وقفة مع آية من كتاب الله
+9
مصطفى شحاذة
FLAT
نهرو
الشيخ-سعدان
Admin
دادي
Kojack
ام بدر
حمدي غيث
13 مشترك
- حمدي غيثعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4049
تاريخ التسجيل : 30/05/2010
وقفة مع آية من كتاب الله
الإثنين 22 أغسطس 2011 - 3:05
بسم الله الرحمان الرحيم
وقفة مع آية من كتاب الله
د. أمين بن عبدالله الشقاوي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
فنقفُ وقفةً يسيرةً مع آيةٍ من كتاب الله.
قوله تعالى: {قُلِ
اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ
الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ
بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].
يقول
تبارك وتعالى: قل يا محمَّد معظِّمًا لربِّكَ، وشاكرًا له، ومفوِّضًا
إليه، ومتوكِّلاً عليه: اللهم مالِكَ المُلْك، والمُلْكُ: قيل النبوَّة،
وقيل: الغَلَبَة، وقيل: المال والعبيد، والصحيحُ الذي رجَّحه بعض
المفسِّرين: أنه عامٌّ لما يصدق عليه اسم المُلْك من غير تخصيص، فقوله: {تؤتي المُلْكَ مَنْ تشاءُ وتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تشاء}؛ أي: أنت المُعطي، وأنت المانِع، وأنت الذي ما شئتَ كان، وما لم تَشَأْ لم يكن، وأنت المتصرِّف في خَلْقِكَ، الفعَّال لما تُريدُ.
قال
ابن كثير - رحمه الله -: "ردَّ تعالى على مَنْ يحكم عليه في أمره؛ حيث قال
: وقالوا – أي: الكفار – لولا نزل هذا القرآن على رجلٍ من القريتيْن عظيم،
كالوليد بن المغيرة وغيره؛ قال الله ردًّا عليهم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}
[الزخرف:32]؛ أي: أَهُمُ الخُزَّان لرحمة الله، وبيدهم تدبيرها، فيُعطون
النبوَّة والرسالة مَنْ يشاؤون، ويمنعونها عمَّن يشاؤون؟! فنحن نتصرَّف
فيما خَلَقْنا كما نريد، بلا مانِع ولا مُدافِع، لنا الحكمة البالغة
والحُجَّةُ التامَّة، وهكذا يُعطي النبوَّة لمن يريد؛ قال سبحانه: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]". اهـ[1]
قوله تعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [آل عمران :26].
قال
الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: "أي: الخير كله منكَ، ولا يأتي بالحسنات
والخيرات إلا الله، وأمَّا الشرُّ، فإنَّه لا يُضاف إلى الله، لا وَصْفًا
ولا اسْمًا، ولكنه يدخل في مفعولاته، ويندرج في قضائه وقدره؛ فالخير
والشرُّ داخلان في القضاء والقدر، فلا يقع في مُلْكِه إلاَّ ما شاءه، ولكن
لا يُضاف إلى الله، فلا يُقال: بيدكَ الخيرُ والشرُّ، ولكن بيدك الخير؛ كما
قال الله وقال رسوله". اهـ[2].
جاء
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في دعائه في قيام الليل: أنه كان يقول: ((والخير كلُّه في يديْكَ، والشرُّ
ليس إليْكَ))[3]؛ تَأَدُّبًا مع الله تعالى.
ومن فوائد الآيتَيْنِ الكريمتَيْنِ:
أولاً:
ما نَقَلَهُ ابنُ كثيرٍ في "تفسيره": أنَّ فيها تنبيهًا وإرشادًا إلى شكر
نعمة الله - تعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهذه الأُمَّة؛ لأن
الله - تعالى - حَوَّلَ النبوَّة من بني إسرائيل إلى النبيِّ العربيِّ
القُرَشِيِّ الأُمِّيِّ المكيِّ، خاتم الأنبياء على الإطلاق، ورسول الله
إلى الثَّقَلَيْن، الذي جمع الله فيه محاسِنَ مَنْ كان قَبْلَهُ، وخصَّهُ
بخصائص لم يُعْطِهَا نبيًّا من الأنبياء ولا رسولاً، من العلم بالله
وشريعته، وإطْلاعِه على الغيوب الماضية والآتية، وكَشْفِه له عن حقائق
الآخِرة، ونشر أُمَّته في الآفاق، في مشارق الأرض ومغاربها، وإظهار دينه
وشرعه على سائر الأديان والشرائع؛ فصلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم
الدِّين، ما تعاقَب اللَّيْلُ والنَّهار"[4].
ثانيًا: أن العزة لا تطلب إلا من الله - تعالى - وهي إنما تأتي بطاعته واجتناب معصيته؛ قال تعالى: {مَن
كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ
يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
وقال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ
يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ
أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 138- 139].
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8].
وعن
أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه
وسلم - قال وهو يخاطب الأنصار: ((ألم تكونوا أذلَّةً فأعزَّكم الله؟))[5].
وقال عمر - رضي الله عنه -: ((نحن قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العِزَّة بغيره أَذَلَّنا اللهُ))[6].
ثالثًا: أنَّ الذُّلَّ الذي يُصيب الإنسان إنما هو بمعصيته لله ولرسوله؛ قال تعالى عن بني إسرائيل عندما عصوا الله ورسوله: {ضُرِبَتْ
عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللَّهِ
وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ
عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ
اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا
وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112].
وعن ابن عمر -
رضي الله عنهما -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بُعِثْتُ
بين يَدَي الساعة بالسيف، حتى يُعبَد الله وحده لا شريك له، وجُعِلَ رزقي
تحت ظلِّ رُمحي، وجُعل الذُّلُّ والصَّغارُ على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ
تشبَّه بقومٍ فهو منهم))[7].
وقال
الحسنُ - رحمه الله -: "إنهم وإن طَقْطَقَتْ بهم البغال، وهَمْلَجَتْ بهم
البَرَاذين، إنَّ ذُلَّ المعصية لفي قلوبهم، أَبَى الله إلاَّ أن يُذِلَّ
مَنْ عصاه"[8].
قال الشَّاعرُ:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيانُهَا |
رابعًا:
إثبات قدرة الله؛ فهو - سبحانه - القادرُ على كلِّ شيءٍ، لا يُعجزه شيءٌ
في الأرض ولا في السماء؛ ولذلك يُشرَع للمؤمن أن يسأل الله بقدرته أن
يُيَسِّر له الخير، ويصرِف عنه الشرَّ؛ فعن عثمان بن أبي العاص
الثَّقَفِيُّ - رضي الله عنه -: أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وَجَعًا يجده في جسده منذ أسلم؛ فقال له رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: ((ضع يدكَ على الذي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وقُلْ: باسم الله
ثلاثًا، وقُلْ سبعَ مرَّاتٍ: أعوذُ بالله وقدرته، من شرِّ ما أَجِدُ
وأُحاذِرُ))[9].
خامسًا: فضل الدعاء وأهميته، وكان السَّلَفُ يدعون: "اللهم أعِزَّني بطاعتِكَ، ولا تُذِلَّني بمعصيتِكَ"[10]، وينبغي للمؤمن أن يسأل الله من خيرَيِ الدنيا والآخِرة؛ قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134].
وعن
أنسٍ بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -
يقول: ((اللهم ربَّنا، آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخِرة حسنةً، وقِنَا
عذابَ النَّار))[11]، وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوةٍ دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاءٍ دعا بها فيه.
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] تفسير ابن كثير (1/356).
[2] تفسير ابن سعدي (ص104).
[3] صحيح مسلم (1/535) برقم (771).
[4] تفسير ابن كثير (1/356).
[5] مسند الإمام أحمد (3/57) وأصله في الصحيحين.
[6] مستدرك الحاكم (1/130).
[7] مسند الإمام أحمد (2/92).
[8] الجواب الكافي (ص53).
[9] صحيح مسلم (4/1728) برقم (2202).
[10] الجواب الكافي (ص53).
[11] صحيح البخاري (3/201) برقم (4522)، وصحيح مسلم (4/2070) برقم (2690).
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الإثنين 22 أغسطس 2011 - 4:16
بورك فيك واحسن الله اليك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الإثنين 22 أغسطس 2011 - 4:17
بورك فيك واحسن الله اليك
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 30/05/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الإثنين 22 أغسطس 2011 - 19:55
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب
لك في ميزان حسناتك
وكتب
لك في ميزان حسناتك
- داديعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13031
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 2:58
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
و جعله الله في ميزان حسناتك يا رب
بالتوفيق إن شاء الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
و جعله الله في ميزان حسناتك يا رب
بالتوفيق إن شاء الله
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 7:15
- الشيخ-سعدانعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3562
تاريخ التسجيل : 04/10/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 7:02
الف شكر واثابنا واياكم الله تعالى
- نهروعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 16844
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 14:27
- FLATنائب المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 29873
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الخميس 25 أغسطس 2011 - 4:57
- مصطفى شحاذةمراقب عام
- الجنس :
عدد المساهمات : 17836
تاريخ التسجيل : 22/01/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الخميس 25 أغسطس 2011 - 9:04
الف شكر
- بابةنائب المدير
- الجنس :
عدد المساهمات : 11464
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الخميس 25 أغسطس 2011 - 16:05
- MATADORعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4892
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الجمعة 26 أغسطس 2011 - 6:02
شكرا لك على الموضوع الرائع
أطال الله في عمرك
أطال الله في عمرك
- محب اللهعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 9868
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
الجمعة 26 أغسطس 2011 - 6:42
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: وقفة مع آية من كتاب الله
السبت 27 أغسطس 2011 - 2:52
بســم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى