تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
+21
KingSoft
دادي
Bastos
FOR4ever
ABBASSE
FIFI
baba2
ZIDANE
عربي
K1sayda
سراج_الدين
محب الله
PRINCESSA
JABAdor
البغدادي
TOTO
Admin
FLAT
مصطفى
Kojack
ام بدر
25 مشترك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 10 أكتوبر 2013 - 1:10
تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا" -1-
دعوة الحق
203 العدد
عن حياة صاحب الكتاب ( 1833-1891م):
اسمه الكامل بيدروا انطونيودي الاركون انحدر من سلالة اندلسية (عربية) كالكثير من أبناء إقليمه الغرناطي المشتمل على قرى ومداشر ومدائن ما زالت تعج بالسلالات العربية وتجرى في عروقها دماء النخوة الهاشمية وتحافظ على العادات والمآثر الاندلسية.
ولد فيها صاحبنا الاركون في 10 مارس 1833 بمدينة واداش ذات الطبيعة الخلابة والطابع العربي الأصيل الذي لا يخفيه الا تلك المسوح المسيحية ولا يحجبه إلا ذلك الضباب الكثيف من فعل السنين وتراكم الأجيال .
في ذلك الوسط الفواح بالأمجاد الأصيلة نشأ الاركون عصاميا عبقريا وهو ما زال في حداثة سنه ، يعشق المعالي ويتشوف لإدراك الغايات البعيدة والظهور في المجتمعات الراقية والمشاركة في الأعمال الجليلة وخوض غمار المغامرات وركوب متن الرحلات والأسفار ...مسخرا في سبيل نيل ذلك كله طموحه النبيل وهمته العالية وادبه الجم وقلمه السيال وذكاءه الحاد وثقافته الواسعة ذات الأبعاد التاريخية واللغوية والادبية والفنية..
اتفق النقاد الاسبان على ان ثقافة الاركون ذاتية عصامية استمدها من فرط ما كان يقرأ ومن كثرة ما كان يبحث ويحاور ويسافر...ومن شغفه بتتبع الأحداث وملاحقة الأخبار ومجريات الأمور الوقتية والعالمية العابرة والغابرة...اذ كانت الصحافة في وقته ( القرن التاسع عشر) مزدهرة في أسبانيا وفي العالم الغربي ودور الطبع والنشر كذلك كانت اذ ذاك في الاوج بمختلف اللغات التي كان الاركون يقرأ ويجيد بعضها...مما جعل منه قارئا لها وكاتبا لا معا وصحافيا بارعا وأديبا جامعا وشاعرا ممتازا ...معدودا من الطبقة الرومنطكية.
ومن ثمة جاء أسلوبه في الكتابة محكما رائعا..
ينساب في خفة ورشاقة، وفي عفوية تامة لا تكلف فيه ولا تفعير، خال من الإسفاف ومن ركاكة العامية ومن هجنة الصحافة ومن الألفاظ الدخيلة وتداخل اللغات فكان بحق من خير النماذج الراقية في اللغة الأسبانية ..وبالتالي كان الاركون من جملة الكتاب الرومانسيين الأسبان في عصره.
فهذا يتمثل جيدا في أسلوب الكتاب الذي نحن بصدده فهو وان كان موضوعه يوميات...كيوميات الصحافيين المعهودة فانه يوفى بالغرض منها في تصوير المشاهد والوقائع حسبما تراه العين وتسمعه الإذن ..ثم انه يتجاوزها الى ما يحيط بها من خلفيات واماميات وما توحى به من أفكار واستنتاجات وما تبعثه من لواعج واحساسات وما تقتضيه من استطرادات واستفاضات ..وحتى ما يجملها من خيال ويحسنها من تشبيهات واستعارات بالاضافة الى ان كلماته ومفرداته ابعد ما تكون عن الدارجة الاسبانية وعن لغة الاكاديمية .. كانه يكتب لطبقة خاصة لا لعامة الناس.. ومع ذلك لا تفارقه السلاسة ولا تزايله العذوبة .. ما جعله دائما في متناول الجميع ويغرى به سائر القراء والباحثين..
واعتمادا على ما قرره النقاد الذين احاطوا بمؤلفات الاركون – وهي كثيرة –فان اسلوبه الممتاز ظل يلازمه في كل ما كتب .وحتى في احاديثه ومسامراته. لذلك كانت النوادي والصالونات الادبية تتنافس في حضوره وترغب في الاستماع اليه والقراءة له وخاصة مدريد التي كانت تجذبه بمحافلها ومسارحها وشخصيتها حيث كانت تربطه صداقات واتصالات باكبر الادباء وابرز الشخصيات من مختلف الاوساط الفكرية والسياسية .. نظرا لوفرة انتاجه القصصي والشعري والمسرحي.. ولما يمتاز به من عذوبة الحديث وامتاع المؤانسة في الجلسات..
وكان مما وصفوه به انه كان محبا للاسفار ومغرما بالرحلات وانه كان يتمنى ان يزور بلادا كثيرة ومنها المغرب الذي كانوا يطلقون عليه " افريقيا " فلما واتته الفرصة بقيام الحرب بين أسبانيا والمغرب سنة 1859 وامتدت الى سنة 1860 م المعروفة بحرب الستين –اهتبلها صاحبنا فرصة سانحة للتطوع في الجيش الاسباني ككاتب صحفي في فرقة تابعة للجيش الثالث الذي غادر اسبانيا في اوائل دجنبر 1859 من مالقة الى سبتة ..اي بعد قرابة شهرين من ابتداء القتال.إذ أن إعلان أسبانيا الحرب على المغرب كان في 22 اكتوبر 1859 ى.. واستمرت الى ان انعقد الصلح بين الطرفين في 25 مارس 1860 أي نحو خمسة اشهر ونيف وقد شاهد الاركون منها نحو ثلاثة اشهر وبضعة ايام اذ وصل الى سبتة صحبة فريقه العسكري يوم 11 دجنبر 1859 وغادر تطوان عن طريق ميناء مرتيل يوم 22 مارس 1860 عائدا الى مدريد أي انه لم يحضر وقائع الفترة الأولى من الحرب ولا وقائع الأيام الاخيرة منها فكان ذلك نقصا لم يسجله في مذكراته ويومياته أثناء الأحداث لذلك تدارك الامر وهو في مدريد فكتب ملحقا لمذكراته ضمنه بواسطة إفادة بعض الضباط ما فاته ولم يشاهده من الأحداث أولا واخيرا ..فجاءت مذكراته مستوفية لأحداث الحرب كلها...
واننا في عرضنا هذا لا نرمي الى ان نتتبع – ولو جزئيا – مع الاركون كل ما كتبه عن تلك الأحداث في سفره الضخم الطويل العريض، وانما نريد ان نبرز بعض سمات الكتاب وسمات الكاتب أيضا الخاصة بما كتبه عن بعض المآثر المغربية وأمجاد المغاربة التي شاهدها عبر المعارك خارج تطوان وهو شيء قليل والتي شاهدها وأعجب بها داخل تطوان وهو الشيء الكثير.. معرضين كلية عما أطال فيه في وصف المعارك والتغني ببطولات الاسبان وأمجادهم .. معرضين كذلك عما أطنب فيه وهو بتطوان من التعرض للجالية اليهودية وتتبع مساوئهم ومخازيهم..اذ انه بقدر ما كان معجبا بالعنصر المغربي كان يمقت العنصر الآخر إلى حد مبالغ فيه..
فميزة الكتاب في نظرنا – زيادة على ما فيه من معلومات قيمة نادرة –هو إنصاف صاحبه في كثير من المواقف واعجابه اللامشروط بالمغرب والمغاربة. يكيل لهم الثناء والاعجاب في كل مناسبة وحتى في ميادين العراك والنزال يكاد يقف في صفهم وينحاز –اقول يكاد ينحاز لأننا رأيناه في مذكراته ينحاز لقومه الأسبان مائة في المائة عند أول عهده بالمغرب قبل أن يحتك بالمغاربة ويسبر غورهم ويعرف حقيقتهم ثم رأيناه يعتدل شيئا فشيئا وهو في طريقه إلى تطوان ثم انه تحول واستيقظ فيه شيء لا ندري ما هو حين وقف على باب تطوان.. وحين وقف على مقابر المسلمين الاولين المهاجرين من الاندلس.. وحين وقف على شرفات القصبة يلقى أول نظرة فاحصة على موقع تطوان واسوارها وابراجها ومساجدها.. ثم حين تجول بتطوان ورأى حال المغاربة.. ثم عندما زار منازلهم واكل من طعامهم وسبر اغوارهم وعرف حقيقتهم – ثم موقفهم الصريح بجانب المغاربة عند مفاوضات الصلح فذلك بعض ما دفع بنا إلى التنويه بالاركون واقتطاف قطرات من كتابه القيم المعدود من خيرة مؤلفاته – ولا أقول أعماله- المطبوعة والمجموعة في 19 جزءا ونشير إلى انه في آخر حياته بلغ قمة المجد والشهرة ومات في قصره المنيف بمدريد في 10 يوليو 1891.
مقتطفات من الكتاب:
استهل الكاتب مذكراته اليومية شارحا الظروف التي دفعت به إلى اقدامه على المشاركة الاختيارية والتطوع التلقائي كجندي في فرقة الخدمة المدنية التابعة للجيش الثالث المعبأ على عجل إمدادا للجيشين الأولين اللذين كانا يقاتلان فعلا في واجهة سبتة ضد الجيوش المغربية منذ أن أعلنت أسبانيا الحرب على المغرب في 22 أكتوبر 1859 ذاكرا إن انطلاقته الأولى كانت من مالقة يوم 11 دجنبر 1859 قائلا: وأخيرا وبعد شهر من الانتظار جاء يوم ركوبنا .. سنقاسم إخواننا الذين يحاربون في الضفة الأخرى من البوغاز واسطولنا يتكون من 20 باخرة (باسمائها) وعلى ظهرها عشرة آلاف جندي (ذكر طوابيرها) وكتيبة من الخيالة واخرى من الدفعية .
ولما كان في عرض البحر ولا حت له صخرة جبل طارق قال عنها: تأملتها واني خجلت ان أرى مستعمرة اجنبية في التراب الاسباني.. قال: وأنا أجول نظري عنها إلى جهة سبتة التي هي بالنسبة إلى الأسبان تعويض عن ضياع جبل طارق.. والتي هي رهان ومبارزة لا تنقطع بيننا وبين المغاربة..
ولما بدت له معالم سبتة وهضابها وجبالها راح يلتهمها بنظراته ويرشقها بكلماته ويشيعها وصفا وتبيانا قطعة قطعة حتى كانه يعرفها من قبل ..
وحين صاح النفير معلما بالوصول صاح هو ايضا ((ساطأ ارض افريقيا)) ثم ذكر انه قفز في شوق الى اول زورق الى بر الميناء وكتب عن هذه اللحظة، لا استطيع إلا أن احنو على ركبتي وأتوجه إلى الله واهتف : إفريقيا .. أنت لي ..،
نجتاز معه تلك المرحلة الأولى التي اشبع كل شيء رآه أثناءها أوصافا وتهليلا وتقف على التقائه صدفة في أزقة سبتة بصديقين له (يظهر أنهما من المغرب) كان يعرفهما من قبل وقد ابتهج بلقائهما غاية وقدمهما للقراء بقوله :
احدهما ترجمان في المعسكر العام واسمه انيفال صغير السن يتكلم لغات اكثر من سنوات عمره، واسم الثاني مصطفى عبد الرحمان ، قال : ومعهما كنت اعددت السفر الى المغرب منذ اربع سنوات ولم يتحقق ذلك من جهتي ..
وتصوركم كان ابتهاجي عندما وجدتهما في هذه الأرض .. ثم ذكر ان بفضلهما تعرف على أماكن عربية هناك ومنها خلوة لزاهد مغربي توجد بسبتة ويطلقون عليها(( مسجد )) وصفه بانه صغير مبني بالحجارة والجير مقسوم إلى ممر مستطيل والى قاعة للعبادة بداخلها ضريح لصالح ومنبر صغير وعلى الجدار كلمات عربية بلون اخضر عرفت أنها (( باسم الله الرحمان الرحيم )) بفضل صديقي الأول ( الذي ذكره انفا).
ثم ذكر انه تابع سيره صاعدا ليزور القصر المغربي الذي كان يقع على تل هناك مشرف على مدينة سبتة والذي كان يدعوه الأسبان (( سيرايو او السراي)) ويدعوه المغاربة " الدار البيضاء" والمعروف أن من بناته القائد احمد الريفي حاكم تطوان ونواحي الشمال أيام المولى إسماعيل عند ضربه الحصار على سبتة لعدة سنوات .وصفه الاركون وصفا مسهبا جاء فيه: كان يقع في وسط غابة من الإحراج والاحراش الا أن الجند قطعوا الأشجار للتدفئة ليلا ونهارا وبقى القصر في جلال وكبرياء.. ولا شك انه كان قصرا عظيما..يتكون من طبقة واسعة تتيح على الأقل حياة ناعمة ولم يبق منه اليوم الا النصف وبعض الساحات الداخلية نصف خربة يشاهد فيها بعض الزخارف والفسيفساء الرائعة والدالة على الجمال الذي كان عليه القصر وان الطراز الذي يبدو في شرفاته وردهاته هو نفس طراز مسجد قرطبة ونفس الذوق الانيق الكائن بقصر الحمراء وقصر اشبيلة ..ويظهر في حجرة ليئة بالانقاض انها كانت احد الحمامات ..ورأيت قبة ذات قيمة عظيمة وقطعة كتابة ما زالت محتفظة بلونها الذهبي رغم الامطار والرياح.. ولم يخل القصر من ساحات بصهاريجها وعقود وسواري وجناح حرمي وجناح رسمي ومن قلاع واسطبلات وبرك وسواقي .. ولكن كل هذا قد تهدم من طرف البداة والغزاة .. وكان مرمما ولكن بكيفية غير لائقة بقصور العرب.. ومازال ممكنا اعادة بنائه إلى ما كان عليه بقليل من الصبر والانتباه حتى يعود كائنا حيا رافعا رأسه على تلك الربوة وحارسا هذه الشواطئ والممرات التي تصل اسبانيا بالمغرب وتربط المغرب بالمشرق قبلة المؤمنين وموطن الدين.. وختم الاركون هذا الوصف بان جانب القصر المقابل لسبتة ليس فيه ما يستحق الذكر الا تلك الصومعة الرشيقة المورسيكية التي ترفرف عليها الراية الاسبانية والا جدارا مكتوبا عليه بعابارات نارية ما سجلته الصفحات الاولى من تاريخ الحروب الاسبانية..
ومن هناك انطلق الاركون والتحق بفرقته وشرع في تدوين يومياته ..يوما بيوم ..يتتبع المعارك ويشاهدها نهارا ويدون احداثها ووقائعها ليلا ولا يترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها وعلق عليها واطنب في وصفها باسلوبه الرائق محاولا ان يضفى عليه حلة ادبية تبعده عن غبار المعارك ورائحة البارود وبرك الدماء ..
ونراه في خلال يومياته الاولى يتشوق لرؤية الجيش المغربي والوقوف منه على كثب ليتسنى له ان يصفه ويعطي عنه الصورة التي يتخيلها و يقرأها في القصص والروايات ..تلك الصورة المرتسمة في ذهنه عن المغاربة وعن شجاعتهم وطريقة تعبئتهم واندفاعهم الى حومة الوغى في صفوف متراصة مشاة وركبانا وقد طال انتظاره لرؤية الجيش المغربي على تلك الكيفية المتخيلة لان الفرق المغربية التي كانت تقاتل في الفترة الأولى يتكون معظمها من القبائل الجبلية للمنطقة وقتالهم يعتمد على الكمائن والعصابات يفاجئون العدو وياخذونه على غرة ولا يدري من اين ياتون ولا متى ينسحبون ..قد يكون ليلا او نهارا .. يمينا او شمالا.. من خلف او من امام .. وحتى اذا ظهروا وبدأت المعركة فسرعان ما تنتهي باختفائهم .. وهذا النوع من القتال يتعب الجيوش النظامية التي تقاتل بالصف لا بالكر والفر..فقديما قيل: قتال الاعاجم بالصف وقتال العرب بالكر والفر..
وذات صباح باكر وجد الاركون بغيته اذ لمح على قنن الجبال المواجهة للمواقع الاسباتنية صفوفا من الخيالة انسد بهم الافق وسالت بهم المنحدرات وتطايرت الأتربة والأحجار تحت سنابك خيولهم يتواثبون على الصخور كأنهم جراد منتشر..فاوقعوا الرعب في نفوس الاسبان واثاروا حمية الاركون ووجد فيهم مادة دسمة لقلمه فكتب يقول : لحظة ابتهاج ..هناك فوق الجبل نرى اشكالا غريبة راجلة وراكبة .كانهم نسور طائرة . عليهم جلابيب واكسية بيض تتطاير من جنباتهم كأنها اجنحة تدفع بهم الى الامام واسلحتهم تلمع كالبرق في واضحة النهار والخيل تندفع بهم كانها في حلبة سباق .. وتتمايل في خيلاء كانها تتفسخ على رمال الصحراء.. يشكلون استعراضا كلاسيكيا وتكتيكيا عسكريا فريدا ..ويتقدمها فارس لا كالفرسان لا أدرى هل هو جني ام إنسان، فاقهم جمالا وكمالا وامتاز بينهم بخفته وحماسه وزاد باناقته ورونق شبابه قيل انه شريف وزاني من زعماء المغاربة وقادتهم الشجعان الأبطال ... وأخيرا تساءل الكاتب : من هؤلاء ومن اين أتوا..؟
ونحن تيقنا ان اولئك جيش من قبائل الغرب ما بين الرباط ومكناس يقودهم الشريف الوزاني (الحاج العربي) وهو من اهل الرباط ومن عائلة الشرفاء الوازنيين المشهورين بالغيرة والحمية.. وقد ابلى ذلك اليوم هو وفريقه بلاء نال به رضا الله ورسوله والمومنين واحرز به على الشهادة في سبيل الله اذ انه سقط شهيدا في معركة الفنيدق بعد ان صرع الرصاص تحته عدة خيول .. وكم له من مثيل في تلك الايام العصيبة امثال القائد ابن عودة والقائد ابو ريالة وقد اشاد صاحبنا الاركون بهؤلاء كما اشاد بشباب مغربي وجده بين القتلى مضرجا بدمائه وهو ما زال في مقتبل عمره فوقف يرثيه ويقول: اني لا ارى فيك عدوا مقتولا بل ارى فيك إنسانا شريفا آثر ان يضحى بشبابه في سبيل امته ويترك اباه وامه يندبان عليه ويتركني انا اسف على موتك قبل الاوان وعلى تركك زهرة الحياة وانت ما زلت غض الاهاب...
وفي مناسبة اخرى كتب يشيد بشجاعة المغاربة وطريقتهم في القتال: ان سر فوات المغاربة اننا نجهل عنهم كل شيء، لا نعرف عددهم ولا متى ياتون ولا من اين يجيئون وان الارض هي التي تنشئهم وحضورنا هو الذي يوقظهم من جحورهم لا يعرفون الا عندما يظهرون. سيان كانوا مليونا او دورية من مائة رجل ، فاذا اندحروا بالامس فمعناه انهم سياتون غدا.والهزائم المتتابعة لا تثبطهم ولا الخسائر تنقص من عددهم ، عددهم يزداد بكيفية مدهشة كل حجرة وكل شجرة ترمي باحد من تلك الكائنات العجيبة .تمتلئ بهم الغايات وتسيل بهم الوديان ويبرزون من الجبال كنتف الصوف ومن التلال والوهاد كأمواج السحاب والضباب.
وبعد.. فاننا نصرف النظر عما أطال فيه صاحب المذكرات من تتبع الوقائع الحربية.. الى ما قصدنا لاجله في هذه الترجمة من ذكر حال تطوان في تلك الفترة العصيبة مسترشدين بما خطه قلم الاركون في مذكراته وهو شاهد عيان ورائد لا يكذب اهله ولسان صدق عند قومه وعند الاخرين.
على اننا لا نذكر الا القليل من الشيء الكثير ولا ناتي مما افضى الا بالنزر اليسير..اذ المقام محرز والكتاب فيه ما يقال وما لا يقال. او على الاصح فيه ما يهمنا وفيه ما لا يهمنا. وقد اشرنا انفا الى الاشياء الكثيرة التي أغفلناها عن قصد في العرض وان كنا لم نغفلها في نقلنا للكتاب من الاسبانية الى العربية والله من وراء القصد.. وفي عدد قادم نتابع العرض ان شاء الله..
يتبع
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 10 أكتوبر 2013 - 1:11
عن دخوله لتطوان ( فى فيراير 1860) :
نوالي عرض ما قصدنا لاجله فى هذه الترجمة من ذكر بعض احوال تطوان المدنية والاجتماعية مما استخلصناه من يوميات الكاتب الاسباني دي الاركون المتطوع فى فرقة الخدمات المدنية التابعة للجيش الثالث الذي أتى من اسبانيا على عجل مددا للجيشين الاول والثاني فى الحملة الحربية العظيمة القاصدة احتلال تطوان (1860) انطلاقا من مدينة سبتة المجاورة التي لا تفصلها عن تطوان الا نحو اربعين كيلومترا ومع ذلك استغرق القتال بينهما اكثر من ثلاثة اشهر وقد شاهد صاحبنا الاركون منها قرابة شهرين ابتداء من 11 دجنبر 1859 تاريخ خروجه من مالقة الى 6 فبراير 1860 حين دخوله تطوان مع القائد العام اودونيل .. تلك الفترة القاسية الهائلة التي قاسى فيها الكاتب الامرين ، مرارة الحرب الفظيعة ومرارة فصل الشتاء القارس والامطار المتوالية وتراكم الاوحال والزوابع وانتشار الاوبئة والامراض .. وغير ذلك من الاهوال والمتاعب التي جعلت كاتبنا يستبشر ويطير فرحا لما وجد نفسه على ابواب تطوان حيث كتب ما يلي : " اخيرا وصلنا .. اخيرا استطيع ان اؤرخ هذه الرسائل ( لانه كتب يومياته فى صورة رسائل صحافية ) من تطوان بعد ما ارختها بعدة نقاط فى الطريق من سبتة ، من السراى، من الفنيدق ، من واد اسمير ، من كابو نيكرو ، من الواد الحلو .. كل هذه الاسماء الملطخة بالدماء التي عنونت بها عدة مرات مذكرتي تبدو لي الآن فى مخيلتي كانها اضغاث احلام .. وكذلك معسكراتنا ومخيماتنا فانها اختفت وتعيش الآن فى طيات التاريخ الذاهب .. كم من ليال مرت تحت خباء تعصف به الرياح او على ضوء نار خافت او على قمم جبال موحشة وفى غابات وسهول وضفاف انهار وفى خنادق واغوار .. وتحت وطاة ذلك الشتاء الطويل الذي عشنا فيه كاننا وحوش مفترسة فى الادغال .. وفى غمار تلك المعارك الضارية التي تضورنا فيها جوعا وكابدنا الاتعاب والحرمان والاهمال .. وصارعنا خلالها الامراض والموت الزؤام .. كل ذلك قد انتهى الآن .. انتهى ابتعادي عن المجتمع وعن العالم كله .. تلك الوحدة الموحشة التي طويت فيها ليلة الميلاد وليلة السنة الجديدة ويوم الملوك الثلاثة .. ايام وليال قضيتها بالم مزدوج وبحسرة وانقباض .. كل ذلك مضى وذهب مع الايام .. الآن انا فى سبيلي الى سقف يظلني والى بيت يؤويني والى مدينة تحتويني .. كل آمالي تحققت .. وانا واحد من المحظوظين الذين يدخلون تطوان ..
ثم اخذ يروي اخبار تطوان الواصلة اليهم ممعنا فى ذكر الحالة السيئة التي كانت عليها المدينة فى الليلة السابقة لدخولهم اياها .. ثم ذكر كيف نظم القائد العام اودونيل موكبه قبل الدخول وكيف رتب كل شيء المسير اليها .. حيث عين على كل فرقة من جيوشه جنرالا من جنرالاته دخل على راس فرقته فى الجهة المعينة له .. وسار هو بوصفه القائد العام على راس طابور يتقدم موكبه ومعه اركان حربه قاصدا الباب المعروف بباب المقابر حسب الخطة التي كان قد رسمها وكانت محل اتفاق بينه وبين الوفد الممثل لسكان تطوان وعلى راسهم احمد ابعير .. قال الكاتب : وانا منذ البداية اتخذت قرارا ان لا افارق الجنرال اودونييل فى هذه الساعة المشهودة لاتمكن من مشاهدة سائر المراسيم واسجل جميع المشاهد والوقائع الكبرى التي تصحب هذا الحدث العظيم .
الدخول :
كانت الساعة التاسعة صباحا يوم 6 فبراير 1860 حين تحرك موكب القائد العام نحو باب المقابر منطلقا من المعسكر العام الذي يقع اسفل المدينة على طريق مارتيل .. فاغتنم الاركون الفرصة فصار يصف ما يمر عليه فى طريقة من معالم المدينة وضواحيها ومزارعها وبقايا العمارة ومخلفات الحرب ومنازل مهدمة وسواقى وقناطر وخنادق .. واشياء اخرى كثيرة جعلته يتذكر بروح شعرية حالة طفولته وكيف كان يلعب ويجري فى مدينته الموريسكية واد آش .. فى بيئة اشبه بما رآه هنا خارج تطوان .. ولم يصرفه عن تأملاته وتخيلاته الا وصول موكب اودونيل الى باب المقابر ..وكان فى حسابه ان يجده مفتوحا وفيه من ينتظره .. ولما وجده مغلقا ولا من ينتظره اصدر اوامره بفتح الباب واجابه الحراس من الداخل بان ليست عندهم المفاتيح فامرهم بكسر الاقفال .. وفعلا كسرت الاقفال وفتح الباب .. فدخل القائد العام بمفرده على فرسه آمرا من معه ان لا يدخل معه احد خوفا من مكيدة تدبر لهم .. ولما اطمأن على سلامة المكان عاد اليهم واذن لهم فى الدخول .. وفى نفس الوقت كان قواده الآخرون قد دخلوا المدينة من الابواب المعينة لهم ، ولم يلقوا مقاومة تذكر .. وكانت فرقة تقدمت الى اعالي القصبة المطلة على المدينة ورفعت العلم الاسباني على صاريها وحيته بطلقات مدفعية اهتزت لها المدينة وزرعت الهلع فى النفوس .. وعلى الاثر سارت الفرق العسكرية تحتل احياء المدينة وابراحها وساحاتها واجواقها الموسيقية تصدح باهزيجها واناشيدها وهتافاتها .. الا انها لم تجد تجاوبا الا من نزر قليل من السكان المتمثل بل المنحصر فى الاقلية اليهودية ومن على شاكلتهم .. كما يتجلى ذلك واضحا من يوميات الكتاب ..
استطلاع :
اما القائد العام فانه قبل ان ينزل الى المدينة رأى ان يصعد مترجلا هو ومن معه الى اعالي القصبة حيث يرفرف العلم الاسباني ويلقي من هناك نظرة عامة فاحصة على المدينة وابراجها واحيائها واحوازها ليعلم كيف يرسم خططه ويتصرف ..
ومما كتبه الاركون عن هذا الاستطلاع الاول انهم فى طريقهم اليه اجتازوا على مقابر المسلمين الاولين وظنوها فى اول الامر بقايا منازل قديمة ( نظرا الى الطريقة العتيقة التي كان الاندلسيون يبنون بها القبور حيث كانوا يجعلونها على هيئة حوش مغطى بقباب واقواس كما يدل عليه المتبقى منها الى الآن ) .. ووصف الاركون بانه لم ير ابهى منها وبان اقواسها وزخارفها لا يوجد لها مثيل فى اروبا وانها كلها بالآجر والجبر وباتقان وبياض باهر وتنبت فيها اشجار اللبلاب والخروب وازهار الياسمين والرياحين .. ولكن لا اسماء عليها ولا تواريخ ولا كتابه .. قائلا : ان الموت هنا بليغ وان كان اصم ابكم .. كالذي يوجد فى تصورات الانسان .. واضاف : اننا صعدنا من هذا المكان المقدس بدون مبالاة .. نقفز من قبر الى قبر باقدامنا واحذيتنا وتصطدم اسلحتنا برخام المقابر .. ولا شك من وطأة اقدامنا واسلحتنا .. اولئك النبلاء العرب الذين ولدوا بغرناطة وجاءوا ليموتوا فى هذه الارض .. اولئك الذين لم يجل بخاطرهم انه سياتي يوم تلحق فيه هذه المحنة ابناء النبي .. آه .. لو استيقظوا ورفعوا الرؤوس ورأونا بالصليب على الصدور والسيوف على الحزام .. ثم استرسل يقول : وبينما افكر على هذه الصورة اذا بنظراتي تتبع سربا من حمامات بيضاء وهي تطير فوق المدينة وتروعها جلبة وضوضاء جنودنا فى الازقة .. ولا تدري اين تتجه .. وفى النهاية التجات الى الملاذ الذي يلجا اليه كل خائف .. احتمت بمسجد المدينة بصومعة الجامع الكيبر .. من هناك ايضا ذكر انه لمح على سطوح المدينة – وهي شبه خالية – اشخاصا لا يدري اهم رجال ام نساء لانهم جميعا يلبسون لباسا متشابها .. ( هو بجهل ان الرجال لا يصعدون عادة الى سطوح المنازل فى عرف المدينة اذ هي خاصة بالنساء ) .. كما ذكر انه من هناك ارسل نظرة الى الحدائق والجنات والبساتين المنبثة والمحيطة بالمدينة .. فرأى ان تطوان مثل زمردة خضراء او مثل فص ابيض فى خاتم اخضر بين اصبعين ( جبلين ) ملتفعين بكوة خضراء .. وان كل شيء رائع وباسم فى هذه الربوع الا سكانها التعساء .. الذين يهرعون منها ويهربون فى افواج .. يا له من مشهد .. ! ذلك المشهد المؤلم الذي يبدو لي من بعيد لاولئك الفارين العائدين من جديد الى بداوتهم الاولى .. النساء يحملن اطفالهن والشباب يأخدون بيد المشايخ والجرحى والعجزة محمولون علىالدواب .. والخيل التي كانت تقاتل صارت تحمل الاثقال .. والنبلاء والاثرياء يسيرون راجلين مع الاشقياء والضعفاء .. يذكرني هذا بهجرة الموريسكوس عندما طردوا من اسبانيا .. ان المغاربة يفضلون كل انواع الحرمان والبؤس والشقاء ولا يرضون بذل الاعتراف بهزائمهم .. هذا شيء بطولي وقديم فى الشعوب الباسلة ..
تنظيمات :
ثم تعرض الاوكون لبعض الاعمال التنظيمية التي بادر القائد العام اودونييل بالقيام بها التي منها التحاقه بدار المخزن الكائنة فى ساحة الفدان ( السوق ) وكيف نجا من انفجار مدبر وقع بها وكيف استعرض جيوشه فى الساحة وكيف رتب شؤون المدينة بان عين الجنرال ريوس حاكما عاما للمدينة وعين بجانبه حاكما مغربيا ( وهو الحاج احمد ابعير ) وكلفهما باحصاء المنازل العامرة منها والفارغة وانزال الضباط الكبار بها واختيار اللائق منها للمصالح والمرافق العامة .. الى غير ذلك من الاجراءات المدنية الضرورية .. مشيرا الى ان القائد العام اودونييل فضل ان يبقى مقيما بمعسكره العام خارج المدينة وكذلك بعض جنرالاته وان كان جعل تحت تصرفهم دورا لائقة بهم فى المدينة .. واما الاركون نفسه فانه ذكر انه كان يقيم اولا فى بيت الاسرائيلي ابراهام من اعيان اليهود واثريائهم ثم انه انتقل الى دار آل اشعاش الكائنة بالفدان واستقر بها طول مقاومه بتطوان مع احتفاظه بخيمته الخاصة به فى المعسكر العام وفى نفس الوقت كان يتردد على بيوت كثيرة يطيب له ان يسهر فيها ويلهو مع اصحابها الضباط كدار الفقيه الشربي التي اشار الى بعض مغامراته فيها ( وسياتي بيانها ) .
جولات :
وهو فى ذلك كله لا يترك فرصة تتاح له الا وانتهزها ليبحث وينقب ويتجول ويسجل كل ما سنح له ويصف كل ما عن له من الاشياء كبيرها وصغيرها جليلها وحقيرها ولا سيما ما يمت منها باي صلة الى الشؤون المغربية متخذا معه دليلا من ابناء المدينة يدله على خفاياها ويرشده الى خباياها ويعرفه بعادات اهلها واحوالهم الحاضرة والغابرة .. الا انه كان يمقت هذا الدليل ويهزأ به ويشتمه فى وجهه واحيانا يطرده .. ومع ذلك ظل يلازمه ويمعن فى طاعته وخدمته كلما تعمد صاحبنا فى اهانته واذلاله .. لان ذلك الدليل من الجنس الذليل الذي لايحس بمهانة ولا يبالي بزراية .. وهذه النعوت تغني عن التصريح باسمه واصله ..
عزة النفس عند المغربة :
وكان من استنتاجات الاركون من خلال جولاته واستطلاعاته ان المغاربة وبالاحرى سكان تطوان من عنصر كريم ومحتد اصيل وفى مظهرهم ومخبرهم تبدو امارات النبل وتبرز دلائل العزة الانفة لا يرضون بالضيم والصغار ولا يحنون الراس لاي كان مهما توالت عليهم النكبات وتعاقبت المصائب والهزائم .. فهم لا يعترفون لنا – يقول الاركون – بهزيمتهم امامنا ولا بانتصارنا عليهم .. استنتج الاركون من المعارك التي شاهدها ومن موقف المغاربة التطوانيين وعدم اكتراثهم بالجيوش الاسبانية وهي تحتل مدينتهم .. فقد آثروا ان يجلوا عنها ويتركوها بلقعا على ان يشاهدوهم فى ازقتها ويبادلوهم التحية والمنافع .. وحتى الضعاف والعجزة منهم الذين لم يستطيعوا مغادرة البلدة فانهم لاذوا ببيوتهم ولازموها ليلا ونهارا صابرين على الجوع والخصاصة كاتمين آلامهم ومتجرعين همومهم الى ان ياتي الله بالفرج .. ومن اضطرته الظروف لمغادرة بيته الى الشارع فانه لا يلتفت الينا – يقول الكاتب -- ولا يعيرنا ادنى اهتمام كاننا لسنا بموجودين .. وقد قص الكاتب كثيرا من الشواهد والوقائع شاهدها بنفسه تدل على صدق ما يقول .. من ذلك انه لاحظ عند دخول الجيوش الاسبانية الى تطوان خلو الطرقات والسطوح والنوافذ وسائر الممرات من العنصر المغربي .. لا وجود لهم اطلاقا ولا للفضوليين منهم .. ولا ساحة الاستعراض التي تجلب اليها عادة غمار الناس فلم يشاهد الاستعراض الا بعض اليهود القريبين منها .. وقال الاركون انه كثيرا ما كان يتجول فى الازقة وهي خالية تماما فيقول له دليله : انهم مختبئون فى بيوتهم .. قال : فنتسمع من اخصاص الابواب فنحس ان بداخلها حركة ودويا كدوي النحل .. وان بها جرحى ومرضى يكتمونهم عن السلطات الامر الذي جعلني – يقول الاركون – اكن اعمق الاحترام لاولئك الذين يكتمون آلامهم ويصبرون على بلواهم .. كما لاحظ ان بعض الصبيان يغفل اهله ليطل من الباب ولكن سرعان ما تمتد يد من الداخل فتجذبه وتصفق الباب .. كما لاحظ فى احدى جولاته انه مر فى زقاق ووجد فيه شيوخا يجلس كل واحد منهم بباب بيته منعزلا عن جاره الآخر لا يلتفت اليه ولا يبادله الحديث مع قربهم من البعض .. قائلا وذلك من فرط تحفظهم وابتعادهم عن الفضول خوفا من ان يصدر من احدهم شيء يتم عن اعترافهم بالوجود الاسباني فى مدينتهم .. واضاف ان هؤلاء المغاربة الذين كانوا اغلقوا عليهم ابواب بيوتهم ولبثوا قابعين فيها ربما اضطرهم طول المكث الى الخروج ولو لبضع ثوان وعدة خطوات قصد استنشاق الهواء النقي ..
كما قص علينا الكاتب قصة ذلك الشيخ الذي مر عليه موكب القائد العام فى طريقه الى وسط المدينة يوم دخوله تطوان .. فرأى الاركون من ذلك الشيخ صورة من صور الإباء الممزوج بالترفع وعدم الاكتراث .. كان شيخا طاعنا فى السن ذا لحية طويلة بيضاء كالثلج وعمامة كثيفة وحائك من الصوف كان جالسا امام دكان صغير لا شك انه له وكان باب الدكان ورفوفه الخشبية ركاما على الارض .. ويداه على فخذيه وعيناه مركزتان على الارض كانه غارق فى بحر التأملات .. مر الموكب حواليه فى صخب ولجب دون ان يرفع رأسه لينظر ما حوله ولا انه تململ من مكانه ليتقي على الاقل سنابك الخيل ويتحاشى ان يصيبه مكروه .. قال : فاعظمنا فى الشيخ هذا الاباء واكبرناه فى نفوسنا .. واشرنا اليه بالتحية بايدينا وما تحرك ولا بالى بنا ..
وقد تكرر مثل هذا الموقف .. مما جعل الكاتب فى مشاهد مماثلة يدون فى مذكرته ان المغاربة عند ما تمر مواكبنا لا يعيرونها التفاتا ولا يرفعون اليها رأسا ولو على سبيل الصدفة .. انهم يعتقدون ان النظر الينا والى مواكبنا معناه الاعتراف بنا ولو ضمنيا .. يصدق عليهم مثلهم العربي : اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .. اني لم ار نبلا اقدر على تحمل المصائب مثلهم .. جائعون ولا يطلبون الخبز ، يتالمون ولا يبكون ، يموتون ولا يتساهلون معنا ، قراراتهم لا يفصحون عنها ولو بالتبجح بالوطنية ، يكتفون باقتناعهم بانهم لن يكونوا عبيدا لنا ابدا .. الحقيقة انني لا ادرك مستوى حضاريا اكثر من هذا ، فاذا كانت الحضارة تعني تمجيد النفس الانسانية وجعلها تنتصر على المادة وعلى الشهوات فانا اعتقد ان ثبات المغاربة وصمودهم وعزة النفس التي يحتفظون بها فى الهزيمة – هذا الشموخ المستمد من دينهم -- لمما يظهر لنا ويعطينا الدليل على انهم عنصر قوي يمارس قدراته بحكمة سقراط .. وان لا سبيل الى غزوهم وقهرهم ولو بالقوة ولا بالحضارة الكاثوليكية .. انهم يشبهون الانجليز فى جل الصفات ..
حضارة تطوان :
هكذا كان الاركون فى تجولاته بحارات تطوان يسبر الاغوار ويستشف ما خلف الاسوار وما وراءها من الاسرار .. ليس كالسائح الذي يقف عند المظاهر ويكتفي بالقشور بل انه يتعداها الى الكشف عن حقائق الامور والى رد الفروع الى اصولها والمعلومات الى عللها وحكمتها .. شأن العالم المنقب والصحافي الماهر المستطلع ، لذلك كان يلهج بالحالة التي وجد عليها المدينة ويبهج بحالة اهلها المحافظين وتمسكهم بعاداتهم وحضارتهم العتيقة .. وآثارهم القديمة .. ومما كتبه فى هذا الصدد : انني وجدت تطوان لا احلى منها ولا ابهى ، فلو كانت كما يريدها اصحابي الجنود من توفرها على مظاهر الحضارة الاروبية من اوطيلات ومقاهي ومسارح ومقاصف ونوادي وملاعب ... الخ لو كانت كذلك لرأيتها انا عديمة الجدوى لا تعدو ان تكون كحي من احياء المدن الاوربية ، اذن لا داعي للمجيىء اليها .. فانا انظر اليها بعين الفنان الذي لا ينظر الى القشور والظواهر بل يغوص الى اعماق الاشياء ، يستشف وراء المحسوس والملموس .. اني وجدت تطوان كما كنت اتمنى ، عربية صرفة لا مثيل لها عندي فى المدن الاوربية ، هي فى نظري عش المغاربة الخلص وبقية مما تركه اجدادهم فى البيازين بغرناطة الفيحاء .. واضاف ان المغربي يعزف عن الملاهي ويميل الى الانعزال ويكره التظاهر بالاشياء الفارغة ، فلا يقيم وزنا لمظهر بيته الخارجي ولا للمغريات والمباهج الزائفة .. واستنتج من ذلك ان المغاربة يجعلون المدينة مقبولة من الخارج والبيوت مزينة فى الداخل .. ثم استطرد يقول : وهناك استئناء وهو ذلك الفندق الكائن بفسحة الوسعة المقام ازاءه مقهى عمومي احدثه الجزائريون اللاجئون الى تطوان ويرتاده الشباب والشيوخ على السواء حيث يتناولون كؤوس الشاي والقهوة ويتبادلون الاحاديث .. وذكر انه كان يشاركهم فى هذا المقهى وانه معجب بطعم القهوة التي يغلونها على النار فى غلايات خاصة .
ووصف المدينة بانها كبيرة نوعا ما ومزدحمة وان سكانها يقدرون ب 50 الف نسمة وان بها اسواقا حسنة وساحات واسعة وقيسارية تحتوي على اكثر من 300 دكان الا انها مخربة الآن ومنهوبة وهناك سقايات عمومية وافران وحمامات وفنادق للتجار وللدواب ...
بيوت تطوان :
ووصف بيوت تطوان بانها تذكر ببيوت الاندلس القديمة من حيث التخطيط والمرافق .. وان ترف البيت يتجلى فى الابواب والنوافذ الداخلية وفى السقف المخدوم بنقش رائع على الخشب الملون .. وكذلك فى الموزيك الذي يكسو الارض والحيطان .. وفيما يخص الاثاث ذكر ان آماله لم تخب عند زيارته لبعض البيوت .. ( فالاثاث الذي رأيته والزرابي والستائر والخزانات وادوات الاكل وكل ما شاهدته ودرسته كان اصيلا وفنيا رائعا ، له مميزات شرقية جد بارزة مليء بالكتابات والصور الرمزية والخطوط الهندسية .. ويطابق تماما الامتعة الموريسكية الموجودة فى اسبانيا .. كل شيء لم يتغير ، الفن والصناعات والعوائد .. تطوان اليوم معناها رؤية قرطبة القرن الثالث عشر ) .
دار الرزيني :
وكان قصر الحاج محمد الرزيني الشهير من اكبر البيوتات التي تعلق بها الاركون واستصدر اذنا خاصا من الجنرال الحاكم يسمح له بزيارته ، اذ كانت عليه حراسة عسكرية خوفا من امتداد يد النهب اليه بعد ان غادره صاحبه فى جملة من غادروا تطوان والتجأ الى بستان له يقع غير بعيد من تطوان فى الاجنة المعروفة هناك بمدشر كيتان .. ووصفه الاركون بانه غني جدا وان اخاه ( يقصد الحاج احمد الرزيني ) اغنى منه .. يقولون عنه انه يزن الذهب بالقفاف وانه عندما فر من تطوان البارحة ( كذا ) حمل امواله على تسعة بغال وعلى ثلاثة جمال وثمانية عبيد .. وان القصر نفسه يكشف عن هذا الثراء الفاحش ، وبما انه قصر فاخر فان صاحبه تركه كما هو لما شرع فى بناء قصر آخر بجانبه يريده افخم منه واعظم .. فجاءت الحرب وتوقف البناء .. فالاقواس قائمة والاخشاب مجموعة واكوام الموزيك باحجامها والوانها وتصاميم الرياض الواسعة .. كل هذا ينبىء عما سيكون عليه القصر لو تم ..واما ما يتعلق بالدار القديمة فانها وحدها كافية لتعطينا فكرة عن حياة ذلك الاستقراطي الذي كان يسكنها .. الغرف واسعة والسقوف عالية جدا وهي من الخشب الملون المصنوع بدقة متناهية .. والحيطان كلها مكسوة بالفسيفساء الجميلة وكذلك الحنايا والاقواس المكونة للممرات ، فهي تخطف الابصار وتعجب برقتها وفخامتها ..
ثم تابع يقول : واول شيء يرغب فيه المرء عندما يدخل الى هذه الدار هو الجلوس والاتكاء عدة ساعات .. فهناك الهدوء والراحة وشيء آخر لا اجد له اسما .. هناك ظل الاشجار وخرير المياه وازهار البرتقال التي تعطر الجو والطيور التي تغرد وتزقزق بين الاقواس والاشجار.. واسترسل يقول : لا املك وانا ما زلت فى الصحن الاول من هذه الدار الا ان افكر فى النساء .. ولم لا .. ! وهذه التحفة الفنية بنيت للحب .. والجو ما زالت عبقا بطيب الحريم .. فصرت اتحسس واتسمع الى ان سمعت من وراء ستار غناء امراة وبكاء طفل .. ولكن التعليمات تقضي بان لا انتهك الحرم واقتحم الحجب .. والحارس وهو مغربي مسن واقف لي بالمرصاد .. ومن ورائه عسكري مسلح واقف بالباب لا ياذن الا لمن بيده ورقة ممهورة من الحاكم وعليها تعليمات صارمة .. الا انني بحيلة استطعت ان اغافل الحارس المغربي واتسلل الى غرفة انيقة وفيها فتاة سوداء تهز بيدها مهدا يرقد فيه صبي .. تاملتها فاذا هي فاتنة كانها قطعة من الكهرمان الاسود .. ابتسمت وافترت عن ثغر نضيد من اللؤلؤ دون ان تبدي انزعاجا او نفورا .. وتاملت غرفتها فاذا كل ما بها آية من الآيات .. سرير ملوكي مغطى باقمشة حمراء فاخرة وستائر من الحرير ومتكآت عديدة ومخدات كثيرة وفى الوسط مبخرة ذهبية على صينية ومعها كؤوس بلورية وابريق لماع .. الى غير ذلك من الاواني والتحف النادرة .. ولم يسعني الا ان انسحب من الغرفة قبل ان ينكشف امري .. ثم اكتشفت ان هناك جناحا آخر فيه بقية نساء الرزيني اللائي لم يصحبهن معه .. وتابعت تطوافي على سائر الغرف والمرافق فاذا هي تحتوي على اثاث ثمين من مختلف الانواع .. وكذلك المخازن فانها ممتلئة باصناف الماكولات والمشروبات . ( واطال القول فى ذلك كله اذ تتبع كل ما احتوت عليه الدار من النفائس والذخائر الدالة على ثراء الرزيني الرجل الدبلوماسي الذي كان فيما سبق قنصلا معتمدا للمغرب فى جبل طارق وكانت جل الصادرات والواردات تمر على يده ...).
الجامع الكبير :
وكان الجامع الكبير من معالم المدينة التي حرص صاحبنا على زيارتها .. فبادر هو ورفيق له الى زيارة الجامع قبل ان يمنع الحاكم زيارته على غير المسلمين كما هو المتبع عند المسلمين المغاربة من منع دخول غيرهم بيوت العبادة ( والمعروف ان اودونييل كان تعهد للوفد الممثل لسكان تطوان باحترام امكنة العبادة ولكنه لم يوف بهذا التعهد .. ) قال الاركون وجدنا حرسا عسكريا على باب الجامع الكبير وهو باب مهيب عليه نقوش وزخرفة باهتة .. دخلنا وطفنا جنبات المسجد فاذا هو خال الا من الحصر وبعض المنابر المهيأة للوعظ اشبه ما يكون بالكنائس البروتيستانية الخالية من التماتيل والتهاويل .. فجلسنا جانبا فى الصحن الواسع انا ورفيقي .. يرسم هو بريشته ما يراه واكتب انا بقلمي ما يبدو لي من افكار حين لم اجد شيئا يستحق الوصف ، وقلت ها هي اقدامنا واحذيتنا وطئت ارض هذا المسجد وسقفه يردد صدى وقع اقدامنا المنتعلة بنعال النصارى الثقيلة الوطأة .. اين ذلك النبي .. لماذا لا يهدم على رؤوسنا هذا البيت الذي دنسناه باحذيتنا وانتهكنا حرمته باقتحامه ..
وسجل فى الاخير ان المؤذن حضر ونظر اليهم بامعان وقصد المزولة وقاس ظلها بعينه واشار اليهما بان الساعة هي الثانية فصعد الى الصومعة واذن للصلاة : الله اكبر .. الله اكبر ..قال : فبادرنا بالخروج وتركنا المكان لقداسته وللمؤمنين الذين اخذوا يتواردون لاداء الصلاة .. وكنا نسلم عليهم : سلام ، فيردون علينا بمثله ..
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 10 أكتوبر 2013 - 2:35
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
- مصطفىمشرف منتدى العجائب والغرائب
- الجنس :
عدد المساهمات : 26565
تاريخ التسجيل : 04/04/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 10 أكتوبر 2013 - 3:26
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك
علــى موضوعك المميز
والمعلومات القيمة
تحياتي الصادقة
بارك الله فيك
علــى موضوعك المميز
والمعلومات القيمة
تحياتي الصادقة
- FLATنائب المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 29873
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 10 أكتوبر 2013 - 21:53
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 10 أكتوبر 2013 - 22:28
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
- TOTOعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19472
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 12:47
السلام عليكم ورحمة الله
بوركت على المجهود المتميز.
بوركت على المجهود المتميز.
- البغداديعضو مميز
- الجنس :
عدد المساهمات : 967
تاريخ التسجيل : 12/09/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 18:41
جزاك الله خير الجزاء وأحسن إليك.
- JABAdorعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 17947
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 19:26
جزاكم الله خيرا عما تقومون به
من مجهود خدمتا لرواد المنتدى
من مجهود خدمتا لرواد المنتدى
- PRINCESSAمشرفة منتدى حلويات
- الجنس :
عدد المساهمات : 29189
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الجمعة 11 أكتوبر 2013 - 21:17
موضوع رائع
سلمت يداك على الطرح المميز
يعطيك الف عافيه
ولا يحرمنا من ابداعك وتميزك
بانتظـــــــار جديدك
سلمت يداك على الطرح المميز
يعطيك الف عافيه
ولا يحرمنا من ابداعك وتميزك
بانتظـــــــار جديدك
- محب اللهعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 9868
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
السبت 12 أكتوبر 2013 - 0:29
مجهود أكثر من رائع
بموضوع يثلج الصدر
بموضوع يثلج الصدر
- سراج_الدينمشرف صلة وصل بين الاعضاء
- الجنس :
عدد المساهمات : 16960
تاريخ التسجيل : 03/09/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
السبت 12 أكتوبر 2013 - 14:25
شكراً على المتابعة والافادة
- K1saydaمشرف صلة وصل بين الاعضاء
- الجنس :
عدد المساهمات : 14285
تاريخ التسجيل : 04/10/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الإثنين 14 أكتوبر 2013 - 6:09
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
مشاركة قيمة ومميزة لاحرمك الله اجرها وثوابها
وجعل ما نقلت وكتبت في موازين حسناتك
و بارك الله فيك.
مشاركة قيمة ومميزة لاحرمك الله اجرها وثوابها
وجعل ما نقلت وكتبت في موازين حسناتك
و بارك الله فيك.
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الإثنين 14 أكتوبر 2013 - 17:06
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا
ما تقدم من ذنب وما تأخر
اللـهم آميـن
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا
ما تقدم من ذنب وما تأخر
اللـهم آميـن
- ZIDANEمراقب قسم المنتديات العامة
- الجنس :
عدد المساهمات : 30012
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
الموقع : https://arab-yes.ahlamontada.com/
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الثلاثاء 15 أكتوبر 2013 - 18:04
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
- baba2عضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 5130
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الأربعاء 23 أكتوبر 2013 - 2:07
موضوع ممتاز
لك التحية والتقدير
لك التحية والتقدير
- FIFIعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 16502
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الأربعاء 23 أكتوبر 2013 - 4:06
___######### #######__ _______** ##*______
__########## ########_ ____*#### ######___
__########## ########_ __*###### #######__
___######### ########* _######## #######*_
____######## ######### ######### #######*_
______###### ######### ######### ########__
_______##### ## **** شكـرا على هذا الموضوع****######=__
________=### ####""***** وبارك الله فيك *****####____
__________## ######### ######### ####_____
___________* ######### ######### ##=______
____________ *######## ######### #________
____________ _*####### ########_ _________
____________ ___###### #######__ _________
____________ ____##### #####____ _________
____________ ____=#### ###*_____ _________
____________ _____#### ##_______ _________
____________ ______### #________ _________
____________ ______### _________ _________
__########## ########_ ____*#### ######___
__########## ########_ __*###### #######__
___######### ########* _######## #######*_
____######## ######### ######### #######*_
______###### ######### ######### ########__
_______##### ## **** شكـرا على هذا الموضوع****######=__
________=### ####""***** وبارك الله فيك *****####____
__________## ######### ######### ####_____
___________* ######### ######### ##=______
____________ *######## ######### #________
____________ _*####### ########_ _________
____________ ___###### #######__ _________
____________ ____##### #####____ _________
____________ ____=#### ###*_____ _________
____________ _____#### ##_______ _________
____________ ______### #________ _________
____________ ______### _________ _________
- ABBASSEمشرف منتدى الطبخ العربي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19527
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الأربعاء 23 أكتوبر 2013 - 4:30
- FOR4everعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14694
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الأربعاء 23 أكتوبر 2013 - 22:33
مجهود كبير وممتاز حياك الله
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 24 أكتوبر 2013 - 1:30
باســم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
جزاكم الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
السلام عليكم و رحمة الله
جزاكم الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
- داديعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13031
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 7 نوفمبر 2013 - 18:53
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
و جعله الله في ميزان حسناتك يا رب
بالتوفيق إن شاء الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
و جعله الله في ميزان حسناتك يا رب
بالتوفيق إن شاء الله
- KingSoftعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3358
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 15:06
مشكور وبارك الله فيك على الموضوع المميز
- نهروعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 16844
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 23:42
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
- tarzanعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13088
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 28 نوفمبر 2013 - 11:34
تسلم على مجهودك الرائع
واصل دوما
تحياتى لك
واصل دوما
تحياتى لك
- فاطمةعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3457
تاريخ التسجيل : 21/06/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الخميس 26 ديسمبر 2013 - 5:59
تسلم الأيادي على الموضوع الجميل
- chiguivara_dzعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3824
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: تطوان في كتاب "يوميات شاهد عن حرب إفريقيا
الإثنين 6 يناير 2014 - 3:15
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
جزاكم الله خير الجزاء
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى