- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
إيجابيات الثورات العربية
الخميس 12 يناير 2012 - 14:33
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن
لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ
تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[(102)آل عمران].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن
نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[(1)النساء].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً)[(70)(71)الأحزاب].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
أيها المسلمون: للثورات العربية إيجابيات كثيرة لا تخفى على المتأمل؛ فمن ذلك:
* سقوط اللافتات التي كانت تسمى (الحرب على الإرهاب) فأصبحنا لا نسمع
شيئًا من ذلك لا أمرًا ولا نهيًا، هذه اللافتة التي رفعت ظلمًا على هذه
الأمة؛ لمحاربة دعاتها ومجاهديها ومؤسساتها الخيرية، بل للتدخل حتى في
مناهج هذه الأمة، فغُيِّرت في وزارات التعليم المناهج بما يخدم المصالح
الغربية، وهذه الحملة التي قادتها الصليبية العالمية وأعملت فيها عملاءها
من حكام العرب ها هي اليوم تتساقط أمام الثورات العربية المباركة وأمام
مطالبة هذه الشعوب الثائرة بحقوقها في تقرير مصيرها وفي سيادتها على
أراضيها وثرواتها وثقافاتها وذلك نصر الله ينصر به عباده المؤمنين
المستضعفين: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي
الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ
وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(5)(6)القصص] (إِنَّا
لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)[(51)غافر].
* ومن الإيجابيات افتضاح النفاق الغربي الذي كان يدعم هذه الأنظمة
المستبدة عقودًا طويلة ثم يفتضح بدعمه المستميت لهذه الأنظمة وما قدّمه لها
ليسحقَ الأمة في دينها وثقافتها وأموالها، لقد افتضح هذا النفاق اليوم
وصار عاريًا لا تغطِّيه حتى ورقة التوت.
* ومن إيجابيات هذه الثورات أن من طلب الموت وهبت له الحياة، فكل الناس
يموتون ولكن الذي يموت في أرض العزة والكرامة خير ممن يموت على فراشه أو
أرض الذل والمهانة؛ فإن الأمم تدفع ضريبة للذل من التضحيات أكثر بكثير مما
تدفعه ضريبة للعز فلذلك من أراد الحياة فلا بد أن يقدم التضحيات ومن طلب
الموت وهبت له الحياة والأمر كما قيل:
إذا الشعب يومًا أراد الحياة *** فلا بد للشعب أن ينتصرْ
* ومن الإيجابيات سقوط الفكر الارجائي الذي يدعو إلى الخنوع والانبطاح
فأصبحتَ لا تسمع في هذه الأمة إلا شعارات العزة وسقوط النظام وسقوط الطاغوت
وارحل! ونحو ذلك من الشعارات فلا مجال اليوم للفكر الانبطاحى الخنوعي.
* ومن الإيجابيات أن الثورات العربية السلمية أثبتت للعالم أن العرب
-وهم قيادة الأمة الإسلامية- هي شعوب متحضرة ومتعلمة لا كما قيل عنها إنها
همجية وحشية بربرية وأنفق الغرب أموالًا طائلة في هذه الدعاية.
لقد ثبت اليوم من خلال هذه الثورات السلمية أن الأمة العربية التي تقود
العالم الإسلامي هي الأمة المتحضرة الواعية، وثبت للعالم أيضًا أن الغرب
بهمجيته وما فعله في العراق وما فعله في أفغانستان من دعم هذه الأنظمة
المستبدة وما فعله من حصار المدنيين في غزة وما يفعله اليوم من تلكُّؤٍ في
ليبيا كل ذلك أثبت للعالم أن البربرية والهمجية إنما جاءت من أوربا من هناك
ومن أمريكا.
لقد جاءت هذه الثورات لتدل على أن الشعوب العربية قد نضجت في وعيها
فأصبحت لا تنطلي عليها الحيل، وأصبحت لا تثق بالوعود البراقة ولا تقبل بأقل
من سقوط هذه الأنظمة الطاغوتية المستبدة التي جرَّبتها سنين طويلة وكانت
وعود الإصلاح ومحاربة الفساد إنما هي مراوغات! وتعني مزيدًا من الظلم
ومزيدًا من الاستبداد فلذلك لم تعد تثق بأي وعود من هذا القبيل.
وشاءت إرادة الله - جل وعلا - أن تكون هذه الثورات العربية تنطلق من
الشعوب العربية من الأمة لا منة لأحد فيها، الجميع شارك فيها، لا منة لحزب
ولا لجماعة ولا لهيئة تجاوزت كل تلك التكتلات وكل تلك الأحزاب وهكذا أراد
الله - عز وجل - أن لا يكون منة لهذا التغير العظيم لأحد لتعلم تلك الأحزاب
وتلك الجماعات أنها لم تنجح بسبب تعصباتها وفشل مشاريعها؛ لم تنجح بالنهوض
بالأمة بسبب انشغالها ببعضها؛ بسبب من يريد الدنيا فيهم: (مِنْكُمْ مَنْ
يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ
عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ..)[(152)آل عمران].
وأيضًا هي درس في أن ترك الجدال والبدء بالعمل هو الثمرة الصحيحة فلو أن
الأمة انشغلت في جدل عقيم حول حكم المظاهرات وحكم الخروج ونحو ذلك لما
أحدثت هذا التغيير لكنها لما أخذت بالعمل بعد استبانة الحق ووضوحه كانت هذه
الثمار المرجوة ببساطتها وعفويتها، كانت هذه الثمار العظيمة وقد كان من
دعائه - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة
على الرشد)) فحينما توجد خطة رشد لا يجوز التلكؤ عنها ولا التأخر عنها،
فببساطة صارت قوة هذه الأمة في إرادتها وفي جماهيريتها أمام المجنزرات،
وأمام الجنود المجندة، وأمام الآلة العسكرية الضخمة فمتى ما أرادت هذه
الأمة فإن الله - عز وجل - سيوفقها لما فيه الصالح كما قال الله - جل وعلا
-: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً..)[(46)التوبة]
وكما قال الله - جل وعلا -: (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا
دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ..)[(23)المائدة].
لا مجال للجدل الطويل العقيم قليل الفائدة فبعد أن يستبين الحق وتستبين
الخطة الراشدة فلابد من العمل والبدء فيه وهذه هي الثمرة المرجوة من كل عمل
صادق يبادر إليه المسلم.
أيها المسلمون: إن ما يجري اليوم في هذا المشهد العربي الرهيب هو بداية
نهوض أمة؛ هو تحول تاريخي؛ هو بداية تزحزح الغرب عن مكان السيطرة وبداية
نهوض هذه الأمة.
ومن جميل المصادفات أن ذلك يحدث في يوم الجمع يوم عيد أهل الإسلام الذي
نزل فيه قول الله - جل وعلا -: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ
دِينًا..)[(3)المائدة].
فصارت تسمى جمعة الرحيل وجمعة النصر وجمعة الشهداء وهكذا دواليك فإن هذا
من جميل المصادفات أن يصادف أعياد الإسلام تغيير أولئك الطواغيت.
أمة الإسلام: إن فرحتنا لن تكتمل وعيدنا لن يكتمل ما لم يحل النظام
الإلهي والدستور الإلهي ليحكم هذه الأمة في كل شؤون حياتها: (الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ دِينًا..)[(3)المائدة].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات
والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل
ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47045
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: إيجابيات الثورات العربية
الأحد 15 يناير 2012 - 22:37
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: إيجابيات الثورات العربية
الأحد 15 يناير 2012 - 23:41
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى