قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
+17
شاكر الله
عبد الخالق الطريس
kasparov-mar
عربي
دادي
سحتوت2
badrakhane
سراج_الدين
Bastos
FOR4ever
فرس
Messi
Kojack
PRINCESSA
FLAT
Admin
ام بدر
21 مشترك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأربعاء 16 فبراير 2011 - 19:48
قبل
أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور. أولها اختلاف
طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء،
فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة.
قال تعالى في سورة (يوسف):
نَحْنُ نَقُصُّ
عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ
وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (يوسف)
واختلف
العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟ قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن
باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم.. وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته
وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة
والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن،
وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد
والانفعالات.. وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا
كان إلى السعادة.
ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة
سببا مهما يميز هذه القصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى
النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها، ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته
ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا
ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم، لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز.
لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.
المشهد الأول من فصل طفوله يوسف:
ذهب
يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيا رآها. أخبره بأنه رأى في المنام
أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له. استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره
أن يحكيها لأخوته. فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء
هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته
خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من
امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم،
فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه..
لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب
فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.
المشهد الثاني:
اجتمع
أخوة يوسف يتحدثون في أمره. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ
إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ
مُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذين
الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع:
(اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنه الحقد وتدخل الشيطان
الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل. أكبر جرائم
الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه
سيموت هناك لا محاله. ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه
كله لهم. ومن ثم يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا
صَالِحِينَ).
قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار
الله في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم تريدون الخلاص
منه، فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا..
سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.
انهزمت فكرة القتل،
واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان
في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد.
المشهد الثالث:
توجه
الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم. دار الحوار بينهم وبين
أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى
يُوسُفَ ..؟ أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا
تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع
ويلعب؟
وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام
ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره
على فراقه وخوفه عليه من الذئاب: قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن
تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ
غَافِلُونَ .
ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة
من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع
ذلك.. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.
وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضي مشيئته!
المشهد الرابع:
خرج
الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء. اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور
القوافل وحملوه وهموا بإلقائه في البئر.. وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا
يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه.
المشهد الخامس:
عند
العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة. أخبروه بأنهم
ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة، وأكل يوسف. لقد ألهاهم الحقد الفائر عن
سبك الكذبة، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن
لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون
ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى. كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على
التسرع، وقد كان أبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها. فلم يكن من المستساغ
أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه أمس! وبمثل
هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في
انفعالهم أن يمزقوا قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما، ولكن ملطخا
بالدم.. وانتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا: (وَمَا أَنتَ
بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله،
ولو كان هو الصدق، لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله.
أدرك يعقوب
من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة، أن يوسف لم يأكله
الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنهم يلفقون له قصة لم تقع، فواجههم بأن
نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه؛ وأنه سيصبر
متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو، مستعينا بالله على ما يلفقونه من
حيل وأكاذيب: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ
جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ
المشهد الأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام:
أثناء
وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقها إلى مصر.. قافلة
كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت سيارة.. توقفوا للتزود بالماء.. وأرسلوا أحدهم
للبئر فأدلى الدلو فيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء
فسحبه.. ففرح بما رأى.. رأى غلاما متعلقا بالدلو.. فسرى على يوسف حكم
الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير عبدا لمن التقطه.. هكذا كان
قانون ذلك الزمان البعيد.
فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه
حين فكر في همه ومسئوليته، وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا.. وعزم على
التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق
الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة. ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية.
انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم، لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته.
ثم
يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى
أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). لقد انطبقت جدران
العبودية على يوسف. ألقي في البئر، أهين، حرم من أبيه، التقط من البئر،
صار عبدا يباع في الأسواق، اشتراه رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل..
انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة.. هكذا يظن أي إنسان.. غير أن
الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما.
ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة
وفتنة.. كان هو أول سلم يصعده يوسف في طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ
عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير
الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة.
وها هو
ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه.. وها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي
مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. وليس هذا السيد رجلا هين الشأن.. إنما
هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة في مصر.. سنعلم بعد قليل أنه وزير من
وزراء الملك. وزير خطير سماه القرآن "العزيز"، وكان قدماء المصريين يطلقون
الصفات كأسماء على الوزراء. فهذا العزيز.. وهذا العادل.. وهذا القوي.. إلى
آخره.. وأرجح الآراء أن العزيز هو رئيس وزراء مصر.
وهكذا مكن الله
ليوسف في الأرض.. سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم. وسيعلمه الله من تأويل
الأحاديث والرؤى.. وسيحتاج إليه الملك في مصر يوما. (وَاللّهُ غَالِبٌ
عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). تم هذا كله
من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف.
ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول:
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) (يوسف)
كان
يوسف أجمل رجل في عصره.. وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرته يضفيان على وجهه
مزيدا من الجمال. وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياة
وأحوالها. وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه.. وأوتي نبلا
وعفة، جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم.
وأدرك سيده أن الله قد أكرمه
بإرسال يوسف إليه.. اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة
وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيته وأكرمه وعامله كابنه.
ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته:
في
هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد وأعمق من المحنة الأولى.
جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها
جزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه. يذكر الله تعالى هذه المحنة في
كتابه الكريم:
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ
فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ
لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ
يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا
أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ
وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) (يوسف)
لا
يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها وسنه، فلننظر في ذلك من باب التقدير.
لقد أحضر يوسف صبيا من البئر، كانت هي زوجة في الثلاثة والعشرين مثلا، وكان
هو في الثانية عشرا. بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة والثلاثين
ووصل عمره إلى الخامسة والعشرين. أغلب الظن أن الأمر كذلك. إن تصرف المرأة
في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة.
والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات.
(وَرَاوَدَتْهُ)
صراحة (عَن نَّفْسِهِ )، وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ). لن
تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة فر فيها منها. مرات
سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة
العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أن تغير خطتها.
خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وصرحت
بحبها وطالبته بنفسه.
ثم يتجاوزز السياق القرآني الحوار الذي دار
بين امرأة العزيز ويوسف عليه السلام، ولنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه إما
بلباسها أو كلماتها أو حركاتها. لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه
السلام- من هذا الإغواء.
يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا
(قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ
يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني
بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن. ولا يفلح الظالمون
الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه.
ثم
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ
رَبِّهِ) اتفق المفسرون حول همها بالمعصية، واختلفوا حول همه. فمنهم من أخذ
بالإسرائيليات وذكر أن يعقوب ظهر له، أو جبريل نزل إليه، لكن التلفيق
والاختلاق ظاهر في هذه الزوايات الإسرائيلية. ومن قائل: إنها همت به تقصد
المعصية وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومن قائل: إنها همت به لتقبله وهم
بها ليضربها، ومن قائل: إن هذا الهم كان بينهما قبل الحادث. كان حركة نفسية
داخل نفس يوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة. ثم صرف الله عنه.
وأفضل تفسير تطمئن إليه نفسي أن هناك تقديما وتأخيرا في الآية.
قال
أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة، فلما أتيت على قوله تعالى:
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا). قال أبو عبيدة: هذا على التقديم
والتأخير. بمعنى ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. يستقيم هذا
التفسير مع عصمة الأنبياء.. كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة
(كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ
عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله
المخلصين، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان. قال تعالى لإبليس
يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وما دام يوسف
من عباده المخلصين، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه. لا يعني هذا أن يوسف كان
يخلو من مشاعر الرجولة، ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة وعدم
احتفالهم بالحس. إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما،
ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه، عارفا أنه يوسف بن يعقوب
النبي، ابن إسحق النبي، ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن.
يبدو
أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجها إلى الباب حتى لا يتطور الأمر
أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه، تدفهعا الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه
من الخلف، فتمزق في يدها. وهنا تقطع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز.
وهنا تتبدى المرأة المكتملة، فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي
يطرح الموقف. فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ
بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
واقترحت
هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف،
خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه. بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو
السجن. بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن
نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي
تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:
وَشَهِدَ
شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ
وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ
فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ
مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28)
(يوسف)
لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية، أم
أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه.. كما أشارت بعض الروايات أن
هذا الشاهد رجل كبير، بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز.
وهو لا يغير من الأمر شيئا. ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر
للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له وهو يريد
الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب. وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن
من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق.
فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)
فتأكد
الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف. لكن الدم لم يثر
في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب. فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها
الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف.. نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما.
وصرح بأن كيد النساء عموم عظيم. وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق.
ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو
دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت
الزوج إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا) أهمل هذا الموضوع
ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به. هذا هو المهم.. المحافظة على الظواهر.. ثم
يوجه عظة -مختصرة- للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها وتمزيق
قميصه: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ).
انتهى
الحادث الأول.. لكن الفتنة لم تنته.. فلم يفصل سيد البيت بين المرأة
وفتاها.. كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع. غير أن هذا الموضوع
بالذات. وهذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ بالخدم والخادمات والمستشارين
والوصيفات.
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأربعاء 16 فبراير 2011 - 20:12
- FLATنائب المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 29873
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الجمعة 18 فبراير 2011 - 2:06
- PRINCESSAمشرفة منتدى حلويات
- الجنس :
عدد المساهمات : 29189
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
السبت 19 فبراير 2011 - 1:53
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
على الموضوع الرائع
وجعله الله في ميزان حسناتك
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
السبت 19 فبراير 2011 - 2:55
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
- Messiعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4650
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
السبت 19 فبراير 2011 - 3:26
- فرسعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4030
تاريخ التسجيل : 16/07/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأحد 20 فبراير 2011 - 12:34
- FOR4everعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14694
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الإثنين 21 فبراير 2011 - 2:40
مجهود متميز حياك الله
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الإثنين 21 فبراير 2011 - 13:37
- سراج_الدينمشرف صلة وصل بين الاعضاء
- الجنس :
عدد المساهمات : 16960
تاريخ التسجيل : 03/09/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأربعاء 23 فبراير 2011 - 1:14
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جزاكم الله عنا كل خير على الموضوع القيم
جعله الله في ميزان حسناتكم إن شاء الله
احسن الله اليكم فى الدنيا والاخرة ونفع بكم
وفقكم الله لكل ما يحب ويرضى
- badrakhaneعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4433
تاريخ التسجيل : 09/10/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأربعاء 23 فبراير 2011 - 20:04
- سحتوت2عضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2770
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الخميس 24 فبراير 2011 - 22:32
السلام عليكم ورحمة الله وبركـاته
بارك الله فيك ، وجازاك الله كل خير على الموضوع الطيب والمميز
بارك الله فيك ، وجازاك الله كل خير على الموضوع الطيب والمميز
- داديعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13031
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
السبت 5 مارس 2011 - 11:43
شكرا لك على المجهود الطيب
والموضوع المتميز
والموضوع المتميز
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأحد 6 مارس 2011 - 18:33
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا ما تقدم من ذنبهم وما تأخر
وقِهم عذاب القبر وعذاب النار..ارزقهم مغفرتك بلا عذاب
وجنتك بلا حساب رؤيتك بلا حجاب
واجعلهم ممن يورثون الفردوس الأعلى
اللـهم آميـن
- kasparov-marعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4661
تاريخ التسجيل : 18/07/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الخميس 31 مارس 2011 - 23:33
- عبد الخالق الطريسعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 6906
تاريخ التسجيل : 18/07/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الجمعة 1 أبريل 2011 - 0:02
- شاكر اللهعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2252
تاريخ التسجيل : 22/10/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الإثنين 4 أبريل 2011 - 1:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وجزاكم الله خيرا ورزقكم الله رزقا كبيرا
واسال الله ان يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وان يرزقك خير الدنيا والآخرة
بارك الله فيك وجزاكم الله خيرا ورزقكم الله رزقا كبيرا
واسال الله ان يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال
وان يرزقك خير الدنيا والآخرة
- K1saydaمشرف صلة وصل بين الاعضاء
- الجنس :
عدد المساهمات : 14285
تاريخ التسجيل : 04/10/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الثلاثاء 5 أبريل 2011 - 23:30
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جازاكم الله خيرا
مع نسائم الصباح إليك هذه الهدية
ملأ الله قلبك بالأنوار
وحفظك من الأخطار
وأسعدك ما دام الليل والنهار
وجعل حياتك حياة الصالحين الأبرار
جازاكم الله خيرا
مع نسائم الصباح إليك هذه الهدية
ملأ الله قلبك بالأنوار
وحفظك من الأخطار
وأسعدك ما دام الليل والنهار
وجعل حياتك حياة الصالحين الأبرار
- زين الدين ZIDANEعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2963
تاريخ التسجيل : 15/08/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأربعاء 6 أبريل 2011 - 18:30
- حمدي غيثعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4049
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
الأربعاء 6 أبريل 2011 - 19:39
شكرا لك وبارك الله فيك
- ZIDANEمراقب قسم المنتديات العامة
- الجنس :
عدد المساهمات : 30012
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
الموقع : https://arab-yes.ahlamontada.com/
رد: قصص الانبياء//////// يوسف عليه السلام
السبت 9 أبريل 2011 - 16:19
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى