شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
+11
Kojack
mahmoudi_ma
ZIDANE
MATMOUR-Dz
مصطفى
الشاوش
FIFI
PRINCESSA
Admin
Bastos
ام بدر
15 مشترك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
السبت 15 أكتوبر 2011 - 14:22
شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
د. محمود أمين العالم(*)
الشباب هم القوّة الطالعة والمؤهّلة ـ موضوعياً ـ لإنجاز التحوّلات
المنشودة ومواصلتها، والتي تتطلع إليها بلادنا حالياً ومستقبلاً في اتجاه
الديمقراطية الحقيقية، والوحدة القومية، والتجدّد المتصل، والمشاركة
الإيجابية في تنمية الحضارة الإنسانية، علماً وثقافة وإنتاجاً، وسلاماً
وحريّة، ورؤى روحية وعقلائية إيجابية ملهمة. ولهذا ما أكثر المحاولات
المعاكسة والمضادة لهذا التوجّه الشبابي البنّاء، التي تسعى إلى تجنيد
الطاقات الشبابية لخدمة المصالح الذاتية الضيّقة، أو الطبقية المتعالية، أو
الشوفينية المعرقلة لإرادات التفتّح وقيم التجدّد والتحرّر والتقدّم
الإنساني، ذلك أنّ الشباب هم دائماً ساحة معركة سياسية وثقافية واجتماعية
حاسمة من معارك التجميد أو التجديد، التوعية أو التعمية، التي تخوضها مختلف
القوى السياسية والاجتماعية، مستعينة بمختلف الوسائل التعليمية والإعلامية
والتثقيفية عامة، تحقيقاً لمصالحها وأهدافها الخاصة.
وهذا في الحقيقة بعض ما يعنيه الصراع الأيديولوجي أو الثقافي، الذي يخفي في
طيّاته مختلف الأهداف والمصالح داخل كل مجتمع وعلى المستوى العالمي العام.
إنّه صراع المصالح وإنّ تجسّد في قيم ومفاهيم ثقافية مختلفة ومتناقضة،
وليس صراع حضارات كما يتم الترويج له أحياناً إخفاءً لحقيقته.
وتأسيساً على هذا، يصبح الموضوع المقترح للحديث والحوار في لقائنا هذا هو:
أين موقع أو موقف شبابنا العربي عامة ـ هذه القوى الطالعة الواعدة ـ من
مختلف القضايا الحالية؟
لعلّنا نتفق جميعاً على أنّ بلادنا العربية تعاني، بمستويات مختلفة، من
أمور ثلاثة بمقاييس عصرنا الراهن: فهي تعاني أولاً من تخلّفها العام في
المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية. وتعاني ثانياً من
تمزّقها القومي الذي يبلغ أحياناً حدّ التناقض والتصارع بين بعض الدول
العربية نفسها، وداخل بنية الدولة الواحدة كذلك، وتعاني ثالثاً من تبعيتها
العضوية المباشرة أو غير المباشرة للنظام الرأسمالي العالمي، المتمثّل
اليوم أساساً في هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. فأيُّ تحوّلات حالية أو
مستقبلية في بلادنا العربية، في إطار هذه الأوضاع المحلية والعالمية
السائدة، يتم الوعي بها والتصدّي لها، شبابياً، أو شعبياً بوجه عام؟
لا شك أنّ هناك مواجهات واعية وبطولية خارقة يشارك فيها الشباب أساساً،
وخاصة في بعض البلاد العربية الواقعة مباشرة تحت القبضة العسكرية العدوانية
المباشرة، الإسرائيلية والأمريكية، كما هو الشأن في فلسطين والعراق. على
أنّ هناك قيوداً في مختلف البلاد العربية على التحركات السياسية عامة
والشبابية خاصة، إذا كانت في تعارض مع السياسات الرسمية. هذا فضلاً عن
النسبة الكبيرة للبطالة الشبابية، مما يرجّح صحة الإحصائية التي تؤكد أنّ
أكثر من 50% من الشباب العربي المتقدّم كفاءة وسنّاً يتطلّع للهجرة والعمل
في البلاد الغربية. وما أخطر دور الإعلام الرسمي والصحفي والسمعي والمرئي،
فضلاً عن مناهج التعليم ومؤسساته، وتشتّتها بين التعليم الديني والمدني
والأجنبي بتعريفاته المختلفة، مما يجزئ بل يهمّش الوعي ويغلّب روح السطحية
والنفعية وفقدان الاتجاه العقلاني، بل القومي عامة. ولهذا، عندما يعود
حديثنا إلى التحوّلات المحلية أو المستقبلية في بلادنا العربية في إطار هذه
الأوضاع والملابسات المحلية والعالمية، أتساءل: ما طبيعة هذه التحوّلات؟
ولا أتردّد في القول بأنّ ما نشهده بالفعل اليوم عملياً من تحوّلات جدلية
ومستقبلية داخل بلادنا العربية، ليست في الحقيقة تحوّلات تصبو إليها وتسعى
لتحقيقها شعوبنا العربية، بمختلف قواها السياسية وفئاتها الاجتماعية
وطلائعها الثقافية الواعية، بل هي تحوّلات مخطّطة ومفروضة من جانب
الاستقطاب الرأسمالي الأمريكي المهيمن، بتوافق وتواطؤ وتنسيق مع مختلف
المؤسسات والهيئات العربية السائدة بمستوى أو بآخر، فضلاً عن التبرير
والترحيب من جانب طائفة من المثقفين والكتّاب والإعلاميين في مجالات
الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، التي تسيطر عليها هذه المؤسسات السياسية
السائدة.
إنّ الهيمنة الأمريكية، كاستقطاب سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي وتقني
للعولمة الرأسمالية عامة، تضرب عُرض الحائط بكل القيم العقلانية والحقوق
القومية والديمقراطية والمشروعية الدولية، رغم تشدّقها بها، وذلك من أجل
تعميق هيمنتها العالمية وتوسيعها، وتجد في بلادنا العربية من يتبناها مصلحة
أو غفلة، ويسهم في تحقيقها.
ولعلّ المنطقة العربية، هذا الموقع الغني بكنوز تاريخه الحضاري وكنوز أرضه،
وتوسطه بين قارات العالم ومواقعها الحضارية الرئيسية، ليس مجرّد موضع
جغرافي، على حدّ تعبير مفكّرنا جمال حمدان، وإنّما هو موقع استراتيجي يَصلح
منطلقاً إلى ما هو أبعد وأعمق، سواء في منطقة الشرق الأوسط نفسها أو فيما
يتجاوزّها من مناطق ومواقع متحضّرة أخرى توشك أن تهدّد هذه الهيمنة
الأمريكية الصاعدة. ويتمثّل ذلك في بعض دول آسيا، كالصين وكوريا الشمالية
والحركات البازغة، المنتصرة الجديدة، في إسبانيا والهند وبعض دول أمريكا
اللاتينية، وما استجد من تحوّلات وانتصارات ديمقراطية واجتماعية وسياسية
أخرى، تكاد تبشّر بها الأوضاع العالمية الراهنة.
ولهذا سعت وتسعى الولايات الأمريكية المتحدة إلى الهيمنة على هذا الموقع
الاستراتيجي الفريد؛ لاتخاذه منطلقاً لتوسيع هيمنتها في اتجاه الشرق البعيد
وتعميقها.
ولعل اقتراح نابليون بونابرت في غزوته القديمة لبلاد الشام، استكمالاً
لغزوته المصرية، بإقامة دول يهودية في هذه المنطقة، تكون قاعدة ومنطلقاً
للامتداد إلى غزو الشرق، أن تكون نقطة البداية لوعي النظام الرأسمالي
المتطلع للتوسع آنذاك، وإلى الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة. وما قيام
إسرائيل بعد ذلك، أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، إلا بداية التجسيد
لهذه الإستراتيجية، وتحويلها تدريجياً ـ وبخاصة اليوم ـ في إطار الهيمنة
الأمريكية الراهنة، إلى قاعدة ارتكاز وانطلاق وسيطرة على منطقة الشرق
الأوسط عامة، بل وما وراءها كذلك.
وخلاصة الأمر أنّ التحولات الحالية، التي تفرض اليوم على بلادنا العربية،
هي تحولات تتحقق أساساً لمصلحة الهيمنة الأمريكية ومخططاتها التوسعية
الاستغلالية، وقد أتجاسر تارريخياً بالقول بأن نقطة البداية لهذه التحولات
قد بدأت إلى حد كبير بالانقلاب الساداتي على توجهات المرحلة الناصرية
ومشروعاتها، بصرف النظر عن الاختلاف في بعض أساليب إنجازها، وتكاد تتلخص
نقطة البداية الفارقة نظرياً آنذاك في مقولة السادات المشهورة عندما تولى
السلطة: (إنّ 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا). وقد تكون هذه المقولة
صحيحة نسبياً من حيث القياس الكمي، أي القدرة العسكرية والاقتصادية، إلا
أنها من حيث الدلالة الموضوعية كانت تخفي حقيقة هذه اللعبة وطبيعة
ممارساتها وأهدافها؛ ولهذا تصبح دعوة إلى الاستتباع والخضوع. وهذا هو ما
أخذ يتحقق بمستويات مختلفة منذ ذلك الحين، فيتم الاعتراف بإسرائيل، وتتفجر
التناقضات العربية، وتتوالى عمليات تفكيك التوجه السياسي والاقتصادي
والقومي السابق، مع ازدياد الاندماج الهيكلي مع النظام الرأسمالي العالمي
والأميركي، خاصة في هذه المرحلة من الاستقطاب العالمي. وتتحول مقولة (أوراق
اللعبة الأمريكية) إلى مقولة أخرى في المرحلة السياسية التالية هي مقولة
(إن الإستراتيجية الأمريكية هي إستراتيجيتنا). وتتدفق المعونات والأسلحة
والعلاقات التجارية الأمريكية إلى مختلف البلاد العربية، وخاصة لتأكيد
الوحدة الإستراتيجية والمصالح، وتبنى القواعد العسكرية الأمريكية، وتفتح
الأجواء لطائراتها، والمياه لسفنها، ويستشري الكيان الإسرائيلي عسكرياً
وتوسعاً وتدميراً للبيوت والحقول الفلسطينية، وقتلاً لأطفالها ونسائها،
واغتيالا خسيساً لقادتها المناضلين. ولم يكن حادث 11 سبتمبر في تقديري ـ
على الأقل ـ خارج الرؤية الأمريكية أو بعيداً عن خيوطها الحريرية
المخابراتية، التي تفسح الطريق وتهيء الأجواء. ومع 11 سبتمبر تبدأ أمريكا
مشروعها الكبير. وتكون خطواتها العملية الأولى أفغانستان، لتعيد الوهج
للحروب الصليبية الدينية، ولتُضفي مسحة مقدسة على مشروعها التوسعي. وهكذا
يصبح عدوانها على أفغانستان بداية حربها التحريرية المتحضرة ضد (الإرهاب
الإسلامي).
ثم تكون خطوتها التالية بشارة أخرى لتخليص الإنسانية من خطورة أسلحة الدمار
الشامل، التي يمتلكها حليفها العراقي السابق. وهكذا يتم احتلال العراق
والسيطرة على بتروله الغزير النادر. كما تتاح الفرصة لإجراء تجارب جديدة
على ما تملكه هي نفسها من أسلحة دمار شامل جديدة، تشاركها في امتلاكه
حلفتها الحميمة إسرائيل، فضلا عن مشاركتها في محاولة السيطرة على المفاتيح
الاجتماعية الأساسية للمجتمع العراقي. على أن إسرائيل لا تتوقف في الوقت
نفسه عن مواصلة خطتها التاريخية الخاصة بتخريب القواعد الأساسية للمجتمع
الفلسطيني، مما ييسر لها بعد ذلك تفكيك وحدته القومية واستيعابه بشكل كامل
في الإطار الصهيوني.
وفي موازاة مع هذا وفي تواقت معه، لم تتوقف الولايات المتحدة عن الاعداد
لرسم خريطة سياسية ثقافية جديدة شاملة للشرق الأوسط الكبير والشمال العربي
لأفريقيا. وكي لا تتهم الخريطة الجديدة بأنها مفروضة منها، أو من خارج
الإرادات والمصالح العربية الرسمية نفسها، كان لابد أن تكون نقطة البداية
لصياغة هذه الخريطة بداية عربية، فينعقد في مكتبة الاسكندرية بين 12 ـ 14
مارس من عام 2003 مؤتمر عربي يشترك فيه مثقفون عرب من مختلف البلاد
العربية؛ ليصوغوا مشروعاً إصلاحياً عربياً للشرق الأوسط الجديد، منبثقاً من
الضمائر والعقول والمصالح العربية الصميمة. ويُعلن المشروع في نهاية
المؤتمر زاخراً في بدايته وثناياه بالعديد من القيم المعنوية الرفيعة، التي
لا خلاف حولها، مثل قيم الحرية والديمقراطية والعقلانية والعدالة والإبداع
وحقوق المرأة والأقليات العرقية، وأهمية النشاط والعمل المدني، وحرية
الصحافة.. إلى غير ذلك.
ثم يحدد التقرير، بشكل قاطع في مجمله ومقترحاته العملية، هوية النظام
العربي المنشود، الذي يتحقق به الإصلاح الاقتصادي العربي ـ كما يقول ـ
والذي يتمثل أساساً، على حد قوله، في تحرير الاقتصاد العربي من تدخل
الحكومات العربية، وخصخصة مختلف المشروعات الإنتاجية، والسعي إلى الاندماج
الهيكلي في النظام الرأسمالي العالمي. وتحقيقاً لهذا؛ ينبغي لسياسات
التعليم في العالم العربي عامة أن تتجه إلى السوق أساساً، وذلك لتحقيق
المواءمة ـ كما يقول التقرير ـ بين مُخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
هذا فضلاً عن أن تصبح المشروعات الصغيرة ومساندتها من العناصر والسياسات
الأساسية في بنية هذا المشروع الإصلاحي، أو بتعبير آخر، التحرير الاقتصادي.
وهنا يحدد التقرير أن دور الدولة الإنتاجي والخدماتي في عملية الإصلاح لا
يخرج عن أن يكون مجرد (محفزة للنشاط الاقتصادي وتشجيع برامج الخصخصة).
وفي تقديري أن القضية المطروحة في هذا التقرير ليست مجرد دعوة إلى الانتقال
من النظام الشمولي الناصري، الذي يقوم على تسلط الدولة ـ على حد تعبير
الأستاذ الفاضل سيد ياسين في مقال له في جريدة الأهرام، تعليقاً على نتائج
مؤتمر الإصلاح هذا، وإنما هو دعوة واضحة ملحة إلى الاندماج في النظام
الرأسمالي العالمي في هذه المرحلة، التي يتحول فيها هذا النظام نفسه إلى
استقطاب رأسمالي أمريكي مهيمن.
ولهذا فالدعوة الاقتصادية الليبرالية، في ظل هذا النظام الجديد ـ كما ذكرت
في مقال لي تعقيباً على مقال الأستاذ السيد ياسين ـ لن تكون دعوة (دعهُ
يفعل دعه يمر)، كما كان شأن الدعوة الرأسمالية الكلاسيكية في بدايتها،
وإنما لتصبح اليوم دعوة للاقتصاد الرأسمالي الأمريكي المعولم أن يفعل ما
يشاء، وأن يمر كما يشاء، وليس أمامنا إلا الاستقبال المرغم، والاكتفاء
بالمشروعات الصغيرة التي يقترحها مشروع الإصلاح هذا، مواصلة وتعميقاً
لتبعيتنا لدولة الإنتاج الصناعي الكبير، ولهذا لا مجال للتعليم كذلك في
بلادنا، إلا أن يكون تعليماً من أجل السوق، سوق الاستهلاك والإنتاج الصغير
التابع.
ولست بما أقول ـ وكما ذكرت في مجال سابق ـ أتجاهل أو أدعو إلى إدارة الظهر
للواقع الرأسمالي المعولم الراهن، السائد في ملامحه الأمريكية التي تسعى
للهيمنة الكاملة، وإنما القضية هي كيف أتعامل معه تعاملاً موضوعياً
مستقلاً، ولا أقول منعزلاً، بحرص واجب على التنمية الذاتية لاحتياجاتنا
المادية والروحية والمعنوية وخصوصيتنا القومية، في تحالف حر مع قوى سياسية
واقتصادية واجتماعية أخرى في العالم، قد أخذت تشق طريقها للحد بل للتمرد
على هذه الهيمنة الاقتصادية والسياسية الأمريكية.
وكاد مؤتمر الإسكندرية للإصلاح أن يكون بالفعل ـ رغم لهجته التي توحي
بالخصوصية القومية ـ تمهيداً وتوطئة لمشروع الدول الثماني الكبرى لإصلاح
الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا، الذي انعقد في سي أيلاند بولاية جورجيا
الأمريكية في 9 يوينه عام 2004. وبالتالي تعبيراً عن مصالح وسياسات
ومعتقدات مشتركة بين هذه الدول، التي تقف على رأسها الولايات المتحدة
الأمريكية ومنظمات المجتمع المدني العربية، والمثقفين العرب الذين اشتركوا
في مؤتمر الإسكندرية، والذين وافقوا على مقرراته، فضلاً عن جميع بلدان
الشرق الأوسط الكبير التي تمتد من المغرب وموريتانيا شرقاً إلى تركيا
وباكستان وأفغانستان غرباً، دون إغفال إسرائيل واسطة العقد في الاستراتيجية
الأمريكية.
ويقدم بيان الدول الثماني خططاً ومشروعات ومقترحات وتعديلات في مختلف
المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، ويرصد ميزانيات
ضخمة للتشجيع العملي على تنفيذها، ويضع جدولاً لاجتماعات دورية لوزراء دول
المنطقة العربية وشمال أفريقية مع وزراء الدول الثماني، هذا فضلاً عن
اجتماعات مع ممثلي رجال الأعمال وممثلي منظمات المجتمع المدني حول قضايا
محددة، على رأسها الإصلاح الديمقراطي السياسي الذي لا صلة له بالحقوق
الاجتماعية أو الاقتصادية، اللهم إلا الإلحاح في الدعوة إلى الالتزام
بالليبرالية الاقتصادية وآليات السوق، والانفتاح على الشركات متعددة
الجنسية، بمقتضى توصيات صندوق النقد الدولي والببنك الدولي، ثم الدعوة إلى
التصدي للإرهاب، دون أدنى إشارة إلى العوامل والدوافع إلى هذا الذي يكتفون
بتوصيفه (بالإرهاب) ولا يشير المؤتمر أدنى إشارة إلى القضايا الملحة التي
يتطلع العالم العربي إلى تحقيقها من سوق مشتركة وتكامل اقتصادي، تمهيداً
لوحدة سياسية، فهذا الهدف التاريخي العربي هو ما يسعون إلى مقاومته، فضلاً
عن ذلك لا كلمة واحدة بالطبع عن الوجود العسكري الأمريكي المكثف في
المنطقة، والأسلحة النووية التي تنفرد بامتلاكها وإنتاجها إسرائيل، ولا
إشارة إلى حقوق الشعب الفلسطيني المهددة في أرضه المنهوبة، ووحدته الممزقة،
وجرائم الإبادة المتصلة، قتلاً للنساء والأطفال، وهدماً للبيوت وتجريفاً
للأراضي الزراعية، واغتيالاً لأبطال الجهاد الفلسطيني: أبو علي مصطفى،
والشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، واستمرار اعتقال الآلاف من أبناء
الوطن الفلسطيني، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، الذين يعانون السجن
والتعذيب، ولا إشارة من هذا المجتمع الثماني إلى العدوان المتصل على الشعب
العراقي، هذا العدوان الفاقد لكل شرعية دولية. هذا فضلاً عن التربص المتصل
بسوريا، وإيران، تمهيداً لتوسيع مشروع الهيمنة الأمريكية على المنطقة
العربية وشمال أفريقيا، استعداداً لخطوة عدوانية أبعد نحو الهيمنة النفطية
على هذه البقعة الممتدة، وخاصة أنه بحلول عام 2020 ستنضب المصادر النفطية
في أمريكا نفسها.
خلاصة الأمر أن مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقية هو جوهر التحولات
المستقبلية في بلادنا العربية، وهو تعبير عن الاستراتيجية الأمريكية لوقف
إمكانية إقامة أي شكل من أشكال التوحد أو التنمية المشتركة بين البلاد
العربية، وتحقيق وحدتها، فضلاً عن تسييد إسرائيل، تجسيداً فاعلاً للهيمنة
الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط أساساً، واتخاذ هذه المنطقة قاعدة وثوب
سياسية واقتصادية وعسكرية لاستكمال الهيمنة الأمريكية على العالم.
د. محمود أمين العالم(*)
الشباب هم القوّة الطالعة والمؤهّلة ـ موضوعياً ـ لإنجاز التحوّلات
المنشودة ومواصلتها، والتي تتطلع إليها بلادنا حالياً ومستقبلاً في اتجاه
الديمقراطية الحقيقية، والوحدة القومية، والتجدّد المتصل، والمشاركة
الإيجابية في تنمية الحضارة الإنسانية، علماً وثقافة وإنتاجاً، وسلاماً
وحريّة، ورؤى روحية وعقلائية إيجابية ملهمة. ولهذا ما أكثر المحاولات
المعاكسة والمضادة لهذا التوجّه الشبابي البنّاء، التي تسعى إلى تجنيد
الطاقات الشبابية لخدمة المصالح الذاتية الضيّقة، أو الطبقية المتعالية، أو
الشوفينية المعرقلة لإرادات التفتّح وقيم التجدّد والتحرّر والتقدّم
الإنساني، ذلك أنّ الشباب هم دائماً ساحة معركة سياسية وثقافية واجتماعية
حاسمة من معارك التجميد أو التجديد، التوعية أو التعمية، التي تخوضها مختلف
القوى السياسية والاجتماعية، مستعينة بمختلف الوسائل التعليمية والإعلامية
والتثقيفية عامة، تحقيقاً لمصالحها وأهدافها الخاصة.
وهذا في الحقيقة بعض ما يعنيه الصراع الأيديولوجي أو الثقافي، الذي يخفي في
طيّاته مختلف الأهداف والمصالح داخل كل مجتمع وعلى المستوى العالمي العام.
إنّه صراع المصالح وإنّ تجسّد في قيم ومفاهيم ثقافية مختلفة ومتناقضة،
وليس صراع حضارات كما يتم الترويج له أحياناً إخفاءً لحقيقته.
وتأسيساً على هذا، يصبح الموضوع المقترح للحديث والحوار في لقائنا هذا هو:
أين موقع أو موقف شبابنا العربي عامة ـ هذه القوى الطالعة الواعدة ـ من
مختلف القضايا الحالية؟
لعلّنا نتفق جميعاً على أنّ بلادنا العربية تعاني، بمستويات مختلفة، من
أمور ثلاثة بمقاييس عصرنا الراهن: فهي تعاني أولاً من تخلّفها العام في
المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية. وتعاني ثانياً من
تمزّقها القومي الذي يبلغ أحياناً حدّ التناقض والتصارع بين بعض الدول
العربية نفسها، وداخل بنية الدولة الواحدة كذلك، وتعاني ثالثاً من تبعيتها
العضوية المباشرة أو غير المباشرة للنظام الرأسمالي العالمي، المتمثّل
اليوم أساساً في هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. فأيُّ تحوّلات حالية أو
مستقبلية في بلادنا العربية، في إطار هذه الأوضاع المحلية والعالمية
السائدة، يتم الوعي بها والتصدّي لها، شبابياً، أو شعبياً بوجه عام؟
لا شك أنّ هناك مواجهات واعية وبطولية خارقة يشارك فيها الشباب أساساً،
وخاصة في بعض البلاد العربية الواقعة مباشرة تحت القبضة العسكرية العدوانية
المباشرة، الإسرائيلية والأمريكية، كما هو الشأن في فلسطين والعراق. على
أنّ هناك قيوداً في مختلف البلاد العربية على التحركات السياسية عامة
والشبابية خاصة، إذا كانت في تعارض مع السياسات الرسمية. هذا فضلاً عن
النسبة الكبيرة للبطالة الشبابية، مما يرجّح صحة الإحصائية التي تؤكد أنّ
أكثر من 50% من الشباب العربي المتقدّم كفاءة وسنّاً يتطلّع للهجرة والعمل
في البلاد الغربية. وما أخطر دور الإعلام الرسمي والصحفي والسمعي والمرئي،
فضلاً عن مناهج التعليم ومؤسساته، وتشتّتها بين التعليم الديني والمدني
والأجنبي بتعريفاته المختلفة، مما يجزئ بل يهمّش الوعي ويغلّب روح السطحية
والنفعية وفقدان الاتجاه العقلاني، بل القومي عامة. ولهذا، عندما يعود
حديثنا إلى التحوّلات المحلية أو المستقبلية في بلادنا العربية في إطار هذه
الأوضاع والملابسات المحلية والعالمية، أتساءل: ما طبيعة هذه التحوّلات؟
ولا أتردّد في القول بأنّ ما نشهده بالفعل اليوم عملياً من تحوّلات جدلية
ومستقبلية داخل بلادنا العربية، ليست في الحقيقة تحوّلات تصبو إليها وتسعى
لتحقيقها شعوبنا العربية، بمختلف قواها السياسية وفئاتها الاجتماعية
وطلائعها الثقافية الواعية، بل هي تحوّلات مخطّطة ومفروضة من جانب
الاستقطاب الرأسمالي الأمريكي المهيمن، بتوافق وتواطؤ وتنسيق مع مختلف
المؤسسات والهيئات العربية السائدة بمستوى أو بآخر، فضلاً عن التبرير
والترحيب من جانب طائفة من المثقفين والكتّاب والإعلاميين في مجالات
الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، التي تسيطر عليها هذه المؤسسات السياسية
السائدة.
إنّ الهيمنة الأمريكية، كاستقطاب سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي وتقني
للعولمة الرأسمالية عامة، تضرب عُرض الحائط بكل القيم العقلانية والحقوق
القومية والديمقراطية والمشروعية الدولية، رغم تشدّقها بها، وذلك من أجل
تعميق هيمنتها العالمية وتوسيعها، وتجد في بلادنا العربية من يتبناها مصلحة
أو غفلة، ويسهم في تحقيقها.
ولعلّ المنطقة العربية، هذا الموقع الغني بكنوز تاريخه الحضاري وكنوز أرضه،
وتوسطه بين قارات العالم ومواقعها الحضارية الرئيسية، ليس مجرّد موضع
جغرافي، على حدّ تعبير مفكّرنا جمال حمدان، وإنّما هو موقع استراتيجي يَصلح
منطلقاً إلى ما هو أبعد وأعمق، سواء في منطقة الشرق الأوسط نفسها أو فيما
يتجاوزّها من مناطق ومواقع متحضّرة أخرى توشك أن تهدّد هذه الهيمنة
الأمريكية الصاعدة. ويتمثّل ذلك في بعض دول آسيا، كالصين وكوريا الشمالية
والحركات البازغة، المنتصرة الجديدة، في إسبانيا والهند وبعض دول أمريكا
اللاتينية، وما استجد من تحوّلات وانتصارات ديمقراطية واجتماعية وسياسية
أخرى، تكاد تبشّر بها الأوضاع العالمية الراهنة.
ولهذا سعت وتسعى الولايات الأمريكية المتحدة إلى الهيمنة على هذا الموقع
الاستراتيجي الفريد؛ لاتخاذه منطلقاً لتوسيع هيمنتها في اتجاه الشرق البعيد
وتعميقها.
ولعل اقتراح نابليون بونابرت في غزوته القديمة لبلاد الشام، استكمالاً
لغزوته المصرية، بإقامة دول يهودية في هذه المنطقة، تكون قاعدة ومنطلقاً
للامتداد إلى غزو الشرق، أن تكون نقطة البداية لوعي النظام الرأسمالي
المتطلع للتوسع آنذاك، وإلى الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة. وما قيام
إسرائيل بعد ذلك، أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، إلا بداية التجسيد
لهذه الإستراتيجية، وتحويلها تدريجياً ـ وبخاصة اليوم ـ في إطار الهيمنة
الأمريكية الراهنة، إلى قاعدة ارتكاز وانطلاق وسيطرة على منطقة الشرق
الأوسط عامة، بل وما وراءها كذلك.
وخلاصة الأمر أنّ التحولات الحالية، التي تفرض اليوم على بلادنا العربية،
هي تحولات تتحقق أساساً لمصلحة الهيمنة الأمريكية ومخططاتها التوسعية
الاستغلالية، وقد أتجاسر تارريخياً بالقول بأن نقطة البداية لهذه التحولات
قد بدأت إلى حد كبير بالانقلاب الساداتي على توجهات المرحلة الناصرية
ومشروعاتها، بصرف النظر عن الاختلاف في بعض أساليب إنجازها، وتكاد تتلخص
نقطة البداية الفارقة نظرياً آنذاك في مقولة السادات المشهورة عندما تولى
السلطة: (إنّ 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا). وقد تكون هذه المقولة
صحيحة نسبياً من حيث القياس الكمي، أي القدرة العسكرية والاقتصادية، إلا
أنها من حيث الدلالة الموضوعية كانت تخفي حقيقة هذه اللعبة وطبيعة
ممارساتها وأهدافها؛ ولهذا تصبح دعوة إلى الاستتباع والخضوع. وهذا هو ما
أخذ يتحقق بمستويات مختلفة منذ ذلك الحين، فيتم الاعتراف بإسرائيل، وتتفجر
التناقضات العربية، وتتوالى عمليات تفكيك التوجه السياسي والاقتصادي
والقومي السابق، مع ازدياد الاندماج الهيكلي مع النظام الرأسمالي العالمي
والأميركي، خاصة في هذه المرحلة من الاستقطاب العالمي. وتتحول مقولة (أوراق
اللعبة الأمريكية) إلى مقولة أخرى في المرحلة السياسية التالية هي مقولة
(إن الإستراتيجية الأمريكية هي إستراتيجيتنا). وتتدفق المعونات والأسلحة
والعلاقات التجارية الأمريكية إلى مختلف البلاد العربية، وخاصة لتأكيد
الوحدة الإستراتيجية والمصالح، وتبنى القواعد العسكرية الأمريكية، وتفتح
الأجواء لطائراتها، والمياه لسفنها، ويستشري الكيان الإسرائيلي عسكرياً
وتوسعاً وتدميراً للبيوت والحقول الفلسطينية، وقتلاً لأطفالها ونسائها،
واغتيالا خسيساً لقادتها المناضلين. ولم يكن حادث 11 سبتمبر في تقديري ـ
على الأقل ـ خارج الرؤية الأمريكية أو بعيداً عن خيوطها الحريرية
المخابراتية، التي تفسح الطريق وتهيء الأجواء. ومع 11 سبتمبر تبدأ أمريكا
مشروعها الكبير. وتكون خطواتها العملية الأولى أفغانستان، لتعيد الوهج
للحروب الصليبية الدينية، ولتُضفي مسحة مقدسة على مشروعها التوسعي. وهكذا
يصبح عدوانها على أفغانستان بداية حربها التحريرية المتحضرة ضد (الإرهاب
الإسلامي).
ثم تكون خطوتها التالية بشارة أخرى لتخليص الإنسانية من خطورة أسلحة الدمار
الشامل، التي يمتلكها حليفها العراقي السابق. وهكذا يتم احتلال العراق
والسيطرة على بتروله الغزير النادر. كما تتاح الفرصة لإجراء تجارب جديدة
على ما تملكه هي نفسها من أسلحة دمار شامل جديدة، تشاركها في امتلاكه
حلفتها الحميمة إسرائيل، فضلا عن مشاركتها في محاولة السيطرة على المفاتيح
الاجتماعية الأساسية للمجتمع العراقي. على أن إسرائيل لا تتوقف في الوقت
نفسه عن مواصلة خطتها التاريخية الخاصة بتخريب القواعد الأساسية للمجتمع
الفلسطيني، مما ييسر لها بعد ذلك تفكيك وحدته القومية واستيعابه بشكل كامل
في الإطار الصهيوني.
وفي موازاة مع هذا وفي تواقت معه، لم تتوقف الولايات المتحدة عن الاعداد
لرسم خريطة سياسية ثقافية جديدة شاملة للشرق الأوسط الكبير والشمال العربي
لأفريقيا. وكي لا تتهم الخريطة الجديدة بأنها مفروضة منها، أو من خارج
الإرادات والمصالح العربية الرسمية نفسها، كان لابد أن تكون نقطة البداية
لصياغة هذه الخريطة بداية عربية، فينعقد في مكتبة الاسكندرية بين 12 ـ 14
مارس من عام 2003 مؤتمر عربي يشترك فيه مثقفون عرب من مختلف البلاد
العربية؛ ليصوغوا مشروعاً إصلاحياً عربياً للشرق الأوسط الجديد، منبثقاً من
الضمائر والعقول والمصالح العربية الصميمة. ويُعلن المشروع في نهاية
المؤتمر زاخراً في بدايته وثناياه بالعديد من القيم المعنوية الرفيعة، التي
لا خلاف حولها، مثل قيم الحرية والديمقراطية والعقلانية والعدالة والإبداع
وحقوق المرأة والأقليات العرقية، وأهمية النشاط والعمل المدني، وحرية
الصحافة.. إلى غير ذلك.
ثم يحدد التقرير، بشكل قاطع في مجمله ومقترحاته العملية، هوية النظام
العربي المنشود، الذي يتحقق به الإصلاح الاقتصادي العربي ـ كما يقول ـ
والذي يتمثل أساساً، على حد قوله، في تحرير الاقتصاد العربي من تدخل
الحكومات العربية، وخصخصة مختلف المشروعات الإنتاجية، والسعي إلى الاندماج
الهيكلي في النظام الرأسمالي العالمي. وتحقيقاً لهذا؛ ينبغي لسياسات
التعليم في العالم العربي عامة أن تتجه إلى السوق أساساً، وذلك لتحقيق
المواءمة ـ كما يقول التقرير ـ بين مُخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
هذا فضلاً عن أن تصبح المشروعات الصغيرة ومساندتها من العناصر والسياسات
الأساسية في بنية هذا المشروع الإصلاحي، أو بتعبير آخر، التحرير الاقتصادي.
وهنا يحدد التقرير أن دور الدولة الإنتاجي والخدماتي في عملية الإصلاح لا
يخرج عن أن يكون مجرد (محفزة للنشاط الاقتصادي وتشجيع برامج الخصخصة).
وفي تقديري أن القضية المطروحة في هذا التقرير ليست مجرد دعوة إلى الانتقال
من النظام الشمولي الناصري، الذي يقوم على تسلط الدولة ـ على حد تعبير
الأستاذ الفاضل سيد ياسين في مقال له في جريدة الأهرام، تعليقاً على نتائج
مؤتمر الإصلاح هذا، وإنما هو دعوة واضحة ملحة إلى الاندماج في النظام
الرأسمالي العالمي في هذه المرحلة، التي يتحول فيها هذا النظام نفسه إلى
استقطاب رأسمالي أمريكي مهيمن.
ولهذا فالدعوة الاقتصادية الليبرالية، في ظل هذا النظام الجديد ـ كما ذكرت
في مقال لي تعقيباً على مقال الأستاذ السيد ياسين ـ لن تكون دعوة (دعهُ
يفعل دعه يمر)، كما كان شأن الدعوة الرأسمالية الكلاسيكية في بدايتها،
وإنما لتصبح اليوم دعوة للاقتصاد الرأسمالي الأمريكي المعولم أن يفعل ما
يشاء، وأن يمر كما يشاء، وليس أمامنا إلا الاستقبال المرغم، والاكتفاء
بالمشروعات الصغيرة التي يقترحها مشروع الإصلاح هذا، مواصلة وتعميقاً
لتبعيتنا لدولة الإنتاج الصناعي الكبير، ولهذا لا مجال للتعليم كذلك في
بلادنا، إلا أن يكون تعليماً من أجل السوق، سوق الاستهلاك والإنتاج الصغير
التابع.
ولست بما أقول ـ وكما ذكرت في مجال سابق ـ أتجاهل أو أدعو إلى إدارة الظهر
للواقع الرأسمالي المعولم الراهن، السائد في ملامحه الأمريكية التي تسعى
للهيمنة الكاملة، وإنما القضية هي كيف أتعامل معه تعاملاً موضوعياً
مستقلاً، ولا أقول منعزلاً، بحرص واجب على التنمية الذاتية لاحتياجاتنا
المادية والروحية والمعنوية وخصوصيتنا القومية، في تحالف حر مع قوى سياسية
واقتصادية واجتماعية أخرى في العالم، قد أخذت تشق طريقها للحد بل للتمرد
على هذه الهيمنة الاقتصادية والسياسية الأمريكية.
وكاد مؤتمر الإسكندرية للإصلاح أن يكون بالفعل ـ رغم لهجته التي توحي
بالخصوصية القومية ـ تمهيداً وتوطئة لمشروع الدول الثماني الكبرى لإصلاح
الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا، الذي انعقد في سي أيلاند بولاية جورجيا
الأمريكية في 9 يوينه عام 2004. وبالتالي تعبيراً عن مصالح وسياسات
ومعتقدات مشتركة بين هذه الدول، التي تقف على رأسها الولايات المتحدة
الأمريكية ومنظمات المجتمع المدني العربية، والمثقفين العرب الذين اشتركوا
في مؤتمر الإسكندرية، والذين وافقوا على مقرراته، فضلاً عن جميع بلدان
الشرق الأوسط الكبير التي تمتد من المغرب وموريتانيا شرقاً إلى تركيا
وباكستان وأفغانستان غرباً، دون إغفال إسرائيل واسطة العقد في الاستراتيجية
الأمريكية.
ويقدم بيان الدول الثماني خططاً ومشروعات ومقترحات وتعديلات في مختلف
المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، ويرصد ميزانيات
ضخمة للتشجيع العملي على تنفيذها، ويضع جدولاً لاجتماعات دورية لوزراء دول
المنطقة العربية وشمال أفريقية مع وزراء الدول الثماني، هذا فضلاً عن
اجتماعات مع ممثلي رجال الأعمال وممثلي منظمات المجتمع المدني حول قضايا
محددة، على رأسها الإصلاح الديمقراطي السياسي الذي لا صلة له بالحقوق
الاجتماعية أو الاقتصادية، اللهم إلا الإلحاح في الدعوة إلى الالتزام
بالليبرالية الاقتصادية وآليات السوق، والانفتاح على الشركات متعددة
الجنسية، بمقتضى توصيات صندوق النقد الدولي والببنك الدولي، ثم الدعوة إلى
التصدي للإرهاب، دون أدنى إشارة إلى العوامل والدوافع إلى هذا الذي يكتفون
بتوصيفه (بالإرهاب) ولا يشير المؤتمر أدنى إشارة إلى القضايا الملحة التي
يتطلع العالم العربي إلى تحقيقها من سوق مشتركة وتكامل اقتصادي، تمهيداً
لوحدة سياسية، فهذا الهدف التاريخي العربي هو ما يسعون إلى مقاومته، فضلاً
عن ذلك لا كلمة واحدة بالطبع عن الوجود العسكري الأمريكي المكثف في
المنطقة، والأسلحة النووية التي تنفرد بامتلاكها وإنتاجها إسرائيل، ولا
إشارة إلى حقوق الشعب الفلسطيني المهددة في أرضه المنهوبة، ووحدته الممزقة،
وجرائم الإبادة المتصلة، قتلاً للنساء والأطفال، وهدماً للبيوت وتجريفاً
للأراضي الزراعية، واغتيالاً لأبطال الجهاد الفلسطيني: أبو علي مصطفى،
والشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، واستمرار اعتقال الآلاف من أبناء
الوطن الفلسطيني، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، الذين يعانون السجن
والتعذيب، ولا إشارة من هذا المجتمع الثماني إلى العدوان المتصل على الشعب
العراقي، هذا العدوان الفاقد لكل شرعية دولية. هذا فضلاً عن التربص المتصل
بسوريا، وإيران، تمهيداً لتوسيع مشروع الهيمنة الأمريكية على المنطقة
العربية وشمال أفريقيا، استعداداً لخطوة عدوانية أبعد نحو الهيمنة النفطية
على هذه البقعة الممتدة، وخاصة أنه بحلول عام 2020 ستنضب المصادر النفطية
في أمريكا نفسها.
خلاصة الأمر أن مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقية هو جوهر التحولات
المستقبلية في بلادنا العربية، وهو تعبير عن الاستراتيجية الأمريكية لوقف
إمكانية إقامة أي شكل من أشكال التوحد أو التنمية المشتركة بين البلاد
العربية، وتحقيق وحدتها، فضلاً عن تسييد إسرائيل، تجسيداً فاعلاً للهيمنة
الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط أساساً، واتخاذ هذه المنطقة قاعدة وثوب
سياسية واقتصادية وعسكرية لاستكمال الهيمنة الأمريكية على العالم.
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
السبت 15 أكتوبر 2011 - 21:43
بســم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
السبت 15 أكتوبر 2011 - 22:59
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47045
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأحد 16 أكتوبر 2011 - 23:35
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الخميس 20 أكتوبر 2011 - 0:25
- PRINCESSAمشرفة منتدى حلويات
- الجنس :
عدد المساهمات : 29187
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأربعاء 9 نوفمبر 2011 - 13:14
- FIFIعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 16502
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأحد 13 نوفمبر 2011 - 12:49
___######### #######__ _______** ##*______
__########## ########_ ____*#### ######___
__########## ########_ __*###### #######__
___######### ########* _######## #######*_
____######## ######### ######### #######*_
______###### ######### ######### ########__
_______##### ## **** شكـرا على هذا الموضوع****######=__
________=### ####""***** وبارك الله فيك *****####____
__________## ######### ######### ####_____
___________* ######### ######### ##=______
____________ *######## ######### #________
____________ _*####### ########_ _________
____________ ___###### #######__ _________
____________ ____##### #####____ _________
____________ ____=#### ###*_____ _________
____________ _____#### ##_______ _________
____________ ______### #________ _________
____________ ______### _________ _________
__########## ########_ ____*#### ######___
__########## ########_ __*###### #######__
___######### ########* _######## #######*_
____######## ######### ######### #######*_
______###### ######### ######### ########__
_______##### ## **** شكـرا على هذا الموضوع****######=__
________=### ####""***** وبارك الله فيك *****####____
__________## ######### ######### ####_____
___________* ######### ######### ##=______
____________ *######## ######### #________
____________ _*####### ########_ _________
____________ ___###### #######__ _________
____________ ____##### #####____ _________
____________ ____=#### ###*_____ _________
____________ _____#### ##_______ _________
____________ ______### #________ _________
____________ ______### _________ _________
- الشاوشعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1545
تاريخ التسجيل : 03/02/2011
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 10:35
موضــوع روعــه من عضـ(ة)ـو اروع ؛؛
ماشــاء الله اخـ(ت)ـي الحبيــ(ة)ـب ؛؛
إلى التقـدم والتمـيز دوما ؛؛
يعطيك الله ألـ(1000)ـف عافية يا غالــي(ة)؛؛
ننتظر جديدك وتميزك معنا ؛؛
نرجو ان لا تتوقف عند هدا الحد من العطاء ؛؛
تحياتى لك ؛؛
اخــــــــــــوك في الله ؛؛
ماشــاء الله اخـ(ت)ـي الحبيــ(ة)ـب ؛؛
إلى التقـدم والتمـيز دوما ؛؛
يعطيك الله ألـ(1000)ـف عافية يا غالــي(ة)؛؛
ننتظر جديدك وتميزك معنا ؛؛
نرجو ان لا تتوقف عند هدا الحد من العطاء ؛؛
تحياتى لك ؛؛
اخــــــــــــوك في الله ؛؛
- مصطفىمشرف منتدى العجائب والغرائب
- الجنس :
عدد المساهمات : 26564
تاريخ التسجيل : 04/04/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأحد 20 نوفمبر 2011 - 0:56
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 23:53
- MATMOUR-Dzعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4471
تاريخ التسجيل : 11/08/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الثلاثاء 20 ديسمبر 2011 - 22:23
مجهود ممتاز وموضوع زاهي
ربي يجازيك كل الخير
ربي يجازيك كل الخير
- ZIDANEمراقب قسم المنتديات العامة
- الجنس :
عدد المساهمات : 30007
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
الموقع : https://arab-yes.ahlamontada.com/
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأحد 15 يناير 2012 - 20:30
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
- mahmoudi_maعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3192
تاريخ التسجيل : 29/08/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الإثنين 23 يناير 2012 - 23:18
مشكور على الموضوع القيم ويعطيك الف عافية
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الثلاثاء 14 فبراير 2012 - 3:07
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأربعاء 14 مارس 2012 - 3:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا ما تقدم من ذنب وما تأخر
اللـهم آميـن
- FLATنائب المراقب العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 29873
تاريخ التسجيل : 09/12/2009
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الجمعة 16 مارس 2012 - 23:06
- MATADORعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4892
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الأحد 18 مارس 2012 - 18:12
شكرا لك على الموضوع الرائع
أطال الله في عمرك
أطال الله في عمرك
- TOTOعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19472
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: شبابنا.. والتحولات الحالية والمستقبلية
الإثنين 19 مارس 2012 - 12:34
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى