- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
انظروا عمَّن تأخذون دينكم ؟
الجمعة 1 يونيو 2012 - 13:53
انظروا عمَّن تأخذون دينكم؟!ـ
الحمد لله
الذي جعل في كلِّ زمان فترة من الرسل ، بقايا من أهل العلم يدعون من ضلَّ
إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصِّرون
بنور الله أهل العمى ؛ فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من ضال تائه قد
هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس ، وأقبح أثر الناس عليهم . ينفون عن كتاب
الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين...أمَّا بعد:
فإنَّ لأهل العلم منزلة عالية في دين الإسلام ، ودرجة رفيعة سامقة ، كيف لا ... وهم الذين اجتباهم الله لحفظ دينه ، ونشر كلمته ، وقرنهم بشهادته فقالشهد الله أنَّه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط) ونفى المساواة بين من يعلم ومن لا يعلم فقالقل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وأوضح أنَّ ألصق الصفات بأهل العلم ؛ خشيتهم لله تعالى ، فقالإنَّما يخشى الله من عباده العلماء)
ومن خشية العلماء لربهم أنَّهم لا يتكلمون إلا بالعلم والهدى ، ويخشون
ربهم من فوقهم أن يتقوَّلوا عليه بلا علم ، ويوقِّعوا عنه بجهل ، لأنَّهم
وقَّافون عند حدود الله ونواهيه ، إذ قال تعالىولا تقفُ ما ليس لك به علم إنَّ السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً)الإسراء(26).ـ
إلاَّ أنَّه ـ وللأسف ـ قد تقحَّم بوابة العلم ، وولج فيها مولجاً لا يستحقه ، أناس ليس لهم في العلم الشرعي كبير إنعام
حيث امتطوا صهوة العلم والتعليم ، فتراموا على شاشات الفضائيات ، وأوقعوا
بأرجلهم على مهاد المنابر ، وتكالبوا في الكتابة بالصحف والجرائد والمجلات ،
إمعاناً منهم لتعليم الناس ما يهمُّهم ، في شؤون الدين والدنيا ، وقسم آخر
وهم كثيرون إذا اجتمعوا في المجالس والنوادي ، وطرحت مسألة فقهية أو شرعية ، وجدت المختص وغير المختص يخوض فيها ، ويتمنطق متحدثاً عنها ، مدَّعياً أنَّ لديه علمها وحكمها ، على حدِّ ما ذكره
قال الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ قرأت
كتاباً لأحد المهندسين يفسِّر حقيقة الصلاة تفسيراً لم يعرفه المسلمون
طوال أربعة عشر قرناً ، فعجبت لهذا الحمق في خرق الإجماع ، وقلت: أما يجد
هذا المخترع مجالاً لذكائه في ميدان الهندسة ليتقدَّم فيه بدل أن يشغل نفسه
ويشغلنا معه بهذه التوافه)ـ
[ليس من الإسلام ـ للشيخ: محمد الغزالي/56]
فترى
كثيراً ممَّن على شاكلة هذا الشخص زاعمين أنَّهم مثقفون ومطَّلعون يطلقون
لأنفسهم باب الاجتهاد في التحدث عنها بآرائهم ، والغريب أنَّ ذلك يحصل في
كثير من المجالس وخصوصاً مجالس كثير من العوام أو غير المتخصصين في العلم
الشرعي ممَّن تخصصوا في العلوم التجريبيَّة أو الطبيعيَّة أو غيرها ،
وكانوا بعيدين بُعد المشرقين عن البحث والاطِّلاع في أصول الشريعة
ومحكماتها، فتجد كثيراً منهم يلتُّ ويعجن في المسألة التي قد تكون مشكلة ،
ولو عرضت على عمر ـ رضي الله عنه ـ لجمع لها أهل بدر ليتباحثوا فيها ،
ويعطوا الحكم الشرعي المناسب لها المبني على الكتاب والسنة! وإن طرحت على
أهل العلم أعطوها حقَّها من البحث والتفكير
ورحم الله زمناً جاء فيه أنَّ الإمام مالك قالإني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة ، فما اتَّفق لي فيها رأي إلى الآن) وقالربما وردت علي المسألة فأفكر فيها ليالي)[ترتيب المدارك1/178]. ـ
وإنَّ
العجب ليأخذني كلَّ مأخذ ، حين أرى هؤلاء المتقحِّمين باب العلم حين تُعرض
أي مسألة من متعلقات الشريعة ، فيتحدثون عنها ، ولم يكلِّفوا أنفسهم البحث
عن حكمها ودلائل حلِّها أو حرمتها، بل تجد المبادرة والمسارعة للإفتاء
وإبداء الرأي بحجَّة أنَّها وجهة نظرهم ، ولا يعني أن تكون وجهة النظر
صحيحة ، وكأنَّ علم الشريعة علم يُتناول على مائدة الحوار والكل يبدي رأيه
متوقعاً ومخمِّناً أنَّ ذلك هو الحكم الشرعي! مع أنَّ هؤلاء العوام أو من
يتسمَّون بالمثقفين أمثال (صاحبنا) لو أنَّ رجلاً غير متخصص في الفن الذي
هو من اختصاصهم وتكلم فيه زاعماً أنَّ رأيه صواب ، وأنَّ ما يقوله لا يلزم
أن يكون صحيحاً ؛ لنظروا إليه نظر شزر ، وقرَّعوه بشديد الخطاب ، لأنَّه
تكلم فيما لا يحسنه ،ومن يتكلم بما لا يحسن يأتي بالعجائب! وَصَدَقُوا ..ـ
.ولكن لِمَ لا تمرَّر هذه القاعدة والمنهجية عليهم كذلك ؟
أمَّ أنَّ علم الشريعة متاح لكل أحد أن يكون مجتهداً فيه ، وغيره من العلوم لا يتحدَّث فيه إلاَّ من تخصص به وثنى ركبته في نيله عند أهله؟! وقد لاحظ تلك المشكلة الإمام ابن رجب ـ رحمه الله ـ واشتكى منها قائلاً يالله
العجب ! لو ادَّعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا ، ولم يعرفه الناس بها ،
ولا شاهدوا عنده آلاتها لكذَّبوه في دعواه ، ولم يأمنوه على أموالهم ، ولم
يمكِّنوه أن يعمل فيها ما يدَّعيه من تلك الصناعة ، فكيف بمن يدَّعي معرفة
أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول ، ولا يجالس أهله ولا يدارسه) [الحكم الجديرة بالإذاعة].ـ
أقوال علماء الإسلام في النهي عن التكلم بلا علم
وقد تواترت كتابات العلماء في التحذير من التكلم بلا علم والإفتاء بالجهل ،ومنهم الإمام الشافعي فقد قال ـ رحمه الله ـفالواجب
على العالمين أن لا يقولوا إلاَّ من حيث علموا ، وقد تكلَّم في العلم من
لو أمسك عن بعض ما تكلَّم فيه منه لكان الإمساك أوْلى به وأقرب من السلامة
له إن شاء الله)[الرسالة/41]ـ
وقال الإمام ابن حزم لا
آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها ، فإنَّهم
يجهلون ويظنُّون أنَّهم يعلمون ، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون) [مداواة النفوس/67]ـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ ولا يحل لأحد أن يتكلَّم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلَّم في الدين بلا علم ، أو أدخل في الدين ما ليس منه) [مجموع الفتاوى22/240]
وقال كذلكفمن
تكلَّم بجهل وبما يخالف الأئمة ، فإنَّه ينهى عن ذلك ويؤدَّب على الإصرار ،
كما يُفعل بأمثاله من الجهال ، ولا يقتدى في خلاف الشريعة بأحد من أئمَّة
الضلالة، وإن كان مشهوراً عنه العلم ، كما قال بعض السلف: لا تنظر إلى عمل
الفقيه ولكن سله يصدقك)[مجموع الفتاوى22/227]ـ
وقال
كذلك ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذباً وإن كان لايتعمد الكذب كما
ثبت في الصحيحين عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما قالت له سبيعة
الأسلمية وقد توفي عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع فكانت حاملاً
فوضعت بعد موت زوجها بليال قلائل فقال لها أبو السنابل بن بعكك: ما أنت بناكحة حتى يمضي عليك آخر الأجلين ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـكذب أبو السنابل، بل حللت فانكحي)[مجموع الفتاوى10/449]. ـ
من يملك حقّ التكلُّم بالعلم
ممَّا
يهمُّ المسلم المعاصر لهذا الزمن ، أن تكون له بيِّنة لصفات من يؤخذُ عنهم
العلم ، ومعرفة جليَّة لسمات أهله وأصحابه ؛ لئلاَّ يختلط عليه الحق
بالباطل ، والصواب بالخطأ ، وليعبد الله على بصيرة وبيِّنة، خصوصاً أنّ
أحاديث صريحة أتت عن رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في التحذير ممن
يتقمصون مسوح العلم وينطقون به ، ومن أئمة الضلال الذين يحكمون بالجور
والجهل ، ومن ذلك أنَّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالسيـأتي
على الناس سنوات خدَّاعات يُصَدَّقُ فيها الكاذب ، ويُكَذَّبُ فيها الصادق
، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخوَّن فيها المؤتمن ، وينطق الرويبضة . قيل: وما
الرويبضة؟قال: الرجل التافه ، يتكلم في أمر العامَّة) أخرجه ابن ماجه(4042) وأحمد في المسند[2/291]بسند حسن
وانظر السلسلة الصحيحة للألباني(1887) ـ
وثبت عند أحمد من حديث أبي الدرداء أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ قالإنَّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون) [المسند6/441] وحدَّث عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أنَّ رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ قالإنَّ
الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض
العلماء حتَّى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهَّالاً فسئلوا
فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا) [أخرجه البخاري1/174،175 في كتاب العلم ، ومسلم واللفظ له4/258]. ـ
دمتم برعاية الرحمن وحفظه
بقلم خباب بن مروان الحمد
موقع عالمي الذي به أحيا
- grand-maghrebعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3358
تاريخ التسجيل : 22/07/2010
رد: انظروا عمَّن تأخذون دينكم ؟
الإثنين 4 يونيو 2012 - 1:18
مجهود مميز
أكرمك الله وسدد خُطاك
أكرمك الله وسدد خُطاك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: انظروا عمَّن تأخذون دينكم ؟
الثلاثاء 5 يونيو 2012 - 1:48
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: انظروا عمَّن تأخذون دينكم ؟
الأحد 8 يوليو 2012 - 14:30
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا
ما تقدم من ذنب وما تأخر
اللـهم آميـن
- مصطفىمشرف منتدى العجائب والغرائب
- الجنس :
عدد المساهمات : 26565
تاريخ التسجيل : 04/04/2010
رد: انظروا عمَّن تأخذون دينكم ؟
الإثنين 9 يوليو 2012 - 2:43
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: انظروا عمَّن تأخذون دينكم ؟
الثلاثاء 17 يوليو 2012 - 22:48
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى