الدستور الإسلامي..
+10
TOTO
حسن
المهدي كارسيلا
chiguivara_dz
مصطفى شحاذة
Bastos
عربي
مــــاجد2
Admin
ام بدر
14 مشترك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
الدستور الإسلامي..
الجمعة 4 نوفمبر 2011 - 17:11
الدستور لفظة غير عربية يراد بها عدة معاني من أهمها: القاعدة أو
الأساس الذي يُبنى عليه، وأكثر ما تُستخدَم هذه الكلمة في عالمنا المعاصر
في المجال السياسي، ويراد بها القانون الأعلى في الدولة؛ فهو بهذه المثابة
أبو القوانين الذي تنبثق منه بقية القوانين التي تحكم المجتمع في مجالاته
المتعددة كافة؛ حيث يُنَص فيه على شكل الدولة وشكل الحكومة ونظام الحكم
والسلطات العامة في الدولة؛ فيبين ما السلطات العامة وكيفية تكوينها،
واختصاصات كل سلطة وحدودها، والعلاقة بين السلطات، وصلاحيات كل سلطة،
وكيفية الرقابة على السلطات، وحقوق الأفراد والجماعات الأساسية وواجباتهم
وحرياتهم، وضمانات حفظ ذلك.
والدستور غريب في لفظه وكيفيته على الفقه السياسي الإسلامي في عصر الراشدين
وما تلاه من العصور، وإن كان كل ما يتضمنه الدستور تدل عليه أحكام
الشريعة؛ سواء بالموافقة أو الرفض.
والمؤلفات في الأحكام السلطانية مما يمكن أن تُعَد النواة لكتابة الدساتير
في الفقه السياسي الإسلامي ولو تفحصنا كتاباً مثل كتاب الأحكام السلطانية
للماوردي لوجدناه يشتمل على حديث في كثير من الأمور التي تتضمنها الدساتير؛
حيث عقد باباً للإمامة (رئاسة الدولة) تكلم فيه عن حكم نصب الإمامة وشروط
الإمام، وكيفية وصوله لمنصبه، وشروط من يختاره لهذا المنصب، ثم تحدث عن
واجبات الإمام (أي حقوق الملة والأمة تجاهه وحقوقه على الأمة)، كما تحدث عن
المسوغات التي يفقد بها الإمام منصبه إذا تحققت فيه، وعقد باباً للحديث عن
الوزارة؛ فبين أنواعها والشروط التي ينبغي وجودها في من يلي هذا المنصب
وعقد باباً للحديث عن أمراء الأقاليم، وباباً في الحديث عن الإمارة على
الجهاد، وباباً في الحديث عن الولاية على حروب المصالح، وكل ما تقدم يدخل
في ما يسمى الآن بالسلطة التنفيذية. كما عقد باباً في ولاية القضاء تحدث
فيه عن شروط من يتولى القضاء وكيفية انعقاد ولاية القضاء وحدود ولاية
القاضي، وهذه تعد بالمعايير المعاصرة السلطة القضائية. كما عقد باباً
لولاية المظالم وهي معنية بالنظر في المقام الأول في تعديات الولاة على
الرعية وهي تُعَد في أيامنا هذه من باب القضاء الإداري، وهكذا حتى أتم
عشرين باباً، تناول أموراً في صلب ما يسمى بالدستور.
لكن هناك فروقاً جوهرية بين كتب الأحكام السلطانية وبين الدساتير تتمثل في:
1 - أن كتب الأحكام السلطانية عندما تذكر الأحكام فإنها تذكرها من قبيل
المدارسة الفقهية، بينما ما تذكره الدساتير تذكره على أنه أحكام باتة نافذة ملزِمة.
2 - أن كتب الأحكام السلطانية تشتمل على ما يعد من قبيل المواد الدستورية
والمواد الأقل شأناً؛ أي في منزلة القانون العادي، بينما الدساتير تتضمن
فقط المواد التي يمكن أن تُعَد أنها مواد دستورية دون أية مواد أخرى.
3 - والفرق الثالث أن كتب الأحكام تُكتَب من طرف أهل العلم وليس هناك أية
آلية يجب اتباعها لكتابة المؤلفات في الأحكام السلطانية؛ فيمكن لكل عالم أن
يكتب كتاباً في ذلك يضمِّنه مذهبَه ورأيَه واختياراته ويمكن لأي عالم أن
يرجع عن بعض أقواله إذا تبين له أن هناك ما هو أصوب من رأيه المرجوع عنه؛
من غير أن يكون هناك طريق يجب عليه سلوكه في ذلك. بينما الدستور يوضع
وَفْقَ آلية معيَّنة وهو دستور وحيد للدولة، ويظل سارياً نافذاً ولا يمكن
التراجع عن بعض أحكامه إلا وَفْق آلية معيَّنة.
إذا نظرنا لبعض الدساتير المعاصرة التي كتبت من منظور إسلامي فسنجد أنها
تناولت ما تتناوله الدساتير الوضعية (عناوينَ وموضوعاتٍ) لكنها تختلف عنها
في كونها تثبت الوجهة الإسلامية في كل ما تذكر، وقد تضيف بعضَ المواد
الدستورية التي لا نظير لها في الدساتير الوضعية؛ نظراً لطبيعة شمول أحكام
الإسلام لكل ما يتعلق بالفرد والجماعة، لكن الحقيقة ليس هناك ضابط موضوعي
يضبط الموضوعات التي يشملها الدستور والتي لا يشملها.
مكونات الدستور الإسلامي:
يحتوي الدستور الإسلامي على مجموعة من المواد تعالِج وضع الدولة بين الدول
وعلاقة الدولة بغيرها من الدول الإسلامية، ودين عامة أهلها، ووضع الطوائف
المغايرة للأغلبية، ووضع الفرد من حيث الحقوقُ والحرياتُ والواجباتُ،
ومجموعة من المواد التي تعالج النظام السياسي، ومجموعة من المواد التي
تعالج الوضع الاقتصادي، ومجموعة من المواد التي تعالج الحالة الاجتماعية:
كالتعليم والصحة والأسرة والزواج والطلاق، ومجموعة من المواد التي تبيِّن
أسس المجتمع الإسلامي: يذكر فيها محورية الإيمان بالله واليوم الآخر
والتحاكم إلى شرع الله - تعالى - وأن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وأن
كل ما خالفها باطل، ومجموعة من المواد التي تبيِّن السلطات في الدولة
والعلاقة بينها، ومجموعة من المواد التي تتحدث عن الشورى والتشريع
والرقابة.
كما يتبين في الدستور الإسلامي الغاية الإسلامية التي تسعى إليها الدولة،
وحدود طاعة الرعية لها والأحوال التي تصبح معها الرعية في حِلٍّ من طاعتها
أو مقاومتها.
مصادر الدستور الإسلامي:
مصادر الدستور الإسلامي تنحصر في مصادر ثلاثة:
1 - القرآن الكريم: الذي فيه الإرشاد والدلالة على الخير كله في أمور
الدنيا والآخرة كلها، والذي ضمَّنه الله الهداية والسعادة لمن اتبعه وجعله
إمامه وأمامه ولم يجعله خلفه أو تابعاً.
2 - سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: وهي التفسير العملي لما جاء في
كتاب الله تعالى. وقد أوجب الله - تعالى - طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم
بل علق الإيمان بتحكيم الرسول في كل شيء من شؤوننا وأقسم على ذلك بذاته
العَلية فقال - تعالى -: {فَلا وَرَبِّكَ لا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا
يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّـمُوا
تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
3 - سنة الخلفاء الراشدين: وهم الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعهم؛
حيث قال: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين..."
، فقد وطدوا - رضي الله تعالى - عنهم دعائم الدولة وانتقلت السلطة في مدة
ثلاثين سنة إلى أربعة خلفاء كل منهم بطريقة مباينة لبقية الطرق وهو ما أوجد
قدراً من السوابق الدستورية التي تثري هذا الباب من العلم.
ما تقدم يمثل المصادر الأصلية للدستور، وهناك ما يُعَد من قبيل المصادر
التبعية التي لا تستقل بإفادة المطلوب؛ وإنما لا بد من اعتمادها على
المصادر الأصلية وهي اجتهادات المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
تدوين الدستور:
المقصود بتدوين الدستور أن تدوَّن المسائل التي يعالجها الدستور في وثيقة
مكتوبة تكون لها السمو والعلو على جميع القوانين السائدة في المجتمع، وهذه
الوثيقة (الصك) يطلق عليها الدستور.
إن المسائل التي ينظر إليها على أنها دستورية لم تفرَد في الدولة الإسلامية
على مدى أكثر من اثني عشر قرناً عن بقية المسائل التي تضمنتها الشريعة،
ومن لوازم ذلك ألا يكون هناك تدوين لتلك المسائل مجتمعة في وثيقة واحدة.
والحقيقة أن التدوين لا يحتاج الناس إليه في كل أحوالهم، بل يُحتَاج إليه
عند توافر شروط معيَّنة، ومن أهم دواعي تدوين الدستور عند شعب من الشعوب أن
لا يكون لهذه الشعوب مصادر قانونية تحظى بالاحترام والتقدير من الشعب
جميعه، وحينئذٍ يكون الاتفاق على وثيقة (دستور) يتفق عليها الناس تقود
النظام السياسي للبلاد مخرجاً من التفرق والتناحر الذي يمكن أن تنجرف إليه
كل طبقات المجتمع في حالة عدم وجود مثل تلك الوثيقة؛ حيث تحدد الوثيقة
الحقوق والواجبات والمسؤوليات والصلاحيات والعلاقات بين مكونات المجتمع؛
سواء الأفراد أو الجماعات أو الحكومة، ومن البيِّن أن الدول الإسلامية
تنفرد عن بقية دول العالم بخاصية لا توجد في دولة غيرها؛ وذلك أن الدول
الإسلامية لها دين محفوظ معلوم المصادر، له في كل ما ينزل بالمجتمع
والجماعة والأفراد حكمه وهدايته، ويتمتع حكم الإسلام وهدايته بالاحترام
والتقدير والتقديس من كل نفس تشهد أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومن
ثَمَّ فليست هناك دواعٍ موضوعيةٌ لكتابة دستور؛ إذ يكفي في ذلك نشر العلم
بالفقه السياسي وتفعيل دور مؤسسة الحسبة في الجانب السياسي، لكن لو اختار
الناس أن يكون للبلد دستور مكتوب فليس هناك ما يمنع من ذلك إذا كان الدستور
يحافظ على الأحكام الشرعية المتعلقة بالسياسة وهذا لا يمكن حدوثه إلا إذا
كانت صياغة الدستور تحدث من قِبَل علماء الشريعة أو تحت إشرافهم الكامل.
تعديل مواد الدستور:
في جميع الدساتير الوضعية توجد آلية محددة لتعديل أو تغيير بعض مواد
الدستور، وذلك نابع من أن الدستور يوضع معبِّراً عن تصورات الشعب وتطلعاته
وَقْتَ صدوره، لكن هذه التصورات والتطلعات عرضة للتغير مع مرور الزمن من
أجل ذلك تحسَّبوا لذلك عن طريق إمكانية التعديل أو الإلغاء، وأما الدستور
الإسلامي فينبغي ألا توضع فيه إلا الأحكام التي لا تكون عرضة للتغير بمرور
الزمن حتى يحفظ للدستور هيبته ولا يكون عرضة للتغيير حسب آراء أو أهواء بعض
الناس، وأما الآليات التي تكون عرضة للتغيير فوضعها في وثيقة أخرى أدنى من
الدستور منزلة قد يكون أوفق من وجهة نظري.
وعندما يوضع الدستور على النحو الذي ذكرته لا يكون الدستور عرضة للتغيير
ومن ثَمَّ يكون إلزامه ليس قاصراً على الجيل الذي وضع الدستور؛ بل يمتد
ليشمل الأجيال التالية، وبهذا أيضاً يكون الدستور للبلاد الإسلامية كلها
دستوراً واحداً، وهو ما يوجِد تجانساً كبيراً بين تلك الدول ويقرِّب ما
بينها.
مشروعات الدساتير الإسلامية المعاصرة:
اطلعتُ على عدة مشروعات لدساتير إسلامية من ذلك:
1 - إعلان دستوري إسلامي للمستشار الدكتور علي جريشة - رحمه الله - وهو مكون من 49 مادة.
2 - نموذج لدستور وضعه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وهو مكون من 141 مادة
3 - نموذج لدستور إسلامي وضعه الدكتور مصطفى كمال وصفي نائب رئيس مجلس الدولة المصري - رحمه الله - وهو مكون 74 مادة.
4 - نموذج لدستور إسلامي أقره المجلس الإسلامي العالمي في إسلام أباد وهو مكون من 87 مادة.
هذه المشروعات مجموعة في كتيب واحد على الترتيب الذي أوردته هنا تحت اسم
إعلان دستوري إسلامي صادر عن دار الوفاء للطباعة والنشر بالمنصورة بمصر.
الأساس الذي يُبنى عليه، وأكثر ما تُستخدَم هذه الكلمة في عالمنا المعاصر
في المجال السياسي، ويراد بها القانون الأعلى في الدولة؛ فهو بهذه المثابة
أبو القوانين الذي تنبثق منه بقية القوانين التي تحكم المجتمع في مجالاته
المتعددة كافة؛ حيث يُنَص فيه على شكل الدولة وشكل الحكومة ونظام الحكم
والسلطات العامة في الدولة؛ فيبين ما السلطات العامة وكيفية تكوينها،
واختصاصات كل سلطة وحدودها، والعلاقة بين السلطات، وصلاحيات كل سلطة،
وكيفية الرقابة على السلطات، وحقوق الأفراد والجماعات الأساسية وواجباتهم
وحرياتهم، وضمانات حفظ ذلك.
والدستور غريب في لفظه وكيفيته على الفقه السياسي الإسلامي في عصر الراشدين
وما تلاه من العصور، وإن كان كل ما يتضمنه الدستور تدل عليه أحكام
الشريعة؛ سواء بالموافقة أو الرفض.
والمؤلفات في الأحكام السلطانية مما يمكن أن تُعَد النواة لكتابة الدساتير
في الفقه السياسي الإسلامي ولو تفحصنا كتاباً مثل كتاب الأحكام السلطانية
للماوردي لوجدناه يشتمل على حديث في كثير من الأمور التي تتضمنها الدساتير؛
حيث عقد باباً للإمامة (رئاسة الدولة) تكلم فيه عن حكم نصب الإمامة وشروط
الإمام، وكيفية وصوله لمنصبه، وشروط من يختاره لهذا المنصب، ثم تحدث عن
واجبات الإمام (أي حقوق الملة والأمة تجاهه وحقوقه على الأمة)، كما تحدث عن
المسوغات التي يفقد بها الإمام منصبه إذا تحققت فيه، وعقد باباً للحديث عن
الوزارة؛ فبين أنواعها والشروط التي ينبغي وجودها في من يلي هذا المنصب
وعقد باباً للحديث عن أمراء الأقاليم، وباباً في الحديث عن الإمارة على
الجهاد، وباباً في الحديث عن الولاية على حروب المصالح، وكل ما تقدم يدخل
في ما يسمى الآن بالسلطة التنفيذية. كما عقد باباً في ولاية القضاء تحدث
فيه عن شروط من يتولى القضاء وكيفية انعقاد ولاية القضاء وحدود ولاية
القاضي، وهذه تعد بالمعايير المعاصرة السلطة القضائية. كما عقد باباً
لولاية المظالم وهي معنية بالنظر في المقام الأول في تعديات الولاة على
الرعية وهي تُعَد في أيامنا هذه من باب القضاء الإداري، وهكذا حتى أتم
عشرين باباً، تناول أموراً في صلب ما يسمى بالدستور.
لكن هناك فروقاً جوهرية بين كتب الأحكام السلطانية وبين الدساتير تتمثل في:
1 - أن كتب الأحكام السلطانية عندما تذكر الأحكام فإنها تذكرها من قبيل
المدارسة الفقهية، بينما ما تذكره الدساتير تذكره على أنه أحكام باتة نافذة ملزِمة.
2 - أن كتب الأحكام السلطانية تشتمل على ما يعد من قبيل المواد الدستورية
والمواد الأقل شأناً؛ أي في منزلة القانون العادي، بينما الدساتير تتضمن
فقط المواد التي يمكن أن تُعَد أنها مواد دستورية دون أية مواد أخرى.
3 - والفرق الثالث أن كتب الأحكام تُكتَب من طرف أهل العلم وليس هناك أية
آلية يجب اتباعها لكتابة المؤلفات في الأحكام السلطانية؛ فيمكن لكل عالم أن
يكتب كتاباً في ذلك يضمِّنه مذهبَه ورأيَه واختياراته ويمكن لأي عالم أن
يرجع عن بعض أقواله إذا تبين له أن هناك ما هو أصوب من رأيه المرجوع عنه؛
من غير أن يكون هناك طريق يجب عليه سلوكه في ذلك. بينما الدستور يوضع
وَفْقَ آلية معيَّنة وهو دستور وحيد للدولة، ويظل سارياً نافذاً ولا يمكن
التراجع عن بعض أحكامه إلا وَفْق آلية معيَّنة.
إذا نظرنا لبعض الدساتير المعاصرة التي كتبت من منظور إسلامي فسنجد أنها
تناولت ما تتناوله الدساتير الوضعية (عناوينَ وموضوعاتٍ) لكنها تختلف عنها
في كونها تثبت الوجهة الإسلامية في كل ما تذكر، وقد تضيف بعضَ المواد
الدستورية التي لا نظير لها في الدساتير الوضعية؛ نظراً لطبيعة شمول أحكام
الإسلام لكل ما يتعلق بالفرد والجماعة، لكن الحقيقة ليس هناك ضابط موضوعي
يضبط الموضوعات التي يشملها الدستور والتي لا يشملها.
مكونات الدستور الإسلامي:
يحتوي الدستور الإسلامي على مجموعة من المواد تعالِج وضع الدولة بين الدول
وعلاقة الدولة بغيرها من الدول الإسلامية، ودين عامة أهلها، ووضع الطوائف
المغايرة للأغلبية، ووضع الفرد من حيث الحقوقُ والحرياتُ والواجباتُ،
ومجموعة من المواد التي تعالج النظام السياسي، ومجموعة من المواد التي
تعالج الوضع الاقتصادي، ومجموعة من المواد التي تعالج الحالة الاجتماعية:
كالتعليم والصحة والأسرة والزواج والطلاق، ومجموعة من المواد التي تبيِّن
أسس المجتمع الإسلامي: يذكر فيها محورية الإيمان بالله واليوم الآخر
والتحاكم إلى شرع الله - تعالى - وأن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وأن
كل ما خالفها باطل، ومجموعة من المواد التي تبيِّن السلطات في الدولة
والعلاقة بينها، ومجموعة من المواد التي تتحدث عن الشورى والتشريع
والرقابة.
كما يتبين في الدستور الإسلامي الغاية الإسلامية التي تسعى إليها الدولة،
وحدود طاعة الرعية لها والأحوال التي تصبح معها الرعية في حِلٍّ من طاعتها
أو مقاومتها.
مصادر الدستور الإسلامي:
مصادر الدستور الإسلامي تنحصر في مصادر ثلاثة:
1 - القرآن الكريم: الذي فيه الإرشاد والدلالة على الخير كله في أمور
الدنيا والآخرة كلها، والذي ضمَّنه الله الهداية والسعادة لمن اتبعه وجعله
إمامه وأمامه ولم يجعله خلفه أو تابعاً.
2 - سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: وهي التفسير العملي لما جاء في
كتاب الله تعالى. وقد أوجب الله - تعالى - طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم
بل علق الإيمان بتحكيم الرسول في كل شيء من شؤوننا وأقسم على ذلك بذاته
العَلية فقال - تعالى -: {فَلا وَرَبِّكَ لا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا
يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّـمُوا
تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
3 - سنة الخلفاء الراشدين: وهم الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعهم؛
حيث قال: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين..."
، فقد وطدوا - رضي الله تعالى - عنهم دعائم الدولة وانتقلت السلطة في مدة
ثلاثين سنة إلى أربعة خلفاء كل منهم بطريقة مباينة لبقية الطرق وهو ما أوجد
قدراً من السوابق الدستورية التي تثري هذا الباب من العلم.
ما تقدم يمثل المصادر الأصلية للدستور، وهناك ما يُعَد من قبيل المصادر
التبعية التي لا تستقل بإفادة المطلوب؛ وإنما لا بد من اعتمادها على
المصادر الأصلية وهي اجتهادات المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
تدوين الدستور:
المقصود بتدوين الدستور أن تدوَّن المسائل التي يعالجها الدستور في وثيقة
مكتوبة تكون لها السمو والعلو على جميع القوانين السائدة في المجتمع، وهذه
الوثيقة (الصك) يطلق عليها الدستور.
إن المسائل التي ينظر إليها على أنها دستورية لم تفرَد في الدولة الإسلامية
على مدى أكثر من اثني عشر قرناً عن بقية المسائل التي تضمنتها الشريعة،
ومن لوازم ذلك ألا يكون هناك تدوين لتلك المسائل مجتمعة في وثيقة واحدة.
والحقيقة أن التدوين لا يحتاج الناس إليه في كل أحوالهم، بل يُحتَاج إليه
عند توافر شروط معيَّنة، ومن أهم دواعي تدوين الدستور عند شعب من الشعوب أن
لا يكون لهذه الشعوب مصادر قانونية تحظى بالاحترام والتقدير من الشعب
جميعه، وحينئذٍ يكون الاتفاق على وثيقة (دستور) يتفق عليها الناس تقود
النظام السياسي للبلاد مخرجاً من التفرق والتناحر الذي يمكن أن تنجرف إليه
كل طبقات المجتمع في حالة عدم وجود مثل تلك الوثيقة؛ حيث تحدد الوثيقة
الحقوق والواجبات والمسؤوليات والصلاحيات والعلاقات بين مكونات المجتمع؛
سواء الأفراد أو الجماعات أو الحكومة، ومن البيِّن أن الدول الإسلامية
تنفرد عن بقية دول العالم بخاصية لا توجد في دولة غيرها؛ وذلك أن الدول
الإسلامية لها دين محفوظ معلوم المصادر، له في كل ما ينزل بالمجتمع
والجماعة والأفراد حكمه وهدايته، ويتمتع حكم الإسلام وهدايته بالاحترام
والتقدير والتقديس من كل نفس تشهد أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومن
ثَمَّ فليست هناك دواعٍ موضوعيةٌ لكتابة دستور؛ إذ يكفي في ذلك نشر العلم
بالفقه السياسي وتفعيل دور مؤسسة الحسبة في الجانب السياسي، لكن لو اختار
الناس أن يكون للبلد دستور مكتوب فليس هناك ما يمنع من ذلك إذا كان الدستور
يحافظ على الأحكام الشرعية المتعلقة بالسياسة وهذا لا يمكن حدوثه إلا إذا
كانت صياغة الدستور تحدث من قِبَل علماء الشريعة أو تحت إشرافهم الكامل.
تعديل مواد الدستور:
في جميع الدساتير الوضعية توجد آلية محددة لتعديل أو تغيير بعض مواد
الدستور، وذلك نابع من أن الدستور يوضع معبِّراً عن تصورات الشعب وتطلعاته
وَقْتَ صدوره، لكن هذه التصورات والتطلعات عرضة للتغير مع مرور الزمن من
أجل ذلك تحسَّبوا لذلك عن طريق إمكانية التعديل أو الإلغاء، وأما الدستور
الإسلامي فينبغي ألا توضع فيه إلا الأحكام التي لا تكون عرضة للتغير بمرور
الزمن حتى يحفظ للدستور هيبته ولا يكون عرضة للتغيير حسب آراء أو أهواء بعض
الناس، وأما الآليات التي تكون عرضة للتغيير فوضعها في وثيقة أخرى أدنى من
الدستور منزلة قد يكون أوفق من وجهة نظري.
وعندما يوضع الدستور على النحو الذي ذكرته لا يكون الدستور عرضة للتغيير
ومن ثَمَّ يكون إلزامه ليس قاصراً على الجيل الذي وضع الدستور؛ بل يمتد
ليشمل الأجيال التالية، وبهذا أيضاً يكون الدستور للبلاد الإسلامية كلها
دستوراً واحداً، وهو ما يوجِد تجانساً كبيراً بين تلك الدول ويقرِّب ما
بينها.
مشروعات الدساتير الإسلامية المعاصرة:
اطلعتُ على عدة مشروعات لدساتير إسلامية من ذلك:
1 - إعلان دستوري إسلامي للمستشار الدكتور علي جريشة - رحمه الله - وهو مكون من 49 مادة.
2 - نموذج لدستور وضعه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر وهو مكون من 141 مادة
3 - نموذج لدستور إسلامي وضعه الدكتور مصطفى كمال وصفي نائب رئيس مجلس الدولة المصري - رحمه الله - وهو مكون 74 مادة.
4 - نموذج لدستور إسلامي أقره المجلس الإسلامي العالمي في إسلام أباد وهو مكون من 87 مادة.
هذه المشروعات مجموعة في كتيب واحد على الترتيب الذي أوردته هنا تحت اسم
إعلان دستوري إسلامي صادر عن دار الوفاء للطباعة والنشر بالمنصورة بمصر.
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: الدستور الإسلامي..
السبت 5 نوفمبر 2011 - 9:15
دمت معطائاً للمنتدى
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: الدستور الإسلامي..
السبت 5 نوفمبر 2011 - 14:26
شكرا
- مــــاجد2عضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1096
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
رد: الدستور الإسلامي..
السبت 5 نوفمبر 2011 - 20:02
الشكر كل الشكر لا يوفيكِ حقك
سلمت أناملكِ
ودمت معطائاً للمنتدى
بارك الله فيكِ وفي جهودكِ
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: الدستور الإسلامي..
الأحد 6 نوفمبر 2011 - 17:04
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا ما تقدم من ذنبهم وما تأخر
وقِهم عذاب القبر وعذاب النار..ارزقهم مغفرتك بلا عذاب
وجنتك بلا حساب رؤيتك بلا حجاب
واجعلهم ممن يورثون الفردوس الأعلى
اللـهم آميـن
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الأربعاء 9 نوفمبر 2011 - 18:40
بســم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
- مصطفى شحاذةمراقب عام
- الجنس :
عدد المساهمات : 17836
تاريخ التسجيل : 22/01/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الأربعاء 9 نوفمبر 2011 - 21:30
دمت معطائاً للمنتدى
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الخميس 10 نوفمبر 2011 - 15:44
شكرا
- chiguivara_dzعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3824
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 18:30
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته
جزاك الله خير الجزاء
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 23:09
جزاك الله خير الجزاء
- المهدي كارسيلاعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1286
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 - 7:08
شكرا لك ~
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
- حسنعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2895
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الخميس 29 ديسمبر 2011 - 21:24
جزاك الله خير الجزاء
- TOTOعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19472
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الخميس 19 يناير 2012 - 13:46
جزاك الله خير الجزاء
- JABAdorعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 17947
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الثلاثاء 7 فبراير 2012 - 14:05
جازاك الله عنا خيرا عما تقوم به
من مجهود مميز خدمتا لرواد وأعضاء المنتدى
من مجهود مميز خدمتا لرواد وأعضاء المنتدى
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الإثنين 20 فبراير 2012 - 21:38
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
- Bonaparte2عضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4460
تاريخ التسجيل : 13/09/2010
رد: الدستور الإسلامي..
الأحد 4 مارس 2012 - 23:35
- بابةنائب المدير
- الجنس :
عدد المساهمات : 11464
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
رد: الدستور الإسلامي..
الإثنين 12 مارس 2012 - 23:04
جزاك الله خير الجزاء
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى