السنة ومكانتها
+31
FOR4ever
Bastos
بلال
Sahtout
سحتوت2
Kojack
MATMOUR-Dz
الشيخ-سعدان
نهرو
FIFI
JABAdor
TOTO
المهدي كارسيلا
chykabala
ABBASSE
ياسين
محب الله
Oussama
donkichot
عربي
ام بدر
ZIDANE
K1sayda
مصطفى
سراج_الدين
chiguivara_dz
حسن
FLAT
tarzan
PRINCESSA
Admin
35 مشترك
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
السنة ومكانتها
الخميس 25 سبتمبر 2014 - 11:51
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا بحث مهم يتعلق بالسنة، وأنها الأصل الثاني من أصول الإسلام؛ يجب الأخذ بها والاعتماد عليها إذا صحت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقول: من المعلوم عند جميع أهل العلم أن السنة هي الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأن مكانتها في الإسلام الصدارة بعد كتاب الله - عز وجل -، فهي الأصل المعتمد بعد كتاب الله- عز وجل - بإجماع أهل العلم قاطبة، وهي حجة قائمة مستقلة على جميع الأمة، من جحدها أو أنكرها أو زعم أنه يجوز الإعراض عنها والاكتفاء بالقرآن فقط فقد ضل ضلالاً بعيداً وكفر كفراً أكبر وارتد عن الإسلام بهذا المقال، فإنه بهذا المقال وبهذا الاعتقاد يكون قد كذَّب الله ورسوله، وأنكر ما أمر الله به ورسوله، وجحد أصلاً عظيماً فرض الله الرجوع إليه والاعتماد عليه والأخذ به، وأنكر إجماع أهل العلم عليه، وكذَّب به، وجحده.
وقد أجمع علماء الإسلام على أن الأصول المجمع عليها ثلاثة:
الأصل الأول: كتاب الله، والأصل الثاني: سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، والأصل الثالث: إجماع أهل العلم. وتنازع أهل العلم في أصول أخرى، أهمها: القياس، والجمهور على أنه أصل رابع إذا استوفى شروطه المعتبرة.
أما السنة: فلا نزاع ولا خلاف في أنها أصل مستقل، وأنها هي الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأن الواجب على جميع المسلمين، بل على جميع الأمة الأخذ بها، والاعتماد عليها، والاحتجاج بها إذا صح السند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد دل على هذا المعنى آيات كثيرات من كتاب الله، وأحاديث صحيحة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، كما دل على هذا المعنى إجماع أهل العلم قاطبة على وجوب الأخذ بها، والإنكار على من أعرض عنها أو خالفها.
وقد نبغت نابغة في صدر الإسلام أنكرت السنة بسبب تهمتها للصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم، كالخوارج، فإن الخوارج كفَّروا كثيراً من الصحابة، وفسَّقوا كثيراً منهم، وصاروا لا يعتمدون بزعمهم إلا على كتاب الله؛ لسوء ظنهم بأصحاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، وتابعتهم الرافضة، فقالوا: لا حجة إلا فيما جاء من طريق أهل البيت فقط، وما سوى ذلك لا حجة فيه.
ونبغت نابغة بعد ذلك، ولا يزال هذا القول يذكر فيما بين وقت وآخر، وتسمى هذه النابغة الأخيرة القرآنية، ويزعمون أنهم أهل القرآن، وأنهم يحتجون بالقرآن فقط، وأن السنة لا يحتج بها؛ لأنها إنما كتبت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة طويلة، ولأن الإنسان قد ينسى وقد يغلط، ولأن الكتب قد يقع فيها غلط، إلى غير هذا مما قالوا من الترهات، والخرافات، والآراء الفاسدة، وزعموا أنهم بذلك يحتاطون لدينهم؛ فلا يأخذون إلا بالقرآن فقط. وقد ضلوا عن سواء السبيل، وكذبوا، وكفروا بذلك كفراً أكبر بواحاً.
فإن الله - عز وجل - أمر بطاعة رسوله - عليه الصلاة والسلام -، واتباع ما جاء به وسمَّى كلامه وحياً في قوله - تعالى -: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[1] ولو كان رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يتبع ولا يطاع لم يكن لأوامره ونواهيه قيمة.
وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - أن تبلغ سنته، فكان إذا خطب أمر أن تبلغ السنة؛ فدل ذلك على أن سنته - صلى الله عليه وسلم - واجبة الاتباع، وعلى أن طاعته واجبة على جميع الأمة، كما تجب طاعة الله تجب طاعة رسوله - عليه الصلاة والسلام -. ومن تدبر القرآن العظيم وجد ذلك واضحاً، قال - تعالى -في كتابه الكريم في سورة آل عمران: وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ، وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[2] فقرن طاعة الرسول بطاعته - سبحانه -، وقال - تعالى -: وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[3] فعلق الرحمة بطاعة الله ورسوله، وقال - سبحانه - أيضاً في سورة آل عمران: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ[4]، وقال - سبحانه - في سورة النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[5] فأمر - سبحانه - بطاعته وطاعة رسوله أمراً مستقلا، وكرر الفعل في ذلك: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ، ثم قال: وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ولم يكرر الفعل؛ لأن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله وإنما تجب في المعروف حيث كان ما أمروا به من طاعة الله ورسوله ومما لا يخالف أمر الله ورسوله، ثم بين أن العمدة في طاعة الله ورسوله فقال: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ولم يقل - سبحانه - إلى أولي الأمر منكم، بل قال: إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ؛ فدل ذلك على أن الرد في مسائل النزاع والخلاف إنما يكون لله ولرسوله. قال العلماء معنى إلى الله: الرد إلى كتاب الله، ومعنى والرسول: الرد إلى الرسول في حياته، وإلى سنته بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام -.
فعُلِمَ بذلك أن سنته مستقلة، وأنها أصل متبع. وقال - جل وعلا -: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ[6] وقال - سبحانه -: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا[7] وقبلها قوله - جل وعلا -: فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[8] فجعل الفلاح لمن اتبعه - عليه الصلاة والسلام -؛ لأن السياق فيه - عليه الصلاة والسلام -: فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فذكر أن الفلاح لهؤلاء المتبعين لنبي الله - عليه الصلاة والسلام - دون غيرهم؛ فدل ذلك على أن من أنكر سنته ولم يتبعه فإنه ليس بمفلح وليس من المفلحين، ثم قال بعدها: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ يعني قل يا محمد: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[9] فعلق الهداية باتباعه - عليه الصلاة والسلام -؛ فدل ذلك على وجوب طاعته، واتباع ما جاء به من الكتاب والسنة - عليه الصلاة والسلام -. وقال - عز وجل - في آيات أخرى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ[10] وقال - جل وعلا - أيضاً في هذه السورة سورة النور: وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[11] فأفرد طاعته وحدها بقوله: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قال في آخر السورة سورة النور: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[12] فذكر - جل وعلا - أن المخالف لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - على خطر عظيم من أن تصيبه فتنة بالزيغ والشرك والضلال أو عذاب أليم، نعوذ بالله من ذلك، وقال - عز وجل - في سورة الحشر: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[13].
فهذه الآيات وما جاء في معناها كلها دالة على وجوب اتباعه وطاعته - عليه الصلاة والسلام -، وأن الهداية والرحمة والسعادة والعاقبة الحميدة كلها في اتباعه وطاعته - عليه الصلاة والسلام -، فمن أنكر ذلك فقد أنكر كتاب الله، ومن قال إنه يتبع كتاب الله دون السنة فقد كذب وغلط وكفر؛ فإن القرآن أمر باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمن لم يتبعه فإنه لم يعمل بكتاب الله، ولم يؤمن بكتاب الله، ولم يَنْقَد لكتاب الله، إذ كتاب الله أمر بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأمر باتباعه، وحذر من مخالفته - عليه الصلاة والسلام -، فمن زعم أنه يأخذ بالقرآن، وحذر من مخالفته - عليه الصلاة والسلام -، فمن زعم أنه يأخذ بالقرآن، ويتبع القرآن دون السنة فقد كذب؛ لأن السنة جزء من القرآن، فطاعة الرسول جزء من القرآن، وقد دل على الأخذ بها القرآن، وأمر بالأخذ بها القرآن، فلا يمكن أن ينفك هذا عن هذا، ولا يمكن أن يكون الإنسان متبعا للقرآن بدون اتباع السنة، ولا يكون متبعاً للسنة بدون اتباع القرآن، فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر. ومما جاء في السنة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ما رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمة الله عليهما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني))[14]. وفي صحيح البخاري رحمة الله عليه عن أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل: يا رسول الله، ومن يأبى، قال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))[15]. وهذا واضح في أن من عصاه فقد عصى الله، ومن عصاه فقد أبى دخول الجنة والعياذ بالله. وفي المسند وأبي داود وصحيح الحاكم بإسناد جيد عن المقدام بن معدي كرب الكندي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه)) والكتاب هو القرآن، ومثله معه يعني: السنة، وهي الوحي الثاني: ((ألا يوشك رجل شبعان يتكئ على أريكته، يُحدَّث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينهم كتاب الله؛ ما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه))[16]، وفي لفظ: ((يوشك رجل شبعان على أريكته، يُحدَّث بالأمر من أمري؛ مما أمرت به ونهيت عنه، يقول بيننا وبينكم كتاب الله؛ ما وجدنا فيه اتبعناه. ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله))[17]. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب على جميع الأمة أن تعظم سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وأن تعرف قدرها، وأن تأخذ بها، وتسير عليها، فهي الشارحة والمفسرة لكتاب الله - عز وجل -، والدالة على ما قد يخفى من كتاب الله، والمقيدة لما قد يطلق من كتاب الله، والمخصصة بما قد يعم من كتاب الله، ومن تدبر كتاب الله وتدبر السنة عرف ذلك؛ لأن الله - جل وعلا - يقول: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[18] فهو المبين للناس ما نزل إليهم - عليه الصلاة والسلام -، فإذا كانت سنته غير معتبرة ولا يحتج بها فكيف يبين للناس دينهم وكتاب ربهم، هذا من أبطل الباطل؛ فعلم بذلك أنه المبين لما قاله الله، وأنه الشارح لما قد يخفى من كتاب الله، وقال في آية أخرى في سورة النحل: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[19] فبين - جل وعلا - أنه أنزل الكتاب عليه ليبين للناس ما اختلفوا فيه. فإذا كانت سنته لا تبين للناس ولا تُعتَمد بطل هذا المعنى، فهو - سبحانه وتعالى - بين أنه - صلى الله عليه وسلم - الذي يبين للناس ما نُزَّل إليهم، وأنه - عليه الصلاة والسلام - هو الذي يفصل النزاع بين الناس فيما اختلفوا فيه؛ فدل ذلك على أن سنته لازمة الاتباع، وواجبة الاتباع.
وليس هذا خاصاً بأهل زمانه وصحابته رضي الله عنهم؛ بل هو لهم ولمن يجيء بعدهم إلى يوم القيامة، فإن الشريعة شريعة لأهل زمانه ولمن يأتي بعد زمانه - عليه الصلاة والسلام - إلى يوم القيامة، فهو رسول الله إلى الناس عامة، قال - تعالى -: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[20] وقال - سبحانه -: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا[21] فهو رسول الله إلى جميع العالم، الجن والإنس، العرب والعجم، الأغنياء والفقراء، الحكام والمحكومين، الرجال والنساء، إلى يوم القيامة، ليس بعده نبي ولا رسول، بل هو خاتم الأنبياء والمرسلين - عليه الصلاة والسلام -.
فوجب أن تكون سنته موضحة لكتاب الله وشارحة لكتاب الله، ودالة على ما قد يخفى من كتاب الله، وسنته أيضاً جاءت بأحكام لم يأت بها كتاب الله، جاءت بأحكام مستقلة شرعها الله - عز وجل - لم تذكر في كتاب الله - سبحانه وتعالى -، من ذلك: تفصيل الصلوات وعدد الركعات، وتفصيل أحكام الزكاة، وتفصيل أحكام الرضاع، فليس في كتاب الله إلا الأمهات والأخوات من الرضاع وجاءت السنة ببقية المحرمات بالرضاع، فقال - صلى الله عليه وسلم - ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))[22]، وجاءت السنة بحكم مستقل في تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وجاءت بأحكام مستقلة لم تذكر في كتاب الله في أشياء كثيرة، في الجنايات، والديات، والنفقات، وأحكام الزكوات، وأحكام الصوم والحج، إلى غير ذلك.
ولما قال بعض الناس في مجلس عمران بن حصين - رضي الله عنهما -: ((دعنا من الحديث وحدثنا عن كتاب الله)) غضب عمران - رضي الله عنه - وأرضاه، واشتد إنكاره عليه، وقال: ((لولا السنة كيف نعرف أن الظهر أربع، والعصر أربع، والعشاء أربع، والمغرب ثلاث...)) إلى آخره.
فالسنة بينت لنا تفاصيل الصلاة، وتفاصيل الأحكام، ولم يزل الصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم يرجعون إلى السنة ويتحاكمون إليها ويحتجون بها، ولما ارتدَّ من العرب من ارتدَّ وقام الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه ودعا إلى جهادهم توقف عمر في ذلك، وقال: كيف نقاتلهم وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها))[23]، قال الصديق-رضي الله عنه- : ((أليست الزكاة من حقها من حق لا إله إلا الله والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها)) قال عمر - رضي الله عنه -: ((فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم فعرفت أنه الحق))[24]، ثم وافق المسلمون، ووافق الصحابة، واجتمع رأيهم على قتال المرتدين؛ فقاتلوهم بأمر الله ورسوله.
ولما جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تسأله عن إرثها، قال: ما أعلم لك شيئاً في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن سوف أسأل الناس، يعني عما جاء في السنة، فسأل الناس؛ فأُخبِر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى لها بالسدس، فقضى لها بالسدس - رضي الله عنه - وأرضاه. وهكذا عمر - رضي الله عنه - لما أشكل عليه حكم إملاص المرأة: (وهو خروج الجنين ميتاً بالجناية على أمه) ما حكمه؟ توقف حتى سأل الناس، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة عبد أو أمة، فقضى بذلك. ولما أشكل على عثمان حكم المعتدة من الوفاة، هل تكون في بيت زوجها أو تنتقل إلى أهلها؟ فشهدت عنده فريعة بنت مالك الخدرية أخت أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تعتد في بيت زوجها، فقضى بذلك عثمان - رضي الله عنه - وأرضاه. ولما سمع علي - رضي الله عنه - عثمان في بعض حجاته ينهى عن المتعة ويأمر بإفراد الحج، أحرم علي - رضي الله عنه - بالحج والعمرة جميعاً وقال: لا أدع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول أحد من الناس. ولما سمع ابن عباس بعض الناس ينكر عليه الفتوى بالمتعة ويحتج عليه بقول أبي بكر وعمر أنها يريان إفراد الحج، قال: ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقولون: قال أبو بكر وعمر)). ولما ذُكِر لأحمد - رحمه الله - جماعة يتركون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان الثوري ويسألونه عما لديه وعما يقول، تعجب! وقال: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يعني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذهبون إلى رأي سفيان، والله - سبحانه وتعالى - يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[25]. ولما ذكر عند أيوب السختياني - رحمه الله - رجل يدعو إلى القرآن ويثبط عن السنة، قال: دعوه فإنه ضال. والمقصود أن السلف الصالح قد عرفوا هذا الأمر، ونبغت عندهم نوابغ بسبب الخوارج في هذا الباب، فاشتد نكيرهم عليهم، وضلَّلوهم، وحذروا منهم، مع أنه إنكار ليس مثل الإنكار الموجود الأخير؛ لأنه إنكار له شبهة بالنسبة إلى الخوارج وما اعتقدوه في الصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم في بعضهم دون بعض، أما هؤلاء المتأخرون فجاءوا بداهية كبرى، ومنكر عظيم، وبلاء كبير، ومصيبة عظمى؛ حيث قالوا: إن السنة برمتها لا يحتج بها بالكلية، لا من هنا ولا من هنا، وطعنوا فيها، وفي رواتها، وفي كتبها، وساروا على هذا النهج الوخيم، وأعلنه كثيراً أحد الزعماء، فضل وأضل، وهكذا جماعة منتشرة في بعض الديار الإسلامية، قالوا هذه المقالة فضلوا وأضلوا وسمَّوا أنفسهم بالقرآنيين، وقد كذَّبوا وجهَّلوا ما قام به علماء السنة؛ لأنهم لو عملوا بالقرآن لعظَّموا السنة وأخذوا بها، ولكنهم جهلوا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فضلوا وأضلوا.
وقد احتاط أهل السنة كثيراً للسنة، حيث تلقوها أولاً عن الصحابة حفظاً، ودرسوها وحفظوها حفظاً كاملاً، وحفظاً دقيقاً حرفياً، ونقلوها إلى من بعدهم، ثم ألَّف العلماء على رأس القرن الأول وفي أثناء القرن الثاني ثم كثر ذلك في القرن الثالث، ألَّفوا الكتب، وجمعوا فيها الأحاديث؛ حرصاً على بقائها وحفظها وصيانتها؛ فانتقلت من الصدور إلى الكتب المحفوظة المتداولة المتناقلة التي لا ريب فيها ولا شك، ثم نقَّبوا عن الرجال، وعرفوا ثقاتهم من كذَّابيهم وضعفائهم، ومن هو سيئ الحفظ منهم، حتى حرروا ذلك أتم تحرير، وبيَّنوا من يصلح للرواية، ومن لا يصلح للرواية، ومن يحتج به ومن لا يحتج به، وأوضحوا ما وقع من بعض الناس من أوهام وأغلاط، وسجلوها عليهم، وعرفوا الكذابين والوضاعين، وألَّفوا فيهم، وأوضحوا أسماءهم؛ فأيد الله بهم السنة، وأقام بهم الحجة، وقطع بهم المعذرة، وزال تلبيس الملبِّسين، وانكشف ضلال الضالين، فبقيت السنة بحمد الله جلية واضحة لا شبهة فيها، ولا غبار عليها، وكان الأئمة يعظمون ذلك كثيراً، وإذا رأوا من أحد أي تساهل بالسنة أو إعراض أنكروا عليه. حدَّث ذات يوم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله))[26]، فقال بعض أبنائه: والله لنمنعهن عن اجتهاد منه ومقصوده أنهن تغيرن، وأنهن قد يتساهلن في الخروج، وليس قصده إنكار السنة، فأقبل عليه عبد الله وسبه سباً سيئاً، وقال: أقول: قال رسول الله، وتقول: والله لنمنعهن.
ورأى عبد الله بن مغفل المزني - رضي الله عنه - بعض أقاربه يخذف، فقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف وقال: ((إنه لا يصيد صيداً، ولا ينكأ عدواً))[27]. ثم رآه في وقت آخر يخذف، فقال: أقول إن الرسول نهى عن هذا ثم تخذف، لا كلمتك أبداً.
فالصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم كانوا يعظمون هذا الأمر جداً، ويحذرون الناس من التساهل بالسنة أو الإعراض عنها أو الإنكار لها برأي من الآراء أو اجتهاد من الاجتهادات. وقال أبو حنيفة في هذا المعنى - رضي الله عنه - ورحمه: إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى العين والرأس وإذا جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - فعلى العين والرأس.. إلى آخر كلامه. وقال مالك - رحمه الله -: ما منا إلا رادٌّ ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر. يعني النبي - عليه الصلاة والسلام -.
وقال أيضاً: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهو اتباع الكتاب والسنة. وقال الشافعي - رحمه الله -: إذا رويتُ عن الرسول حديثاً صحيحاً ثم رأيتموني خالفته فاعلموا أن عقلي قد ذهب. وفي لفظ آخر، قال: إذا جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقولي يخالفه فاضربوا بقولي الحائط. وقال أحمد - رحمه الله -: لا تلقدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الشافعي، وخذوا من حيث أخذنا. وسبق قوله - رحمه الله -: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله - سبحانه وتعالى - يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[28]. فالأمر في هذا واضح، وكلام أهل العلم في هذا جلي ومتداول عند أهل العلم. وقد تكلم المتأخرون في هذا المقام كلاماً كثيراً، كأبي العباس ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم، وأوضحوا أن من أنكر السنة فقد زاغ عن سواء السبيل، وأن من عظَّم آراء الرجال وآثرها على السنة فقد ضل وأخطأ، وأن الواجب عرض آراء الرجال مهما عظموا على كتاب الله وسنة الرسول - عليه الصلاة والسلام -، فما شهدا له أو أحدهما بالقبول قُبل، وما لا فإنه يرد على قائله. ومن آخر من كتب في هذا الحافظ السيوطي - رحمه الله -، حيث كتب رسالة سماها: (مفتاح الجنة في الاحتفاء بالسنة)، وذكر في أولها أن من أنكر السنة وزعم أنه لا يحتج بها فقد كفر إجماعاً، ونقل كثيراً من كلام السلف في ذلك.
فهذه منزلة السنة من الإسلام، وهذه مكانتها من الشريعة، وأنها الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأنها حجة مستقلة قائمة بنفسها، يجب الأخذ بها والرجوع إليها، وأنه متى صح السند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب الأخذ به مطلقاً، ولا يشترط في ذلك أن يكون متواتراً أو مشهوراً أو مستفيضاً أو بعدد كذا من الطرق، بل يجب أن يؤخذ بالسنة ولو كانت من طريق واحدة، متى استقام الإسناد وجب الأخذ بالحديث مطلقاً، بسند واحد أو بسندين أو بثلاثة، أو بأكثر، سواء سمِّي خبراً متواتراً، أو خبر آحاد، لا فرق في ذلك، كلها حجة يجب الأخذ بها، مع اختلاف ما تقتضيه من العلم الضروري أو العلم النظري أو الظني إذا استقام الإسناد وسلم من العلة فالعمل بها واجب، والأخذ بها متعين، متى صح الإسناد وسلم من العلة عند أهل العلم بهذا الشأن. أما كونه متواتراً، أو كونه مشهوراً، أو مستفيضاً، أو آحاداً غير مستفيض ولا مشهور، أو غريباً، أو غير ذلك، فهذه أشياء اصطلح عليها أهل الحديث في علم الحديث، وبينوها في أصول الفقه أيضاً، وأحكامها عندهم معلومة، والعلم بها يختلف بحسب اختلاف الناس؛ فإنه قد يكون هذا الحديث متواتراً عند زيد وعمرو، وليس متواتراً عند خالد وبكر؛ لما بينهما من الفرق في العلم، واتساع المعرفة؛ فقد يروي زيد حديثاً من عشرة طرق، أو من ثمانية، أو من سبعة، أو من ستة أو خمسة، ويقطع هو أنه بهذا متواتر؛ لما اتصف به رواته من العدالة، والحفظ، والإتقان، والجلالة. وقد يروي الآخر حديثاً من عشرين سنداً، ولا يحصل له ما حصل لذلك من العلم اليقيني القطعي بأنه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو بأنه متواتر. فهذه أمور تختلف بحسب ما يحصل للناس من العلم بأحوال الرواة وعدالتهم، ومنزلتهم في الإسلام، وصدقهم، وحفظهم، وغير ذلك. هذا شيء يتفاوت فيه الرجال حسب ما أعطاهم الله من العلم بأحوال رواة الحديث، وصفاتهم، وطرق الحديث، إلى غير ذلك. لكن أهل العلم أجمعوا على أنه متى صح السند وسلم من العلة وجب الأخذ به، وبينوا أن الإسناد الصحيح هو ما ينقله العدل الضابط عن مثله، عن مثله، عن مثله إلى الصحابة - رضي الله عنهم - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من دون شذوذ ولا علة، فمتى جاء الحديث بهذا المعنى متصلاً لا شذوذ فيه ولا علة، وجب الأخذ به والاحتجاج به على المسائل التي يتنازع فيها الناس، سواء حكمنا عليه بأنه غريب أو عزيز أو مشهور أو متواتر، أو غير ذلك؛ إذ الاعتبار باستقامة السند وصلاحه وسلامته من الشذوذ والعلة، سواء تعددت أسانيده أم لم تتعدد.
هذا وأسأل الله - عز وجل - أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا جميعاً الفقه في دينه، والاستقامة على ما يرضيه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه - جل وعلا - جواد كريم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ـــــــــــــــــــــــــفهذا بحث مهم يتعلق بالسنة، وأنها الأصل الثاني من أصول الإسلام؛ يجب الأخذ بها والاعتماد عليها إذا صحت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقول: من المعلوم عند جميع أهل العلم أن السنة هي الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأن مكانتها في الإسلام الصدارة بعد كتاب الله - عز وجل -، فهي الأصل المعتمد بعد كتاب الله- عز وجل - بإجماع أهل العلم قاطبة، وهي حجة قائمة مستقلة على جميع الأمة، من جحدها أو أنكرها أو زعم أنه يجوز الإعراض عنها والاكتفاء بالقرآن فقط فقد ضل ضلالاً بعيداً وكفر كفراً أكبر وارتد عن الإسلام بهذا المقال، فإنه بهذا المقال وبهذا الاعتقاد يكون قد كذَّب الله ورسوله، وأنكر ما أمر الله به ورسوله، وجحد أصلاً عظيماً فرض الله الرجوع إليه والاعتماد عليه والأخذ به، وأنكر إجماع أهل العلم عليه، وكذَّب به، وجحده.
وقد أجمع علماء الإسلام على أن الأصول المجمع عليها ثلاثة:
الأصل الأول: كتاب الله، والأصل الثاني: سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، والأصل الثالث: إجماع أهل العلم. وتنازع أهل العلم في أصول أخرى، أهمها: القياس، والجمهور على أنه أصل رابع إذا استوفى شروطه المعتبرة.
أما السنة: فلا نزاع ولا خلاف في أنها أصل مستقل، وأنها هي الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأن الواجب على جميع المسلمين، بل على جميع الأمة الأخذ بها، والاعتماد عليها، والاحتجاج بها إذا صح السند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد دل على هذا المعنى آيات كثيرات من كتاب الله، وأحاديث صحيحة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، كما دل على هذا المعنى إجماع أهل العلم قاطبة على وجوب الأخذ بها، والإنكار على من أعرض عنها أو خالفها.
وقد نبغت نابغة في صدر الإسلام أنكرت السنة بسبب تهمتها للصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم، كالخوارج، فإن الخوارج كفَّروا كثيراً من الصحابة، وفسَّقوا كثيراً منهم، وصاروا لا يعتمدون بزعمهم إلا على كتاب الله؛ لسوء ظنهم بأصحاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، وتابعتهم الرافضة، فقالوا: لا حجة إلا فيما جاء من طريق أهل البيت فقط، وما سوى ذلك لا حجة فيه.
ونبغت نابغة بعد ذلك، ولا يزال هذا القول يذكر فيما بين وقت وآخر، وتسمى هذه النابغة الأخيرة القرآنية، ويزعمون أنهم أهل القرآن، وأنهم يحتجون بالقرآن فقط، وأن السنة لا يحتج بها؛ لأنها إنما كتبت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة طويلة، ولأن الإنسان قد ينسى وقد يغلط، ولأن الكتب قد يقع فيها غلط، إلى غير هذا مما قالوا من الترهات، والخرافات، والآراء الفاسدة، وزعموا أنهم بذلك يحتاطون لدينهم؛ فلا يأخذون إلا بالقرآن فقط. وقد ضلوا عن سواء السبيل، وكذبوا، وكفروا بذلك كفراً أكبر بواحاً.
فإن الله - عز وجل - أمر بطاعة رسوله - عليه الصلاة والسلام -، واتباع ما جاء به وسمَّى كلامه وحياً في قوله - تعالى -: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[1] ولو كان رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يتبع ولا يطاع لم يكن لأوامره ونواهيه قيمة.
وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - أن تبلغ سنته، فكان إذا خطب أمر أن تبلغ السنة؛ فدل ذلك على أن سنته - صلى الله عليه وسلم - واجبة الاتباع، وعلى أن طاعته واجبة على جميع الأمة، كما تجب طاعة الله تجب طاعة رسوله - عليه الصلاة والسلام -. ومن تدبر القرآن العظيم وجد ذلك واضحاً، قال - تعالى -في كتابه الكريم في سورة آل عمران: وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ، وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[2] فقرن طاعة الرسول بطاعته - سبحانه -، وقال - تعالى -: وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[3] فعلق الرحمة بطاعة الله ورسوله، وقال - سبحانه - أيضاً في سورة آل عمران: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ[4]، وقال - سبحانه - في سورة النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[5] فأمر - سبحانه - بطاعته وطاعة رسوله أمراً مستقلا، وكرر الفعل في ذلك: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ، ثم قال: وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ولم يكرر الفعل؛ لأن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله وإنما تجب في المعروف حيث كان ما أمروا به من طاعة الله ورسوله ومما لا يخالف أمر الله ورسوله، ثم بين أن العمدة في طاعة الله ورسوله فقال: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ولم يقل - سبحانه - إلى أولي الأمر منكم، بل قال: إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ؛ فدل ذلك على أن الرد في مسائل النزاع والخلاف إنما يكون لله ولرسوله. قال العلماء معنى إلى الله: الرد إلى كتاب الله، ومعنى والرسول: الرد إلى الرسول في حياته، وإلى سنته بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام -.
فعُلِمَ بذلك أن سنته مستقلة، وأنها أصل متبع. وقال - جل وعلا -: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ[6] وقال - سبحانه -: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا[7] وقبلها قوله - جل وعلا -: فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[8] فجعل الفلاح لمن اتبعه - عليه الصلاة والسلام -؛ لأن السياق فيه - عليه الصلاة والسلام -: فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فذكر أن الفلاح لهؤلاء المتبعين لنبي الله - عليه الصلاة والسلام - دون غيرهم؛ فدل ذلك على أن من أنكر سنته ولم يتبعه فإنه ليس بمفلح وليس من المفلحين، ثم قال بعدها: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ يعني قل يا محمد: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[9] فعلق الهداية باتباعه - عليه الصلاة والسلام -؛ فدل ذلك على وجوب طاعته، واتباع ما جاء به من الكتاب والسنة - عليه الصلاة والسلام -. وقال - عز وجل - في آيات أخرى: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ[10] وقال - جل وعلا - أيضاً في هذه السورة سورة النور: وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[11] فأفرد طاعته وحدها بقوله: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قال في آخر السورة سورة النور: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[12] فذكر - جل وعلا - أن المخالف لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - على خطر عظيم من أن تصيبه فتنة بالزيغ والشرك والضلال أو عذاب أليم، نعوذ بالله من ذلك، وقال - عز وجل - في سورة الحشر: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[13].
فهذه الآيات وما جاء في معناها كلها دالة على وجوب اتباعه وطاعته - عليه الصلاة والسلام -، وأن الهداية والرحمة والسعادة والعاقبة الحميدة كلها في اتباعه وطاعته - عليه الصلاة والسلام -، فمن أنكر ذلك فقد أنكر كتاب الله، ومن قال إنه يتبع كتاب الله دون السنة فقد كذب وغلط وكفر؛ فإن القرآن أمر باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمن لم يتبعه فإنه لم يعمل بكتاب الله، ولم يؤمن بكتاب الله، ولم يَنْقَد لكتاب الله، إذ كتاب الله أمر بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأمر باتباعه، وحذر من مخالفته - عليه الصلاة والسلام -، فمن زعم أنه يأخذ بالقرآن، وحذر من مخالفته - عليه الصلاة والسلام -، فمن زعم أنه يأخذ بالقرآن، ويتبع القرآن دون السنة فقد كذب؛ لأن السنة جزء من القرآن، فطاعة الرسول جزء من القرآن، وقد دل على الأخذ بها القرآن، وأمر بالأخذ بها القرآن، فلا يمكن أن ينفك هذا عن هذا، ولا يمكن أن يكون الإنسان متبعا للقرآن بدون اتباع السنة، ولا يكون متبعاً للسنة بدون اتباع القرآن، فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر. ومما جاء في السنة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ما رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمة الله عليهما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني))[14]. وفي صحيح البخاري رحمة الله عليه عن أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قيل: يا رسول الله، ومن يأبى، قال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))[15]. وهذا واضح في أن من عصاه فقد عصى الله، ومن عصاه فقد أبى دخول الجنة والعياذ بالله. وفي المسند وأبي داود وصحيح الحاكم بإسناد جيد عن المقدام بن معدي كرب الكندي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه)) والكتاب هو القرآن، ومثله معه يعني: السنة، وهي الوحي الثاني: ((ألا يوشك رجل شبعان يتكئ على أريكته، يُحدَّث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينهم كتاب الله؛ ما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه))[16]، وفي لفظ: ((يوشك رجل شبعان على أريكته، يُحدَّث بالأمر من أمري؛ مما أمرت به ونهيت عنه، يقول بيننا وبينكم كتاب الله؛ ما وجدنا فيه اتبعناه. ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله))[17]. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب على جميع الأمة أن تعظم سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وأن تعرف قدرها، وأن تأخذ بها، وتسير عليها، فهي الشارحة والمفسرة لكتاب الله - عز وجل -، والدالة على ما قد يخفى من كتاب الله، والمقيدة لما قد يطلق من كتاب الله، والمخصصة بما قد يعم من كتاب الله، ومن تدبر كتاب الله وتدبر السنة عرف ذلك؛ لأن الله - جل وعلا - يقول: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[18] فهو المبين للناس ما نزل إليهم - عليه الصلاة والسلام -، فإذا كانت سنته غير معتبرة ولا يحتج بها فكيف يبين للناس دينهم وكتاب ربهم، هذا من أبطل الباطل؛ فعلم بذلك أنه المبين لما قاله الله، وأنه الشارح لما قد يخفى من كتاب الله، وقال في آية أخرى في سورة النحل: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[19] فبين - جل وعلا - أنه أنزل الكتاب عليه ليبين للناس ما اختلفوا فيه. فإذا كانت سنته لا تبين للناس ولا تُعتَمد بطل هذا المعنى، فهو - سبحانه وتعالى - بين أنه - صلى الله عليه وسلم - الذي يبين للناس ما نُزَّل إليهم، وأنه - عليه الصلاة والسلام - هو الذي يفصل النزاع بين الناس فيما اختلفوا فيه؛ فدل ذلك على أن سنته لازمة الاتباع، وواجبة الاتباع.
وليس هذا خاصاً بأهل زمانه وصحابته رضي الله عنهم؛ بل هو لهم ولمن يجيء بعدهم إلى يوم القيامة، فإن الشريعة شريعة لأهل زمانه ولمن يأتي بعد زمانه - عليه الصلاة والسلام - إلى يوم القيامة، فهو رسول الله إلى الناس عامة، قال - تعالى -: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[20] وقال - سبحانه -: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا[21] فهو رسول الله إلى جميع العالم، الجن والإنس، العرب والعجم، الأغنياء والفقراء، الحكام والمحكومين، الرجال والنساء، إلى يوم القيامة، ليس بعده نبي ولا رسول، بل هو خاتم الأنبياء والمرسلين - عليه الصلاة والسلام -.
فوجب أن تكون سنته موضحة لكتاب الله وشارحة لكتاب الله، ودالة على ما قد يخفى من كتاب الله، وسنته أيضاً جاءت بأحكام لم يأت بها كتاب الله، جاءت بأحكام مستقلة شرعها الله - عز وجل - لم تذكر في كتاب الله - سبحانه وتعالى -، من ذلك: تفصيل الصلوات وعدد الركعات، وتفصيل أحكام الزكاة، وتفصيل أحكام الرضاع، فليس في كتاب الله إلا الأمهات والأخوات من الرضاع وجاءت السنة ببقية المحرمات بالرضاع، فقال - صلى الله عليه وسلم - ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))[22]، وجاءت السنة بحكم مستقل في تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وجاءت بأحكام مستقلة لم تذكر في كتاب الله في أشياء كثيرة، في الجنايات، والديات، والنفقات، وأحكام الزكوات، وأحكام الصوم والحج، إلى غير ذلك.
ولما قال بعض الناس في مجلس عمران بن حصين - رضي الله عنهما -: ((دعنا من الحديث وحدثنا عن كتاب الله)) غضب عمران - رضي الله عنه - وأرضاه، واشتد إنكاره عليه، وقال: ((لولا السنة كيف نعرف أن الظهر أربع، والعصر أربع، والعشاء أربع، والمغرب ثلاث...)) إلى آخره.
فالسنة بينت لنا تفاصيل الصلاة، وتفاصيل الأحكام، ولم يزل الصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم يرجعون إلى السنة ويتحاكمون إليها ويحتجون بها، ولما ارتدَّ من العرب من ارتدَّ وقام الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه ودعا إلى جهادهم توقف عمر في ذلك، وقال: كيف نقاتلهم وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها))[23]، قال الصديق-رضي الله عنه- : ((أليست الزكاة من حقها من حق لا إله إلا الله والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها)) قال عمر - رضي الله عنه -: ((فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم فعرفت أنه الحق))[24]، ثم وافق المسلمون، ووافق الصحابة، واجتمع رأيهم على قتال المرتدين؛ فقاتلوهم بأمر الله ورسوله.
ولما جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - تسأله عن إرثها، قال: ما أعلم لك شيئاً في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن سوف أسأل الناس، يعني عما جاء في السنة، فسأل الناس؛ فأُخبِر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى لها بالسدس، فقضى لها بالسدس - رضي الله عنه - وأرضاه. وهكذا عمر - رضي الله عنه - لما أشكل عليه حكم إملاص المرأة: (وهو خروج الجنين ميتاً بالجناية على أمه) ما حكمه؟ توقف حتى سأل الناس، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة عبد أو أمة، فقضى بذلك. ولما أشكل على عثمان حكم المعتدة من الوفاة، هل تكون في بيت زوجها أو تنتقل إلى أهلها؟ فشهدت عنده فريعة بنت مالك الخدرية أخت أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تعتد في بيت زوجها، فقضى بذلك عثمان - رضي الله عنه - وأرضاه. ولما سمع علي - رضي الله عنه - عثمان في بعض حجاته ينهى عن المتعة ويأمر بإفراد الحج، أحرم علي - رضي الله عنه - بالحج والعمرة جميعاً وقال: لا أدع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول أحد من الناس. ولما سمع ابن عباس بعض الناس ينكر عليه الفتوى بالمتعة ويحتج عليه بقول أبي بكر وعمر أنها يريان إفراد الحج، قال: ((يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقولون: قال أبو بكر وعمر)). ولما ذُكِر لأحمد - رحمه الله - جماعة يتركون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان الثوري ويسألونه عما لديه وعما يقول، تعجب! وقال: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يعني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذهبون إلى رأي سفيان، والله - سبحانه وتعالى - يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[25]. ولما ذكر عند أيوب السختياني - رحمه الله - رجل يدعو إلى القرآن ويثبط عن السنة، قال: دعوه فإنه ضال. والمقصود أن السلف الصالح قد عرفوا هذا الأمر، ونبغت عندهم نوابغ بسبب الخوارج في هذا الباب، فاشتد نكيرهم عليهم، وضلَّلوهم، وحذروا منهم، مع أنه إنكار ليس مثل الإنكار الموجود الأخير؛ لأنه إنكار له شبهة بالنسبة إلى الخوارج وما اعتقدوه في الصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم في بعضهم دون بعض، أما هؤلاء المتأخرون فجاءوا بداهية كبرى، ومنكر عظيم، وبلاء كبير، ومصيبة عظمى؛ حيث قالوا: إن السنة برمتها لا يحتج بها بالكلية، لا من هنا ولا من هنا، وطعنوا فيها، وفي رواتها، وفي كتبها، وساروا على هذا النهج الوخيم، وأعلنه كثيراً أحد الزعماء، فضل وأضل، وهكذا جماعة منتشرة في بعض الديار الإسلامية، قالوا هذه المقالة فضلوا وأضلوا وسمَّوا أنفسهم بالقرآنيين، وقد كذَّبوا وجهَّلوا ما قام به علماء السنة؛ لأنهم لو عملوا بالقرآن لعظَّموا السنة وأخذوا بها، ولكنهم جهلوا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فضلوا وأضلوا.
وقد احتاط أهل السنة كثيراً للسنة، حيث تلقوها أولاً عن الصحابة حفظاً، ودرسوها وحفظوها حفظاً كاملاً، وحفظاً دقيقاً حرفياً، ونقلوها إلى من بعدهم، ثم ألَّف العلماء على رأس القرن الأول وفي أثناء القرن الثاني ثم كثر ذلك في القرن الثالث، ألَّفوا الكتب، وجمعوا فيها الأحاديث؛ حرصاً على بقائها وحفظها وصيانتها؛ فانتقلت من الصدور إلى الكتب المحفوظة المتداولة المتناقلة التي لا ريب فيها ولا شك، ثم نقَّبوا عن الرجال، وعرفوا ثقاتهم من كذَّابيهم وضعفائهم، ومن هو سيئ الحفظ منهم، حتى حرروا ذلك أتم تحرير، وبيَّنوا من يصلح للرواية، ومن لا يصلح للرواية، ومن يحتج به ومن لا يحتج به، وأوضحوا ما وقع من بعض الناس من أوهام وأغلاط، وسجلوها عليهم، وعرفوا الكذابين والوضاعين، وألَّفوا فيهم، وأوضحوا أسماءهم؛ فأيد الله بهم السنة، وأقام بهم الحجة، وقطع بهم المعذرة، وزال تلبيس الملبِّسين، وانكشف ضلال الضالين، فبقيت السنة بحمد الله جلية واضحة لا شبهة فيها، ولا غبار عليها، وكان الأئمة يعظمون ذلك كثيراً، وإذا رأوا من أحد أي تساهل بالسنة أو إعراض أنكروا عليه. حدَّث ذات يوم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله))[26]، فقال بعض أبنائه: والله لنمنعهن عن اجتهاد منه ومقصوده أنهن تغيرن، وأنهن قد يتساهلن في الخروج، وليس قصده إنكار السنة، فأقبل عليه عبد الله وسبه سباً سيئاً، وقال: أقول: قال رسول الله، وتقول: والله لنمنعهن.
ورأى عبد الله بن مغفل المزني - رضي الله عنه - بعض أقاربه يخذف، فقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف وقال: ((إنه لا يصيد صيداً، ولا ينكأ عدواً))[27]. ثم رآه في وقت آخر يخذف، فقال: أقول إن الرسول نهى عن هذا ثم تخذف، لا كلمتك أبداً.
فالصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم كانوا يعظمون هذا الأمر جداً، ويحذرون الناس من التساهل بالسنة أو الإعراض عنها أو الإنكار لها برأي من الآراء أو اجتهاد من الاجتهادات. وقال أبو حنيفة في هذا المعنى - رضي الله عنه - ورحمه: إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى العين والرأس وإذا جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - فعلى العين والرأس.. إلى آخر كلامه. وقال مالك - رحمه الله -: ما منا إلا رادٌّ ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر. يعني النبي - عليه الصلاة والسلام -.
وقال أيضاً: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهو اتباع الكتاب والسنة. وقال الشافعي - رحمه الله -: إذا رويتُ عن الرسول حديثاً صحيحاً ثم رأيتموني خالفته فاعلموا أن عقلي قد ذهب. وفي لفظ آخر، قال: إذا جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقولي يخالفه فاضربوا بقولي الحائط. وقال أحمد - رحمه الله -: لا تلقدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الشافعي، وخذوا من حيث أخذنا. وسبق قوله - رحمه الله -: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله - سبحانه وتعالى - يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[28]. فالأمر في هذا واضح، وكلام أهل العلم في هذا جلي ومتداول عند أهل العلم. وقد تكلم المتأخرون في هذا المقام كلاماً كثيراً، كأبي العباس ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم، وأوضحوا أن من أنكر السنة فقد زاغ عن سواء السبيل، وأن من عظَّم آراء الرجال وآثرها على السنة فقد ضل وأخطأ، وأن الواجب عرض آراء الرجال مهما عظموا على كتاب الله وسنة الرسول - عليه الصلاة والسلام -، فما شهدا له أو أحدهما بالقبول قُبل، وما لا فإنه يرد على قائله. ومن آخر من كتب في هذا الحافظ السيوطي - رحمه الله -، حيث كتب رسالة سماها: (مفتاح الجنة في الاحتفاء بالسنة)، وذكر في أولها أن من أنكر السنة وزعم أنه لا يحتج بها فقد كفر إجماعاً، ونقل كثيراً من كلام السلف في ذلك.
فهذه منزلة السنة من الإسلام، وهذه مكانتها من الشريعة، وأنها الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأنها حجة مستقلة قائمة بنفسها، يجب الأخذ بها والرجوع إليها، وأنه متى صح السند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب الأخذ به مطلقاً، ولا يشترط في ذلك أن يكون متواتراً أو مشهوراً أو مستفيضاً أو بعدد كذا من الطرق، بل يجب أن يؤخذ بالسنة ولو كانت من طريق واحدة، متى استقام الإسناد وجب الأخذ بالحديث مطلقاً، بسند واحد أو بسندين أو بثلاثة، أو بأكثر، سواء سمِّي خبراً متواتراً، أو خبر آحاد، لا فرق في ذلك، كلها حجة يجب الأخذ بها، مع اختلاف ما تقتضيه من العلم الضروري أو العلم النظري أو الظني إذا استقام الإسناد وسلم من العلة فالعمل بها واجب، والأخذ بها متعين، متى صح الإسناد وسلم من العلة عند أهل العلم بهذا الشأن. أما كونه متواتراً، أو كونه مشهوراً، أو مستفيضاً، أو آحاداً غير مستفيض ولا مشهور، أو غريباً، أو غير ذلك، فهذه أشياء اصطلح عليها أهل الحديث في علم الحديث، وبينوها في أصول الفقه أيضاً، وأحكامها عندهم معلومة، والعلم بها يختلف بحسب اختلاف الناس؛ فإنه قد يكون هذا الحديث متواتراً عند زيد وعمرو، وليس متواتراً عند خالد وبكر؛ لما بينهما من الفرق في العلم، واتساع المعرفة؛ فقد يروي زيد حديثاً من عشرة طرق، أو من ثمانية، أو من سبعة، أو من ستة أو خمسة، ويقطع هو أنه بهذا متواتر؛ لما اتصف به رواته من العدالة، والحفظ، والإتقان، والجلالة. وقد يروي الآخر حديثاً من عشرين سنداً، ولا يحصل له ما حصل لذلك من العلم اليقيني القطعي بأنه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو بأنه متواتر. فهذه أمور تختلف بحسب ما يحصل للناس من العلم بأحوال الرواة وعدالتهم، ومنزلتهم في الإسلام، وصدقهم، وحفظهم، وغير ذلك. هذا شيء يتفاوت فيه الرجال حسب ما أعطاهم الله من العلم بأحوال رواة الحديث، وصفاتهم، وطرق الحديث، إلى غير ذلك. لكن أهل العلم أجمعوا على أنه متى صح السند وسلم من العلة وجب الأخذ به، وبينوا أن الإسناد الصحيح هو ما ينقله العدل الضابط عن مثله، عن مثله، عن مثله إلى الصحابة - رضي الله عنهم - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من دون شذوذ ولا علة، فمتى جاء الحديث بهذا المعنى متصلاً لا شذوذ فيه ولا علة، وجب الأخذ به والاحتجاج به على المسائل التي يتنازع فيها الناس، سواء حكمنا عليه بأنه غريب أو عزيز أو مشهور أو متواتر، أو غير ذلك؛ إذ الاعتبار باستقامة السند وصلاحه وسلامته من الشذوذ والعلة، سواء تعددت أسانيده أم لم تتعدد.
هذا وأسأل الله - عز وجل - أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا جميعاً الفقه في دينه، والاستقامة على ما يرضيه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه - جل وعلا - جواد كريم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
[1] سورة النجم، الآيات 1 4.
[2] سورة آل عمران، الآيتان 131، 132.
[3] سورة آل عمران، الآية 132.
[4] سورة آل عمران، الآيتان 31، 32.
[5] سورة النساء، الآية 59.
[6] سورة النساء، الآية 80.
[7] سورة الأعراف، الآية 158.
[8] سورة الأعراف، الآية 157.
[9] سورة الأعراف، الآية 158.
[10] سورة النور، الآية 54.
[11] سورة النور، الآية 56.
[12] سورة النور، الآية 63.
[13] سورة الحشر، الآية 7.
[14] رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (7386)، والبخاري في (كتاب الأحكام) برقم (7137)، ومسلم في (الإمارة) برقم (1835).
[15] رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (8511)، والبخاري في (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة) برقم (7280).
[16] رواه أبو داود في (السنة) برقم (4604)، والترمذي في العلم برقم (2464).
[17] رواه ابن ماجه في المقدمة برقم (12).
[18] سورة النحل، الآية 44.
[19] سورة النحل، الآية 64.
[20] سورة الأنبياء، الآية 107.
[21] سورة سبأ، الآية 28.
[22] رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) برقم (2486)، والبخاري في الشهادات برقم (2645).
[23] رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة) برقم (68) ومسلم في (الإيمان) برقم (21).
[24] رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة) برقم (337)، والبخاري في (الزكاة) برقم (1400)، ومسلم في (الإيمان) برقم (20) بلفظ (عقالاً) بدلاً من (عناقاً).
[25] سورة النور، الآية 63.
[26] رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) برقم (4641)، ورواه البخاري في (الجمعة) برقم (900)، ومسلم في (الصلاة) برقم (442).
[27] رواه الإمام أحمد في (أول مسند البصريين)، حديث عبد الله بن مغفل برقم (20028)، والبخاري في (الأدب) باب النهي عن الخذف برقم (6220)، ومسلم في (الصيد والذبائح) باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد برقم (1954)، وأبو داود في (الأدب) باب الخذف برقم (5270) واللفظ له.
[28] سورة النور، الآية 63.
- PRINCESSAمشرفة منتدى حلويات
- الجنس :
عدد المساهمات : 29189
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
رد: السنة ومكانتها
الخميس 25 سبتمبر 2014 - 21:35
سلمت يداك على الطرح المميز
يعطيك ألف عافيه
ولا يحرمنا من إبداعك وتميزك
يعطيك ألف عافيه
ولا يحرمنا من إبداعك وتميزك
- tarzanعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13088
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
رد: السنة ومكانتها
الجمعة 26 سبتمبر 2014 - 11:42
تسلم على مجهودك الرائع
واصل دوما
تحياتى لك
واصل دوما
تحياتى لك
- FLATنائب المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 29873
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: السنة ومكانتها
الجمعة 26 سبتمبر 2014 - 16:36
- حسنعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2895
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: السنة ومكانتها
الجمعة 26 سبتمبر 2014 - 18:59
جزاكم الله خير الجزاء
- chiguivara_dzعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3824
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: السنة ومكانتها
السبت 27 سبتمبر 2014 - 14:00
جزاكم الله خير الجزاء
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
- سراج_الدينمشرف صلة وصل بين الاعضاء
- الجنس :
عدد المساهمات : 16960
تاريخ التسجيل : 03/09/2010
رد: السنة ومكانتها
السبت 27 سبتمبر 2014 - 23:11
شكراً على المتابعة والإفادة
والتقديم بشكل جميل
وحسن اختيارك للمواضع القيمة
والتقديم بشكل جميل
وحسن اختيارك للمواضع القيمة
- مصطفىمشرف منتدى العجائب والغرائب
- الجنس :
عدد المساهمات : 26565
تاريخ التسجيل : 04/04/2010
رد: السنة ومكانتها
الأحد 28 سبتمبر 2014 - 8:59
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك
علــى موضوعك المميز
تحياتي الصادقة
بارك الله فيك
علــى موضوعك المميز
تحياتي الصادقة
- K1saydaمشرف صلة وصل بين الاعضاء
- الجنس :
عدد المساهمات : 14285
تاريخ التسجيل : 04/10/2010
رد: السنة ومكانتها
الأحد 28 سبتمبر 2014 - 23:16
جزاكم الله خيرا
واصل يبقى اهتمامنا دائما بجديدك
تُبرع وتُحسن في انتقائك للمواضيع الجيدة
واصل يبقى اهتمامنا دائما بجديدك
تُبرع وتُحسن في انتقائك للمواضيع الجيدة
- ZIDANEمراقب قسم المنتديات العامة
- الجنس :
عدد المساهمات : 30012
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
الموقع : https://arab-yes.ahlamontada.com/
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 29 سبتمبر 2014 - 7:53
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير على المتابعة المستمرة
والإفادة القيمة
جزاك الله كل خير على المتابعة المستمرة
والإفادة القيمة
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 29 سبتمبر 2014 - 18:29
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك
بارك الله فيك
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: السنة ومكانتها
الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 10:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا
ما تقدم من ذنب وما تأخر
اللـهم آميـن
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا
ما تقدم من ذنب وما تأخر
اللـهم آميـن
- donkichotعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1439
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
رد: السنة ومكانتها
الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 10:11
شاكرين ومقدرين مجهودك
موضوع مفيد نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد
موضوع مفيد نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد
- Oussamaعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2587
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
رد: السنة ومكانتها
الأربعاء 1 أكتوبر 2014 - 11:57
جزاك الله خيرا على هذا العمل الطيب
والموضوع القيم
واصل عملك أحي الغالي
في انتظار جديدك
والموضوع القيم
واصل عملك أحي الغالي
في انتظار جديدك
- محب اللهعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 9868
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
رد: السنة ومكانتها
الجمعة 3 أكتوبر 2014 - 13:59
مجهود أكثر من رائع
بموضوع يثلج الصدر
بموضوع يثلج الصدر
- ياسينعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4375
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: السنة ومكانتها
الأربعاء 8 أكتوبر 2014 - 17:43
جازاك الله خيرا وكُتب لك الجنة
- ABBASSEمشرف منتدى الطبخ العربي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19527
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
رد: السنة ومكانتها
السبت 11 أكتوبر 2014 - 11:47
- chykabalaعضو مميز
- الجنس :
عدد المساهمات : 998
تاريخ التسجيل : 14/03/2011
رد: السنة ومكانتها
الأحد 12 أكتوبر 2014 - 9:21
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وفقك الله لما يحب ويرضى
وفقك الله لما يحب ويرضى
- المهدي كارسيلاعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1286
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
رد: السنة ومكانتها
الأحد 12 أكتوبر 2014 - 12:41
شكرا لك
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
- TOTOعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19472
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: السنة ومكانتها
الأحد 12 أكتوبر 2014 - 13:00
الســــلام عليكم
موضوع في القمة
مميز بطرحك و إيصالك الفكرة
و الإفادة
تحياتي
موضوع في القمة
مميز بطرحك و إيصالك الفكرة
و الإفادة
تحياتي
- JABAdorعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 17947
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 9:49
جزاكم الله خيرا عما تقدمونه
من مجهود تُقدمونه خدمتا لرواد المنتدى
من مجهود تُقدمونه خدمتا لرواد المنتدى
- FIFIعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 16502
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 13 أكتوبر 2014 - 21:52
___######### #######__ _______** ###______
__########## ########_ ____*#### ######___
__########## ########_ __*###### #######__
___######### ########* _######## #######*_
____######## ######### ######### #######*_
______###### ######### ######### ########__
_______##### ## شكـرا على هذا الموضوع ######__
_______ ##### ## #####___
________ ### ######## وبارك الله فيك# #########____
__________## ######### ######### ####_____
___________########## ######## ###______
____________ ######### ######### #________
____________ _######## ########_ _________
____________ __####### #######__ _________
____________ ___###### #####____ _________
____________ ____##### ###*_____ _________
____________ _____#### ##_______ _________
____________ ______### #________ _________
____________ ______### _________ _________
____________ ______ #___________ _________
__########## ########_ ____*#### ######___
__########## ########_ __*###### #######__
___######### ########* _######## #######*_
____######## ######### ######### #######*_
______###### ######### ######### ########__
_______##### ## شكـرا على هذا الموضوع ######__
_______ ##### ## #####___
________ ### ######## وبارك الله فيك# #########____
__________## ######### ######### ####_____
___________########## ######## ###______
____________ ######### ######### #________
____________ _######## ########_ _________
____________ __####### #######__ _________
____________ ___###### #####____ _________
____________ ____##### ###*_____ _________
____________ _____#### ##_______ _________
____________ ______### #________ _________
____________ ______### _________ _________
____________ ______ #___________ _________
- نهروعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 16844
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: السنة ومكانتها
الجمعة 17 أكتوبر 2014 - 11:46
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسن الله إليكم وجزاكم خيرا
احسن الله إليكم وجزاكم خيرا
- الشيخ-سعدانعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3562
تاريخ التسجيل : 04/10/2010
رد: السنة ومكانتها
الخميس 23 أكتوبر 2014 - 14:24
الف شكر واثابنا واياكم الله تعالى
- MATMOUR-Dzعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4471
تاريخ التسجيل : 11/08/2010
رد: السنة ومكانتها
الخميس 23 أكتوبر 2014 - 19:27
مجهود ممتاز وموضوع زاهي
ربي يجازيك كل الخير
ربي يجازيك كل الخير
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 9:58
بارك الله فيك وجزاكم خير الجزاء
وكتب لكم أجرها في ميزان حسناتكم
وكتب لكم أجرها في ميزان حسناتكم
- سحتوت2عضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2770
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
رد: السنة ومكانتها
الأحد 9 نوفمبر 2014 - 4:03
جزاك الله كل خير على الاجتهاد المميز وبدون ملل
- Sahtoutعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1257
تاريخ التسجيل : 09/10/2010
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 24 نوفمبر 2014 - 1:56
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شكرا على الموضوع
ننتظر مواضيعك الجميلة بفارغ الصبر
مزيدا من التواصل والإبداع
شكرا على الموضوع
ننتظر مواضيعك الجميلة بفارغ الصبر
مزيدا من التواصل والإبداع
- بلالعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3446
تاريخ التسجيل : 12/06/2010
رد: السنة ومكانتها
الإثنين 24 نوفمبر 2014 - 2:07
جزاك الله عنا خيرا
على الموضوع القيم والمجهود المتميز
على الموضوع القيم والمجهود المتميز
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: السنة ومكانتها
الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 - 6:25
مجهود رائع بمحتوى أروع
أكرمك الله وسدد خُطاك
أكرمك الله وسدد خُطاك
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى