أوامري

8- ماذا تقولون للذين يريدون تأسيس جمهورية عربية فوق أرض أمازيغية؟

هذه إهانة للأمازيغ. وهذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا. نحن لسنا ضد الدول العربية وجامعتهم ولكن لن نقبل بأن يتم سرقة أراضينا من أي كان.

9- كيف تصفون العلاقات التي كانت بين المقاومين المغاربة ونظرائهم في القبايل خلال حرب التحرير ضد المستعمر؟

يرجع الفضل للمغرب في منح القياديين العسكريين القبايليين مثل حسين أيت أحمد وكريم بلقاسم جوازات سفر للتنقل عبر العالم. المغرب مكن كذلك من إيصال السلاح انطلاقا من أراضيه إلى الجزائر بغض النظر عن خط موريس.

إلا أن جماعة وجدة التي كانت تستعد للاستيلاء على الحكم في الجزائر، كان لها دور هدام. المغرب بالفعل مثل تونس كانا القاعدة الخلفية للمقاومة الجزائرية.

عدم امتنان قيادة الجزائر تجاه المغرب منذ 1962 لاينبغي أن ينسينا عن الاحترام الكبير الذي تكنه القبايل للمغرب.