- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 18:05
منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الحقيقة أن القضية التي سأطرحها هنا كانت بالنسبة لي ترفاً فكرياً إلى حد ما. وكالمرض العضال الذي نؤمن جميعاً بوجوده، لكنه يبقى شيئا غير حقيقي بالفعل حتى يصيب أحد أعزائنا فيصبح مأساة حقيقية نعيشها بكل تفاصيلها المرة, هكذا كانت الخيانة الزوجية بالنسبة لي!
ولأكون صريحاً يجب أن أعترف أنني كنت، جرياً على تقليعة فكر الأنوار الإنساني الذي بحث عن الإنساني داخل أي فرد، بما في ذلك العاهرات والمجرمين، متهما المجتمع والظروف التي مر بها هؤلاء بأنها وراء أخطائهم، متطلعاً إلى تغيير اجتماعي يقضي على الوضع الجائر الذي أنتج هؤلاء الضحايا.. كانت الخيانة الزوجية في مفهومي ردة فعل النساء المقهورات على مؤسسة الزواج الرسمية الأحادية الذكورية..
المصيبة التي هزت كل هذا في ضربة واحدة كانت تعرض صديق لي مقرب يشاطرني ذات الرؤى لخيانة زوجته!
كنت أظن أننا محصنون تجاه مثل هذه الحوادث بمجرد أن تدّعي الوعي بالأمور. ووحدهم الأشخاص "السيئين"، أي الذين لا يشاركونا ذات "الوعي" أو الممارسة، هم فقط من تخونهم زوجاتهم.. كنت أتابع بحزن شديد تقلبات مزاجه من الشعور بالدونية إلى الكراهية فالغضب.. وأهم من هذا وذاك اختلاط المفاهيم لديه، واضطراب منظومة القيم عنده حول قضية أساسية وبسيطة هي الصواب والخطأ..
طبعا أنا أعيش في هذا البلد حيث أعداد متزايدة أصبحت تمتهن تجارة أجسادها! وحيث قيم الأخلاق تمر في مرحلة انتقالية بين قيم المجتمع الإقطاعي الذكوري وقيم المجتمع الاستهلاكي التابع. على التوازي مع تدهور الحالة المعيشية لأغلبية الناس، وشيوع ثقافة الاستهلاك والانتهازية، وتحويل كل شيء إلى سلعة..
وأنا هنا أريد أن أبتعد عن سهولة الوقوع في التبسيط، وأن أذهب أعمق من مجرد عملية تحول ميكانيكية للأنثى إلى سلعة، لأرصد صيرورة مفهوم وممارسة الحب ذاته مع صيرورة المجتمع. فمفهوم الحب الذي رافق صعود البرجوازية الصغيرة سياسياً وفكرياً في الخمسينيات والستينيات، وتأثر بصعود اليسار وحركات الشباب في العالم وموسيقى السبعينيات، قد أصبح ينوس الآن بين منتوج العولمة الفكري الاستهلاكي وبين رد فعل عنيف عليها يذهب بعيداً في رفضه للحداثة ومحاولة إعادة إنتاج لحظة ماضية قيميا..
من الصعب علي أن أجد العزاء لصديقي في هذا كله.. صديقي الذي سيحمل تلك الكراهية والشك الأسودين عن الإنسان حتى قبره.. طبعا من السهل علي، أو على أي منكم إحالته إلى أي من المختصين.. أو الكلام بإسهاب عن الحياة وأننا كبشر ما زلنا بعيدين عن الكمال، أننا أسرى تناقضات حياتنا! لكن هذا، بالنسبة له، بلا معنى مهما كان أو بدا صحيحاً.. تمزقه الأسئلة وتحيره الحياة التي كانت ذات يوم سهلة المنال أصبحت اليوم عصية عليه..
إنها كذلك عندما تتحول إلى مأساة شخصية ليصبح العام مدموجاً في الخاص، ولتضيع التفاصيل ضحية للألم والمعاناة..
المشكلة أنني أعرف صديقي جيداً. فمأساته تبدأ من أنه شخص هادئ لا يتقن الإدعاء، عكس عشيق زوجته (سمّه باسم أو هاني أو أي أحد) هذا الذي يتقن دور الشخص المهم الذي يستخف بالمرأة هو يعرف جيدا أنه لا يعرف! فيما لا تعرف نساؤه أنه لا يعرف! ولا أجد في هذا الكذب ما قد يحمل ما كنت أظنه حباً إنسانياً.. إنه قدرة ماهرة على الخداع لا غير.. ربما لو كان الحب هو دافع هذه العلاقة لوجدت مبرراً أخلاقياً لها بيني وبين ذاتي وقيمي التي أؤمن بها على الأقل..
أحيانا يأخذني الشك إلى أن أفترض أنني أفكر كما يفعل البرجوازيين الصغار الذين يعاملون المرأة كملكية شخصية لا تقبل القسمة على اثنين! وأن الإحساس بالمهانة والغضب الذي يرافق خيانة الزوجة ما هو إلا عيب في مؤسسة الزواج ذاته! وتشدني أيام خلت قام فيها ثوار نادوا بتحرر المرأة على أساس مشاعيتها وإبطال أشكال الزواج السائدة كمزدك والقرامطة.. ويمزقني موقف اتخذته بيني وبين نفسي منذ بدأت أدرك الحياة: "كل ما هو موجود فهو شرعي يستحق الحياة بعيداً عن أي تنظير أخلاقي أو فكري. لأنه ببساطة موجود"! أما هذا التنظير فهو محاولة غبية لإلباس الحياة التي لا يمكننا أن نحيطها لباساً ضيقاً يجعلها تبدو غبية إن لم يكن قبيحة!
وأحياناً أستسهل أن أرى في هذا كله علامة من علامات يوم القيامة.. وأرتاح من تعقيد الأمور، المرض الذي يصيب المثقفين أو أنصافهم! لكن حتى وصف قاطع نهائي مطلق الصحة كما يدعي لا يمنحني الراحة..
على الرغم من كل هذا لا أملك ما أقوله لصديقي. والأهم من ذلك ما أستعيد به الطمأنينة والسكينة لأتمكن من جديد أن أنتظر إنساناً جديداً مختلفاً، بعيداً عن نزعة غاضبة مبررة متطرفة أحياناً في كراهيتها للراهن الكره الذي يشل العقل أحياناً ويترك المشاعر الجياشة وحدها تتحكم بالرؤية للعالم.. وأوقن شيئاً واحداً أن الإنسان ما يزال أبعد عن أن يكون إنساناً حراً متحرراً من أي قهر.. متحرراً من الكذب والغباء والتفاهة.
المركز التقدمي لدراسات وأبحاث مساواة المرأة
الحقيقة أن القضية التي سأطرحها هنا كانت بالنسبة لي ترفاً فكرياً إلى حد ما. وكالمرض العضال الذي نؤمن جميعاً بوجوده، لكنه يبقى شيئا غير حقيقي بالفعل حتى يصيب أحد أعزائنا فيصبح مأساة حقيقية نعيشها بكل تفاصيلها المرة, هكذا كانت الخيانة الزوجية بالنسبة لي!
ولأكون صريحاً يجب أن أعترف أنني كنت، جرياً على تقليعة فكر الأنوار الإنساني الذي بحث عن الإنساني داخل أي فرد، بما في ذلك العاهرات والمجرمين، متهما المجتمع والظروف التي مر بها هؤلاء بأنها وراء أخطائهم، متطلعاً إلى تغيير اجتماعي يقضي على الوضع الجائر الذي أنتج هؤلاء الضحايا.. كانت الخيانة الزوجية في مفهومي ردة فعل النساء المقهورات على مؤسسة الزواج الرسمية الأحادية الذكورية..
المصيبة التي هزت كل هذا في ضربة واحدة كانت تعرض صديق لي مقرب يشاطرني ذات الرؤى لخيانة زوجته!
كنت أظن أننا محصنون تجاه مثل هذه الحوادث بمجرد أن تدّعي الوعي بالأمور. ووحدهم الأشخاص "السيئين"، أي الذين لا يشاركونا ذات "الوعي" أو الممارسة، هم فقط من تخونهم زوجاتهم.. كنت أتابع بحزن شديد تقلبات مزاجه من الشعور بالدونية إلى الكراهية فالغضب.. وأهم من هذا وذاك اختلاط المفاهيم لديه، واضطراب منظومة القيم عنده حول قضية أساسية وبسيطة هي الصواب والخطأ..
طبعا أنا أعيش في هذا البلد حيث أعداد متزايدة أصبحت تمتهن تجارة أجسادها! وحيث قيم الأخلاق تمر في مرحلة انتقالية بين قيم المجتمع الإقطاعي الذكوري وقيم المجتمع الاستهلاكي التابع. على التوازي مع تدهور الحالة المعيشية لأغلبية الناس، وشيوع ثقافة الاستهلاك والانتهازية، وتحويل كل شيء إلى سلعة..
وأنا هنا أريد أن أبتعد عن سهولة الوقوع في التبسيط، وأن أذهب أعمق من مجرد عملية تحول ميكانيكية للأنثى إلى سلعة، لأرصد صيرورة مفهوم وممارسة الحب ذاته مع صيرورة المجتمع. فمفهوم الحب الذي رافق صعود البرجوازية الصغيرة سياسياً وفكرياً في الخمسينيات والستينيات، وتأثر بصعود اليسار وحركات الشباب في العالم وموسيقى السبعينيات، قد أصبح ينوس الآن بين منتوج العولمة الفكري الاستهلاكي وبين رد فعل عنيف عليها يذهب بعيداً في رفضه للحداثة ومحاولة إعادة إنتاج لحظة ماضية قيميا..
من الصعب علي أن أجد العزاء لصديقي في هذا كله.. صديقي الذي سيحمل تلك الكراهية والشك الأسودين عن الإنسان حتى قبره.. طبعا من السهل علي، أو على أي منكم إحالته إلى أي من المختصين.. أو الكلام بإسهاب عن الحياة وأننا كبشر ما زلنا بعيدين عن الكمال، أننا أسرى تناقضات حياتنا! لكن هذا، بالنسبة له، بلا معنى مهما كان أو بدا صحيحاً.. تمزقه الأسئلة وتحيره الحياة التي كانت ذات يوم سهلة المنال أصبحت اليوم عصية عليه..
إنها كذلك عندما تتحول إلى مأساة شخصية ليصبح العام مدموجاً في الخاص، ولتضيع التفاصيل ضحية للألم والمعاناة..
المشكلة أنني أعرف صديقي جيداً. فمأساته تبدأ من أنه شخص هادئ لا يتقن الإدعاء، عكس عشيق زوجته (سمّه باسم أو هاني أو أي أحد) هذا الذي يتقن دور الشخص المهم الذي يستخف بالمرأة هو يعرف جيدا أنه لا يعرف! فيما لا تعرف نساؤه أنه لا يعرف! ولا أجد في هذا الكذب ما قد يحمل ما كنت أظنه حباً إنسانياً.. إنه قدرة ماهرة على الخداع لا غير.. ربما لو كان الحب هو دافع هذه العلاقة لوجدت مبرراً أخلاقياً لها بيني وبين ذاتي وقيمي التي أؤمن بها على الأقل..
أحيانا يأخذني الشك إلى أن أفترض أنني أفكر كما يفعل البرجوازيين الصغار الذين يعاملون المرأة كملكية شخصية لا تقبل القسمة على اثنين! وأن الإحساس بالمهانة والغضب الذي يرافق خيانة الزوجة ما هو إلا عيب في مؤسسة الزواج ذاته! وتشدني أيام خلت قام فيها ثوار نادوا بتحرر المرأة على أساس مشاعيتها وإبطال أشكال الزواج السائدة كمزدك والقرامطة.. ويمزقني موقف اتخذته بيني وبين نفسي منذ بدأت أدرك الحياة: "كل ما هو موجود فهو شرعي يستحق الحياة بعيداً عن أي تنظير أخلاقي أو فكري. لأنه ببساطة موجود"! أما هذا التنظير فهو محاولة غبية لإلباس الحياة التي لا يمكننا أن نحيطها لباساً ضيقاً يجعلها تبدو غبية إن لم يكن قبيحة!
وأحياناً أستسهل أن أرى في هذا كله علامة من علامات يوم القيامة.. وأرتاح من تعقيد الأمور، المرض الذي يصيب المثقفين أو أنصافهم! لكن حتى وصف قاطع نهائي مطلق الصحة كما يدعي لا يمنحني الراحة..
على الرغم من كل هذا لا أملك ما أقوله لصديقي. والأهم من ذلك ما أستعيد به الطمأنينة والسكينة لأتمكن من جديد أن أنتظر إنساناً جديداً مختلفاً، بعيداً عن نزعة غاضبة مبررة متطرفة أحياناً في كراهيتها للراهن الكره الذي يشل العقل أحياناً ويترك المشاعر الجياشة وحدها تتحكم بالرؤية للعالم.. وأوقن شيئاً واحداً أن الإنسان ما يزال أبعد عن أن يكون إنساناً حراً متحرراً من أي قهر.. متحرراً من الكذب والغباء والتفاهة.
المركز التقدمي لدراسات وأبحاث مساواة المرأة
- مصطفى شحاذةمراقب عام
- الجنس :
عدد المساهمات : 17836
تاريخ التسجيل : 22/01/2010
رد: منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الخميس 8 سبتمبر 2011 - 9:40
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
=======================
بارك الله بك وجزاك الخير كله
ورزقك نعيمي الدنيا والآخرة
وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
=======================
بارك الله بك وجزاك الخير كله
ورزقك نعيمي الدنيا والآخرة
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الخميس 8 سبتمبر 2011 - 16:50
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الجمعة 16 سبتمبر 2011 - 16:04
من أخطر مدمري العلاقة الزوجية هي الخيانة
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الإثنين 19 سبتمبر 2011 - 18:57
- بلالعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3446
تاريخ التسجيل : 12/06/2010
رد: منعطف كبير لكن إلى أين؟ "عن الخيانة الزوجية"
الأربعاء 29 فبراير 2012 - 18:03
جزاك الله عنا خيرا
على
الموضوع الرائع والمجهود المتميز
على
الموضوع الرائع والمجهود المتميز
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى