عالم البحار...........
+9
PRINCESSA
مجتهد
FLAT
leGéneral
JABAdor
nefertity_Fa
mahmoudi_ma
Admin
ام بدر
13 مشترك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
عالم البحار...........
الأحد 18 ديسمبر 2011 - 23:59
عالم البحار
تناول
الكثير من مؤلفي العرب الحديث عن البحار بين إيجاز وتفصيل، وعرضوا لها من
أوجه شتى، ومن بين هؤلاء الكندي وابن الطيب والمسعودي، وابن سينا والبيروني
والإدريسي وغيرهم كثير، وأفرد المسعودي عددًا من صفحات كتابه "مروج الذهب"
للحديث عن البحار بشيء من التفصيل، وقد تعرض المسعودي لدراسة جغرافية
البحار المعروفة وقتها، وناقش ظاهرة المد والجزر. كما تحدث في مبادئ تكون
البحار وانتقالها.
هذا من ناحية، ومن جهة أخرى فقد وجدت أيضًا كتب،
ومؤلفات عديدة في علم الملاحة يعتمد عليها الملاحون، وربابنة السفن أثناء
سيرهم في البحار والأنهار، من ذلك ما يشير إليه المسعودي في النصف الأول من
القرن الرابع الهجري حيث يقول: "لكل من يركب هذه البحار من الناس رياح
يعرفونها في أوقات تكون فيها مهابها، قد علم ذلك بالعادات وطول التجارب،
يتوارثون علم ذلك قولًا وعملًا ودلائل بعلامات يعلمون بها موعد هيجانه،
وأحوال توازنه".
ذكر أنور عبد العليم في كتابه أضواء على قاع البحر،
1961، أنه يرجع الفضل للعرب في تحسين آلتين هامتين من أدوات الملاحة، كان
لهما الفضل الأكبر في كشوفات فاسكو دي جاما وكولمبس وماجلان فيما بعد:
إحداهما هي آلة رصد النجوم المعروفة بالإسطرلاب، والأخرى هي البوصلة
البحرية المعروفة عند العرب ببيت الإبرة، ويضيف المؤلف نفسه أنه سواء أكان
العرب هم أول من اكتشف خواص الإبرة المغناطيسية، أو أخذوا فكرتها عن
الصينيين، فإليهم يرجع الفضل في تقسيمها، واستخدامها في الملاحة على نطاق
واسع، ثم يستطرد قائلًا: إنه لا يفوتنا أن نذكر تلك الجداول الفلكية التي
وضعها أمثال إبراهيم الفزاري، وابن يونس المصري، والزرقاني والبيروني، سواء
منهم من كان من الإقليم المصري، أو من العراق أو من الأندلس ... تلك
الجداول التي لا مناص من الإستعانة بها في السير في البر أو في البحر.
واشتهر
من بين الملاحين العرب نفر ليس بالقليل نال بعضهم اهتمام، وإعجاب كتاب
الغرب حتى قاموا بنشر مؤلفاتهم وترجمتها، معترفين بفضلهم في تطوير علوم
البحار عامة وعلم الملاحة على وجه الخصوص، وبابتكارهم لعدد من آلات البحر
الضرورية للملاحة في ذلك الوقت، ونختار من بين هؤلاء: سليمان التاجر، وابن
ماجد وسليمان المهري.
يعتبر سليمان التاجر من رواد البحر العرب الأوائل
الذين كانوا على دراية بالبحر، عاش في القرن الثالث الهجري، ويقال: إنه ذو
أصل عراقي، وقد رحل طلبًا للتجارة واجتاز بحار الهند مارًا بسيلان، وملقا
"الملايو" وزار بلاد الصين. كما جابت سفنه البحر الأبيض والأحمر والخليج
العربي، وأرخبيل الملايو، دون أخبار رحلاته وملاحظاته على البحر في رسالة
خطية سنة 237هـ "851م". وهذه الرسالة موجودة بالمكتبة الأهلية بباريس تحت
اسم "رحلة التاجر سليمان"، وقد أضاف إليها كاتب عربي آخر يدعى أبا زيد حسن
السيرافي بعض المعلومات عن الهند والصين، وعلاقة العرب بهذين البلدين خلال
القرنين التاسع والعاشر الميلادي، وفي الرسالة المذكورة -كما يقول أنور عبد
العليم في كتابه المشار إليه- أوصاف ممتعة عن الظواهر الجوية غير العادية
كالزوابع، والأنواء الحلزونية المعروفة "بالتيفون" التي تدفع الرياح أمامها
بشدة وعنف.. وفيها أيضًا وصف لبعض حيوانات البحر النافعة كالحوت، ومحار
اللؤلؤ وطرق صيدها.
على أن أمهر الملاحين العرب قاطبة الذين ألفوا في
علوم البحار هو ابن ماجد. ترك هذا الربان العربي الفذ مجموعة قيمة من الكتب
والرسالات تتناول علوم البحر والملاحة وفنونهما، ومؤلفاته محفوظة بالمكتبة
الأهلية بباريس تحت رقم 2292، 2559، والمخطوط الأخير يتضمن أيضًا عددًا من
الأبحاث لرائد بحري آخر هو سليمان المهري، وقد قام الوزير الفرنسي جبريل
فران بإعادة نشر هذين المخطوطين بباريس، وذلك بالتصوير الفوتوغرافي، مع
ترجمة وتعليق عليهما، وأخرج ذلك كله في صورة ثلاثة مجلدات خلال العقد
الثالث من القرن الحالي، فالمجلد الأول -وهو يقابل المخطوط2292- يحتوي على
تسعة عشر بحثًا بحريًا، كتبها المعلم شهاب الدين أحمد بن ماجد، وتشمل هذه
الأباحاث "كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، و"حاوية الاختصار في
أصول علم البحار"، والبحث الأول كتبه بالنثر والثاني قصيدة من النوع المسمى
بالرجز، ثم ست عشرة أرجوزة بحرية يليها بحث بالنثر من ثمانية فصول. ويتكون
كتاب "الفوائد" من اثنتي عشرة فائدة، وتتضمن "الحاوية" أحد عشر فصلًا.
وعن القيمة العلمية لمؤلفات ابن ماجد، يقول جبريل فران في مقدمته للمجلد الأول ما ترجمته:
ومؤلف
ابن ماجد من الطراز الأول، ويستحق أن يوضع تحت الأضواء، وهذا المؤلف من
المسلم به أنه أهم مرجع جغرافي في أوليات العصور الوسطى، فقد وجدوا فيه
عرضًا مفصلًا للعلاقات البحرية ما بين المحيطات في بحار الجنوب، بين الساحل
الشرقي لأفريقيا، وميناء زيتون الشهير أو تايوان -تشيوفي فوكن "بالصين" في
القرن الخامس عشر، ويحتوي الكتاب أيضًا البحر الأحمر، الخليج العربي، جميع
جزر المحيط الهندي، وبحر الصين الغربي وأرخبيل آسيا العظيم، إن أبحاث ابن
ماجد وسليمان المهري لخصت بشكل ما معلومات كل ملاحي بحار الهند: سواء كانوا
ملاحين عربًا، أو أفريقيين، أو هنودًا غربيين وشرقيين -كما تشهد بذلك
النصوص الصريحة- بل إنها قومتها وكملتها، وهكذا فإن هذه التعاليم البحرية
العربية حملت إضافة غير محدودة، وقيمة إلى تاريخ الملاحة والتجارة في بحار
الجنوب، سابقة لوصول فاسكو دي جاما، إن هذه النصوص البحرية، حسب علمي،
فريدة في كل الأدب العربي، فهي غنية بالمصطلحات الفنية ...
وانتهى ابن
ماجد من كتاب "الفوائد" في سنة 895هـ، ومن بين مواضيع هذا الكتاب: الحديث
عن منازل القمر وبروجه -الباشيات والقياسات- الجزر الكبار المشهورات
المعمورات، ومنها جزيرة العرب ومدغشقر وسمطرة وجاوة وسيلان، وزنجبار
والبحرين، وكانت الفائدة الثانية عشرة والأخيرة من هذا الكتاب في صفة بحر
قلزم العرب وجزره وشعبانه، ومن ضمن ما جاء فيها: " ... وإنا رأينا أماكن
كانت مغمورة بالماء والآن ظهرت، ورأينا أماكن كثيرة كانت ظاهرة، فغمرها
الماء مثل خميس ومثل رأس الخلب، ومثل رشة ... ". أما أرجوزة الحاوية فتشتمل
على أحد عشر فصلًا من بينها: فصل في قواعد الباشيات والسنين -والفصل
الحادي عشر في تقويم يعرف بها الساعات ودخولها ... وآخر بيت في القصيدة:
قد
كملت الأرجوزة من فكري ... أولها حمدي, وآخرها شكري ومن بين الأراجيز الست
عشرة التي ضمها المجلد الأول لابن ماجد: الأرجوزة المسماة بالمعربة التي
عربت الخليج البربري، وصححت قياسه -قبلة الإسلام في جميع الدنيا، وهي
أرجوزة لمعرفة القبلة- الأرجوزة المسماة كنز المعالمة وذخيرتهم في علم
المجهولات في البحر والنجوم والبروج، وأسمائها وأقطابها -أرجوزة في عدة
أشهر الرومية- الأرجوزة المنسوبة لعلي بن أبي طالب في معرفة المنازل،
وحقيقتها في السماء وأشكالها، وعددها على التمام والكمال -البليغة في قياس
السهيل والرمح، وهكذا. وختم هذا المجلد بثمانية فصول من النثر أولها فصل في
معرفة قياس المارزة.
وابن ماجد أو "أسد البحر" هو شهاب الدين أحمد بن
ماجد النجدي، المعروف -اختصارًا- باسم ابن ماجد، والنجدي نسبة إلى مسقط
رأسه نجد بالحجاز. توفي في مستهل القرن العاشر الهجري أي نهاية القرن
الخامس عشر الميلادي. قاد أسطول فاسكو دي جاما البرتغالي من ماليندي بساحل
إفريقيا الشرقي إلى كلكتا على الساحل الغربي للهند، وفي هذا الصدد يقول
جبريل فران:
ومن جهة أخرى، فإن المقابلة بين نص من كتاب البرق اليماني
في الفتح العثماني لمؤلفه قطب الدين النهراوالي "1511-1582"، مع العلاقات
البرتغالية لكاستنهيدا وجوادي بانوس تسمح بإثبات شخصية ابن ماجد في نصوصنا
بأنه المرشد العربي الذي قاد أسطول فاسكو دي جاما البرتغالي من ماليندي إلى
كلكتا في سنة 1498، وهكذا فإن المعلم العربي وجد نفسه مخلصًا يشارك في
إحدى الحوادث الجليلة من تاريخ القرون الأخيرة، وكان اسم ابن ماجد معروفًا
كذلك بين بحارة الساحل الهندي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. وبعد
وقت قصير، في عام 1854، وبشهادة بيرتون "رحالة إنجليزي"، فإن اسمه رفع إلى
مراتب الأولياء المسلمين باسم الشيخ ماجد، وينسب إليه اختراع البوصلة، وإنه
لا شك نتيجة لخدماته المقدمة للبحارة المسلمين عن طريق تعليماته البحرية،
فإن هؤلاء البحارة عترافًا له بجميله قد رفعوه إلى مصاف الأولياء.
ويبدو
لنا ابن ماجد من أوائل العرب الذين اهتموا بدراسة البحار كفن، أو علم قائم
بذاته، فنراه يضيف إلى أسماء رسائله كلمة "علم البحار"، وورث ابن ماجد
جزءًا كبيرًا من معلوماته البحرية عن والده، وجده اللذين كانا يعملان أيضًا
في الملاحة، وترك له جده رسالة عن أصول الملاحة في البحر الأحمر. لذلك فهو
يعطي الملاحة عبر البحار، وتحديد وجهة المسافر عناية خاصة. وكانوا
يستعينون بمواقع النجوم في السماء لتحديد حركتهم الملاحية، تصديقًا لقوله
تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون} ، ومن الدوافع القوية
التي كانت تحثهم على تحديد مواقعهم في البحر والبر على السواء هو اهتمامهم
بتحديد اتجاه القبلة، ولا يخفى علينا ما لهذا الدافع من أثر قوي في تنشيط
عدد من علوم ذلك الوقت منها علوم البحار، وبصفة عامة فقد تضمنت كتب ابن
ماجد دراسات نافعة عن تاريخ الملاحة، وحركة القمر ومهب الريح، وتحديد وجهة
المسافر، كذلك تكلم عن الشمس ومطالع النجوم، ومواسم الرياح وظاهرة المد
والجزر، وحدد المسافات بين كثير من مدن العالم القديم.
أما سليمان بن
أحمد المهري المحمدي، وقيل: سليمان بن أحمد بن سليمان المهري، فله خمس
رسائل بحرية، يرجع تاريخ بعضها إلى أوائل القرن العاشر الهجري
"917هـ-1511م"، وهذه الرسائل هي: رسالة قلادة الشموس واستخراج قواعد الأسوس
-رسالة تحفة الفحول في تمهيد الأصول- العمدة المهرية في ضبط العلم
البحرية، كتاب المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر- وقد نال المهري من
المؤلفين الغربيين اهتمامًا كبيرًا مثل ما نال ابن ماجد، وأطلق عليه أيضًا
لقب معلم، وقد نشرت أبحاثه البحرية بباريس في المجلد الثاني، المقابل
للنسخة الخطبة 2559 السابق الإشارة إليها، ولمعرفة قيمة أبحاثه العلمية،
فلنرجع إلى النص الذي أوردناه بخصوص القيمة العلمية لأبحاث ابن ماجد وقد
اعتمد المهري -كما فعل ابن ماجد- في أبحاثه البحرية على ما تقدم من بحوث
غيره من البحارة.
تناول
الكثير من مؤلفي العرب الحديث عن البحار بين إيجاز وتفصيل، وعرضوا لها من
أوجه شتى، ومن بين هؤلاء الكندي وابن الطيب والمسعودي، وابن سينا والبيروني
والإدريسي وغيرهم كثير، وأفرد المسعودي عددًا من صفحات كتابه "مروج الذهب"
للحديث عن البحار بشيء من التفصيل، وقد تعرض المسعودي لدراسة جغرافية
البحار المعروفة وقتها، وناقش ظاهرة المد والجزر. كما تحدث في مبادئ تكون
البحار وانتقالها.
هذا من ناحية، ومن جهة أخرى فقد وجدت أيضًا كتب،
ومؤلفات عديدة في علم الملاحة يعتمد عليها الملاحون، وربابنة السفن أثناء
سيرهم في البحار والأنهار، من ذلك ما يشير إليه المسعودي في النصف الأول من
القرن الرابع الهجري حيث يقول: "لكل من يركب هذه البحار من الناس رياح
يعرفونها في أوقات تكون فيها مهابها، قد علم ذلك بالعادات وطول التجارب،
يتوارثون علم ذلك قولًا وعملًا ودلائل بعلامات يعلمون بها موعد هيجانه،
وأحوال توازنه".
ذكر أنور عبد العليم في كتابه أضواء على قاع البحر،
1961، أنه يرجع الفضل للعرب في تحسين آلتين هامتين من أدوات الملاحة، كان
لهما الفضل الأكبر في كشوفات فاسكو دي جاما وكولمبس وماجلان فيما بعد:
إحداهما هي آلة رصد النجوم المعروفة بالإسطرلاب، والأخرى هي البوصلة
البحرية المعروفة عند العرب ببيت الإبرة، ويضيف المؤلف نفسه أنه سواء أكان
العرب هم أول من اكتشف خواص الإبرة المغناطيسية، أو أخذوا فكرتها عن
الصينيين، فإليهم يرجع الفضل في تقسيمها، واستخدامها في الملاحة على نطاق
واسع، ثم يستطرد قائلًا: إنه لا يفوتنا أن نذكر تلك الجداول الفلكية التي
وضعها أمثال إبراهيم الفزاري، وابن يونس المصري، والزرقاني والبيروني، سواء
منهم من كان من الإقليم المصري، أو من العراق أو من الأندلس ... تلك
الجداول التي لا مناص من الإستعانة بها في السير في البر أو في البحر.
واشتهر
من بين الملاحين العرب نفر ليس بالقليل نال بعضهم اهتمام، وإعجاب كتاب
الغرب حتى قاموا بنشر مؤلفاتهم وترجمتها، معترفين بفضلهم في تطوير علوم
البحار عامة وعلم الملاحة على وجه الخصوص، وبابتكارهم لعدد من آلات البحر
الضرورية للملاحة في ذلك الوقت، ونختار من بين هؤلاء: سليمان التاجر، وابن
ماجد وسليمان المهري.
يعتبر سليمان التاجر من رواد البحر العرب الأوائل
الذين كانوا على دراية بالبحر، عاش في القرن الثالث الهجري، ويقال: إنه ذو
أصل عراقي، وقد رحل طلبًا للتجارة واجتاز بحار الهند مارًا بسيلان، وملقا
"الملايو" وزار بلاد الصين. كما جابت سفنه البحر الأبيض والأحمر والخليج
العربي، وأرخبيل الملايو، دون أخبار رحلاته وملاحظاته على البحر في رسالة
خطية سنة 237هـ "851م". وهذه الرسالة موجودة بالمكتبة الأهلية بباريس تحت
اسم "رحلة التاجر سليمان"، وقد أضاف إليها كاتب عربي آخر يدعى أبا زيد حسن
السيرافي بعض المعلومات عن الهند والصين، وعلاقة العرب بهذين البلدين خلال
القرنين التاسع والعاشر الميلادي، وفي الرسالة المذكورة -كما يقول أنور عبد
العليم في كتابه المشار إليه- أوصاف ممتعة عن الظواهر الجوية غير العادية
كالزوابع، والأنواء الحلزونية المعروفة "بالتيفون" التي تدفع الرياح أمامها
بشدة وعنف.. وفيها أيضًا وصف لبعض حيوانات البحر النافعة كالحوت، ومحار
اللؤلؤ وطرق صيدها.
على أن أمهر الملاحين العرب قاطبة الذين ألفوا في
علوم البحار هو ابن ماجد. ترك هذا الربان العربي الفذ مجموعة قيمة من الكتب
والرسالات تتناول علوم البحر والملاحة وفنونهما، ومؤلفاته محفوظة بالمكتبة
الأهلية بباريس تحت رقم 2292، 2559، والمخطوط الأخير يتضمن أيضًا عددًا من
الأبحاث لرائد بحري آخر هو سليمان المهري، وقد قام الوزير الفرنسي جبريل
فران بإعادة نشر هذين المخطوطين بباريس، وذلك بالتصوير الفوتوغرافي، مع
ترجمة وتعليق عليهما، وأخرج ذلك كله في صورة ثلاثة مجلدات خلال العقد
الثالث من القرن الحالي، فالمجلد الأول -وهو يقابل المخطوط2292- يحتوي على
تسعة عشر بحثًا بحريًا، كتبها المعلم شهاب الدين أحمد بن ماجد، وتشمل هذه
الأباحاث "كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، و"حاوية الاختصار في
أصول علم البحار"، والبحث الأول كتبه بالنثر والثاني قصيدة من النوع المسمى
بالرجز، ثم ست عشرة أرجوزة بحرية يليها بحث بالنثر من ثمانية فصول. ويتكون
كتاب "الفوائد" من اثنتي عشرة فائدة، وتتضمن "الحاوية" أحد عشر فصلًا.
وعن القيمة العلمية لمؤلفات ابن ماجد، يقول جبريل فران في مقدمته للمجلد الأول ما ترجمته:
ومؤلف
ابن ماجد من الطراز الأول، ويستحق أن يوضع تحت الأضواء، وهذا المؤلف من
المسلم به أنه أهم مرجع جغرافي في أوليات العصور الوسطى، فقد وجدوا فيه
عرضًا مفصلًا للعلاقات البحرية ما بين المحيطات في بحار الجنوب، بين الساحل
الشرقي لأفريقيا، وميناء زيتون الشهير أو تايوان -تشيوفي فوكن "بالصين" في
القرن الخامس عشر، ويحتوي الكتاب أيضًا البحر الأحمر، الخليج العربي، جميع
جزر المحيط الهندي، وبحر الصين الغربي وأرخبيل آسيا العظيم، إن أبحاث ابن
ماجد وسليمان المهري لخصت بشكل ما معلومات كل ملاحي بحار الهند: سواء كانوا
ملاحين عربًا، أو أفريقيين، أو هنودًا غربيين وشرقيين -كما تشهد بذلك
النصوص الصريحة- بل إنها قومتها وكملتها، وهكذا فإن هذه التعاليم البحرية
العربية حملت إضافة غير محدودة، وقيمة إلى تاريخ الملاحة والتجارة في بحار
الجنوب، سابقة لوصول فاسكو دي جاما، إن هذه النصوص البحرية، حسب علمي،
فريدة في كل الأدب العربي، فهي غنية بالمصطلحات الفنية ...
وانتهى ابن
ماجد من كتاب "الفوائد" في سنة 895هـ، ومن بين مواضيع هذا الكتاب: الحديث
عن منازل القمر وبروجه -الباشيات والقياسات- الجزر الكبار المشهورات
المعمورات، ومنها جزيرة العرب ومدغشقر وسمطرة وجاوة وسيلان، وزنجبار
والبحرين، وكانت الفائدة الثانية عشرة والأخيرة من هذا الكتاب في صفة بحر
قلزم العرب وجزره وشعبانه، ومن ضمن ما جاء فيها: " ... وإنا رأينا أماكن
كانت مغمورة بالماء والآن ظهرت، ورأينا أماكن كثيرة كانت ظاهرة، فغمرها
الماء مثل خميس ومثل رأس الخلب، ومثل رشة ... ". أما أرجوزة الحاوية فتشتمل
على أحد عشر فصلًا من بينها: فصل في قواعد الباشيات والسنين -والفصل
الحادي عشر في تقويم يعرف بها الساعات ودخولها ... وآخر بيت في القصيدة:
قد
كملت الأرجوزة من فكري ... أولها حمدي, وآخرها شكري ومن بين الأراجيز الست
عشرة التي ضمها المجلد الأول لابن ماجد: الأرجوزة المسماة بالمعربة التي
عربت الخليج البربري، وصححت قياسه -قبلة الإسلام في جميع الدنيا، وهي
أرجوزة لمعرفة القبلة- الأرجوزة المسماة كنز المعالمة وذخيرتهم في علم
المجهولات في البحر والنجوم والبروج، وأسمائها وأقطابها -أرجوزة في عدة
أشهر الرومية- الأرجوزة المنسوبة لعلي بن أبي طالب في معرفة المنازل،
وحقيقتها في السماء وأشكالها، وعددها على التمام والكمال -البليغة في قياس
السهيل والرمح، وهكذا. وختم هذا المجلد بثمانية فصول من النثر أولها فصل في
معرفة قياس المارزة.
وابن ماجد أو "أسد البحر" هو شهاب الدين أحمد بن
ماجد النجدي، المعروف -اختصارًا- باسم ابن ماجد، والنجدي نسبة إلى مسقط
رأسه نجد بالحجاز. توفي في مستهل القرن العاشر الهجري أي نهاية القرن
الخامس عشر الميلادي. قاد أسطول فاسكو دي جاما البرتغالي من ماليندي بساحل
إفريقيا الشرقي إلى كلكتا على الساحل الغربي للهند، وفي هذا الصدد يقول
جبريل فران:
ومن جهة أخرى، فإن المقابلة بين نص من كتاب البرق اليماني
في الفتح العثماني لمؤلفه قطب الدين النهراوالي "1511-1582"، مع العلاقات
البرتغالية لكاستنهيدا وجوادي بانوس تسمح بإثبات شخصية ابن ماجد في نصوصنا
بأنه المرشد العربي الذي قاد أسطول فاسكو دي جاما البرتغالي من ماليندي إلى
كلكتا في سنة 1498، وهكذا فإن المعلم العربي وجد نفسه مخلصًا يشارك في
إحدى الحوادث الجليلة من تاريخ القرون الأخيرة، وكان اسم ابن ماجد معروفًا
كذلك بين بحارة الساحل الهندي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. وبعد
وقت قصير، في عام 1854، وبشهادة بيرتون "رحالة إنجليزي"، فإن اسمه رفع إلى
مراتب الأولياء المسلمين باسم الشيخ ماجد، وينسب إليه اختراع البوصلة، وإنه
لا شك نتيجة لخدماته المقدمة للبحارة المسلمين عن طريق تعليماته البحرية،
فإن هؤلاء البحارة عترافًا له بجميله قد رفعوه إلى مصاف الأولياء.
ويبدو
لنا ابن ماجد من أوائل العرب الذين اهتموا بدراسة البحار كفن، أو علم قائم
بذاته، فنراه يضيف إلى أسماء رسائله كلمة "علم البحار"، وورث ابن ماجد
جزءًا كبيرًا من معلوماته البحرية عن والده، وجده اللذين كانا يعملان أيضًا
في الملاحة، وترك له جده رسالة عن أصول الملاحة في البحر الأحمر. لذلك فهو
يعطي الملاحة عبر البحار، وتحديد وجهة المسافر عناية خاصة. وكانوا
يستعينون بمواقع النجوم في السماء لتحديد حركتهم الملاحية، تصديقًا لقوله
تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون} ، ومن الدوافع القوية
التي كانت تحثهم على تحديد مواقعهم في البحر والبر على السواء هو اهتمامهم
بتحديد اتجاه القبلة، ولا يخفى علينا ما لهذا الدافع من أثر قوي في تنشيط
عدد من علوم ذلك الوقت منها علوم البحار، وبصفة عامة فقد تضمنت كتب ابن
ماجد دراسات نافعة عن تاريخ الملاحة، وحركة القمر ومهب الريح، وتحديد وجهة
المسافر، كذلك تكلم عن الشمس ومطالع النجوم، ومواسم الرياح وظاهرة المد
والجزر، وحدد المسافات بين كثير من مدن العالم القديم.
أما سليمان بن
أحمد المهري المحمدي، وقيل: سليمان بن أحمد بن سليمان المهري، فله خمس
رسائل بحرية، يرجع تاريخ بعضها إلى أوائل القرن العاشر الهجري
"917هـ-1511م"، وهذه الرسائل هي: رسالة قلادة الشموس واستخراج قواعد الأسوس
-رسالة تحفة الفحول في تمهيد الأصول- العمدة المهرية في ضبط العلم
البحرية، كتاب المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر- وقد نال المهري من
المؤلفين الغربيين اهتمامًا كبيرًا مثل ما نال ابن ماجد، وأطلق عليه أيضًا
لقب معلم، وقد نشرت أبحاثه البحرية بباريس في المجلد الثاني، المقابل
للنسخة الخطبة 2559 السابق الإشارة إليها، ولمعرفة قيمة أبحاثه العلمية،
فلنرجع إلى النص الذي أوردناه بخصوص القيمة العلمية لأبحاث ابن ماجد وقد
اعتمد المهري -كما فعل ابن ماجد- في أبحاثه البحرية على ما تقدم من بحوث
غيره من البحارة.
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: عالم البحار...........
الإثنين 19 ديسمبر 2011 - 0:12
- mahmoudi_maعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3192
تاريخ التسجيل : 29/08/2010
رد: عالم البحار...........
الإثنين 19 ديسمبر 2011 - 21:30
مشكور على الموضوع القيم ويعطيك الف عافية
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: عالم البحار...........
الخميس 22 ديسمبر 2011 - 21:47
- nefertity_Faعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1872
تاريخ التسجيل : 15/08/2010
رد: عالم البحار...........
الجمعة 23 ديسمبر 2011 - 19:04
- JABAdorعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 17947
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: عالم البحار...........
الأحد 25 ديسمبر 2011 - 12:31
جازاك الله عنا خيرا عما تقوم به
من مجهود مميز خدمتا لرواد وأعضاء المنتدى
من مجهود مميز خدمتا لرواد وأعضاء المنتدى
- leGéneralعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3400
تاريخ التسجيل : 30/10/2010
رد: عالم البحار...........
الأحد 1 يناير 2012 - 12:37
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: عالم البحار...........
الأحد 1 يناير 2012 - 14:35
- FLATنائب المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 29873
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: عالم البحار...........
الثلاثاء 3 يناير 2012 - 21:36
- مجتهدعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3535
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: عالم البحار...........
الأربعاء 11 يناير 2012 - 20:59
- PRINCESSAمشرفة منتدى حلويات
- الجنس :
عدد المساهمات : 29189
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
رد: عالم البحار...........
الإثنين 16 يناير 2012 - 8:45
- FOR4everعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14694
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: عالم البحار...........
الإثنين 6 فبراير 2012 - 20:33
مجهود كبير وممتاز تشكر عليه
- ZIDANEمراقب قسم المنتديات العامة
- الجنس :
عدد المساهمات : 30012
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
الموقع : https://arab-yes.ahlamontada.com/
رد: عالم البحار...........
الجمعة 10 فبراير 2012 - 2:17
- MATADORعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4892
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: عالم البحار...........
الإثنين 13 فبراير 2012 - 14:05
شكرا لك على الموضوع الرائع
أطال الله في عمرك
أطال الله في عمرك
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: عالم البحار...........
الخميس 15 مارس 2012 - 15:01
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى