صفحات من تاريخ الحضارة العربية
+10
مــــاجد2
حسن
طارق بن زياد
FOR4ever
Saad Eddine
chiguivara_dz
Bastos
Admin
مصطفى شحاذة
ام بدر
14 مشترك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 27 سبتمبر 2011 - 1:22
صفحات من تاريخ الحضارة العربية
محيي الدين صالح
صفحات من تاريخ الحضارة العربية
كيف تهيأت الجزيرة العربية لميلاد الحضارة الإسلامية؟.. قبل
أن تعرف أوروبا للحضارة معنى بمئات السنين، كانت الجزيرة العربية ترفل
بالعز والمنعة، وهي في أحضان واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية الموثقة،
وهي (حضارة سبأ) العربية، وتحديدا (مملكة بلقيس) سنة 990 ق.م.، في أرض
العرب العاربة جنوبي جزيرة العرب، ولا شك أن هذه الحضارة لم تكن وليدة
لحظة، كما لم تكن حكمة الملكة بلقيس من قبيل الوحي الإلهي، ولكنها كانت
ثقافة تراكمية لا بد أنها استغرقت مئات السنين بالنسبة للحضارة، وعشرات
السنين بالنسبة لنظام الحكم الذي اتبعته الملكة، أي أن هذه الحضارة مرت
بمراحل عديدة من الارتقاء والتطور حتى ورثتها دولة بلقيس، كما هو الحال
لكثير من الحضارات.
وكانت المنطقة التي تسمى جغرافيا الآن (بالشرق الأوسط) تمور بكثير من الحضارات
المختلفة في قديم الزمان، فكانت في وادي النيل كل من حضارة النوبة والحضارة
المصرية القديمة، كما كانت حضارة بابل وآشور في الركن الشمالي من جزيرة
العرب، ويجاورهما حضارة فارس، ولكن هناك فوارق بين تلك الحضارات، سواء في
قوتها أثناء وجودها، أو فيما خلفته للتاريخ بعد ذلك، أو فيما أورثته لمن
بعدها من خلال التواصل بين الأجيال المتعاقبة، بصرف النظر عن الآثار والمعابد.
والفارق بين الحضارة العربية القديمة وما عاصرتها من حضارات،
أن حضارة سبأ بقيت بآثارها شاهدة على مر السنين - مثلها في ذلك مثل بعض
الحضارات الأخرى - كما بقي موروثها الفكري الذي خلده القرآن الكريم بعد ذلك عندما تناول جانبا من
جوانب حوار أحد رموزها (بلقيس) مع نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام،
والمشهد كما رواه القرآن الكريم لا يخلو من تزكية - ولو كانت غير مباشرة - لرأس
الحضارة العربية آنذاك في مرحلة من مراحل تاريخها وهي الملكة العربية
بلقيس التي استخدمت الدبلوماسية والشورى والذكاء، مع استعراض القوة
الاقتصادية والعسكرية والسياسية، كل ذلك في آن واحد، ولذلك فإنه عندما
انهارت المعطيات المادية لحضارة سبأ بعد ذلك بسقوط دولتها، ظلت المعطيات
الثقافية شامخة متواصلة عبر الأجيال، وهناك سورة في القرآن الكريم تحمل اسم
هذه الحضارة وهي (سورة سبأ) التي أشارت إلى أسباب انهيارها عندما صدق
إبليس عليهم ظنه، كما نصت الآيات لنكتسب العظة والعبرة.
• وأول مظهر حضاري هو تولي امرأة أعلى سلطة في البلاد - مع تحفظاتنا
في التوجه الإسلامي على ذلك حيث إن الشريعة الإسلامية قد نسخت هذا الأمر
فيما بعد بجعل القوامة للرجل -
وهذا دليل على أن المرأة العربية قد نالت حقوقها كاملة غير منقوصة ( بل زائدة في
وقت كانت فيه المرأة الأوربية ترزح تحت وطأة حزام العفة، وهذه الحقوق لا
تتمثل فقط في أن امرأة عربية صارت ملكة على قومها، بل أوتيت من كل شيء بدون
تقييد لمعنى كلمة (كل) حيث قال الهدهد كما جاء في سورة النمل
{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} الآية رقم 23.
• المظهر الحضاري الثاني:
أنها عندما ألقى إليها الهدهد كتاب سيدنا سليمان لم تُخفِ الكتاب الذي وصل
إليها من خلال وسيلة غير معهودة عند الناس، بل جمعت الملأ من قومها
للتشاور، وكلمة ( الملأ ) توحي بالجماعية والعمومية أو الطرح العام، وقد
كانت صادقة مع نفسها وهي تصف هذا الكتاب بأنه (كتاب كريم)، ومع قومها وهي
تقرأ عليهم محتوى الكتاب
{إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}
الآيتان 30، 31 من سورة النمل .
• المظهر الحضاري الثالث:
أنها طلبت المشورة والنصيحة والفتوى من أبناء شعبها، ولولا وجود ثقة
متبادلة بينها وبين رعيتها لما استطاعت أن تخطو هذه الخطوة، خاصة أنهم لم
يكونوا من أتباع ديانة سماوية تقنن أو تهذب أسلوب التعامل بين الحاكم
والمحكوم، حيث كانوا يسجدون للشمس من دون الله، والملكة تعلن مسبقا وقبل أن
تعرف آراء القوم أنها ستلتزم بما يرونه من رأي، وأنها لن تفرض عليهم شيئا،
ولم تزعم أنها ملهمة، بل قالت بكل صراحة: {مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}
الآية 32 النمل، وهذا دليل على أن ماضيها في الحكم وفي إدارة شؤون دولتها
سار على المنهاج نفسه، ولا بد أنها توارثت هذا الأسلوب الراقي من أجدادها
وأورثته أيضا لمن بعدها من ولاة الأمر، ولو إلى حين.
• المظهر الحضاري الرابع:
يتضح من رد الملأ عليها بكل اعتزاز وثقة في النفس، وبدون تهيب من الموقف، وأيضا
بدون تأثر برأيها المبدئي الذي وصفت فيه الكتاب (بالكريم)، فقالوا لها:
{ نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ }، ورغم هذه المنعة التي يتمتعون بها
لما يحاولوا فرض رأي محدد بالقطع، ولكن هناك استعداد تام لكل الاحتمالات
{وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} من الآية 33 النمل، وهذا هو النموذج الأمثل للتشاور والتناصح.
• المظهر الحضاري الخامس:
هو ثقافة الملكة ومعرفتها بالتاريخ المعاصر والسابق لها، وذكاؤها المتمثل
في حسن التصرف، والتأني الشديد ومحاولة التأكد من مجريات الأمور وقراءة
الأحداث قراءة صحيحة، بالإضافة إلى استعدادها الفطري للبذل والعطاء، والآية
تتضمن ما يدل على أنها معطاءة {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} الآية
35 النمل، وانتظارها لما سيرجع به رسلها قبل إصدار الرأي النهائي، دليل
أنها اتخذت بطانة صالحة لها وزنها وصدقها وقدرتها على صنع القرار أو
المشاركة الفعلية في بلورته.
• المظهر الحضاري السادس: عندما استطاع سيدنا سليمان نقل عرش بلقيس
إلى مجلسه قبل حضورها، ونكره لها وقيل لها عندما جاءت {أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}
من الآية 42، وهذا دليل على رجاحة عقلها وتحوطها التام من ملابسات الموقف،
فاستخدامها لكلمة (كأن) للتحفظ والاحتياط معناه أنها تعرف أقدار الرجال،
حتى لو لم يتضح لها بعض الجوانب.
• المظهر الحضاري السابع
(والأخير بالنسبة لهذا البحث) أن الملكة العربية لما وجدت نفسها أمام
تشريع إلهي ومع نبي من قبل الله سبحانه وتعالى، لم تكابر وتركب رأسها حفاظا
على عرشها، كما أنها لم تسوف وتماطل وتحسب حسابات الدنيا الفانية -
كما فعل فرعون مثلا - إنما قدمت النموذج الأمثل لحوار الحضارات، وأسلوب
التعامل مع الرسالات السماوية والمرسلين، وبتواضع العظماء:
{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} فيما سبق من عبادة الشمس
من دون الله {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } من الآية 44.
كل هذه الأحداث وتوابعها، كانت في جزيرة العرب قبل قرابة ألف سنة من الميلاد،
فأين كانت أوروبا في ذلك التاريخ؟!، وأين بصائر السائرين في فلكها
والمتشدقين المنبهرين لحد الاستلاب بها وبحضارتها؟!!.
ولا شك أن الحضارة الإسلامية ورثت الحضارة العربية وقومتها بتنقيتها من
الشوائب التي علقت بها مع مرور السنين، وطورتها ببث ما كان ينقصها من عقائد
وأخلاقيات في ثناياها، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت
لأتمم مكارم الأخلاق)، ثم أخرجتها إلى العالم كمثال يحتذى به.
أما ما يقال عن التخلف العربي الذي تقاعس عن أصوله وجذوره وحضارته، فذلك أمر
آخر يدين البشرية كلها؛ لأن الصراعات التي حاكها الغرب والتي لم تسلم منها
الأمة العربية قد أتت على الأخضر واليابس (أو كادت أن تأتي) لولا العناية
الإلهية التي حفظت لنا الجوانب المشرقة من الحضارة العربية الإسلامية
وتاريخ الأجداد الأقدمين من العرب العاربة والمستعربة.
وهذا يؤكد أن العرب كانت لهم حضارة عظيمة من قبل الرسالة الإسلامية بأكثر من
1600 سنة، وظلت هذه الحضارة تتطور وتنضج في كل مفرداتها وبخاصة في بيانها
ولغتها التي أعدت لحمل كلمات الله للعالمين.
وبذلك تأهلت تلك الحضارة لتكون نواة الحضارة الإسلامية إلى أن يشاء الله، وصار
أصحاب هذه الحضارة وهم العرب أولى الناس بحمل رسالة الله إلى البشرية، ولم
يتم تكليفهم بهذه الأمانة العظيمة بدون مقدمات.
محيي الدين صالح
صفحات من تاريخ الحضارة العربية
كيف تهيأت الجزيرة العربية لميلاد الحضارة الإسلامية؟.. قبل
أن تعرف أوروبا للحضارة معنى بمئات السنين، كانت الجزيرة العربية ترفل
بالعز والمنعة، وهي في أحضان واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية الموثقة،
وهي (حضارة سبأ) العربية، وتحديدا (مملكة بلقيس) سنة 990 ق.م.، في أرض
العرب العاربة جنوبي جزيرة العرب، ولا شك أن هذه الحضارة لم تكن وليدة
لحظة، كما لم تكن حكمة الملكة بلقيس من قبيل الوحي الإلهي، ولكنها كانت
ثقافة تراكمية لا بد أنها استغرقت مئات السنين بالنسبة للحضارة، وعشرات
السنين بالنسبة لنظام الحكم الذي اتبعته الملكة، أي أن هذه الحضارة مرت
بمراحل عديدة من الارتقاء والتطور حتى ورثتها دولة بلقيس، كما هو الحال
لكثير من الحضارات.
وكانت المنطقة التي تسمى جغرافيا الآن (بالشرق الأوسط) تمور بكثير من الحضارات
المختلفة في قديم الزمان، فكانت في وادي النيل كل من حضارة النوبة والحضارة
المصرية القديمة، كما كانت حضارة بابل وآشور في الركن الشمالي من جزيرة
العرب، ويجاورهما حضارة فارس، ولكن هناك فوارق بين تلك الحضارات، سواء في
قوتها أثناء وجودها، أو فيما خلفته للتاريخ بعد ذلك، أو فيما أورثته لمن
بعدها من خلال التواصل بين الأجيال المتعاقبة، بصرف النظر عن الآثار والمعابد.
والفارق بين الحضارة العربية القديمة وما عاصرتها من حضارات،
أن حضارة سبأ بقيت بآثارها شاهدة على مر السنين - مثلها في ذلك مثل بعض
الحضارات الأخرى - كما بقي موروثها الفكري الذي خلده القرآن الكريم بعد ذلك عندما تناول جانبا من
جوانب حوار أحد رموزها (بلقيس) مع نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام،
والمشهد كما رواه القرآن الكريم لا يخلو من تزكية - ولو كانت غير مباشرة - لرأس
الحضارة العربية آنذاك في مرحلة من مراحل تاريخها وهي الملكة العربية
بلقيس التي استخدمت الدبلوماسية والشورى والذكاء، مع استعراض القوة
الاقتصادية والعسكرية والسياسية، كل ذلك في آن واحد، ولذلك فإنه عندما
انهارت المعطيات المادية لحضارة سبأ بعد ذلك بسقوط دولتها، ظلت المعطيات
الثقافية شامخة متواصلة عبر الأجيال، وهناك سورة في القرآن الكريم تحمل اسم
هذه الحضارة وهي (سورة سبأ) التي أشارت إلى أسباب انهيارها عندما صدق
إبليس عليهم ظنه، كما نصت الآيات لنكتسب العظة والعبرة.
• وأول مظهر حضاري هو تولي امرأة أعلى سلطة في البلاد - مع تحفظاتنا
في التوجه الإسلامي على ذلك حيث إن الشريعة الإسلامية قد نسخت هذا الأمر
فيما بعد بجعل القوامة للرجل -
وهذا دليل على أن المرأة العربية قد نالت حقوقها كاملة غير منقوصة ( بل زائدة في
وقت كانت فيه المرأة الأوربية ترزح تحت وطأة حزام العفة، وهذه الحقوق لا
تتمثل فقط في أن امرأة عربية صارت ملكة على قومها، بل أوتيت من كل شيء بدون
تقييد لمعنى كلمة (كل) حيث قال الهدهد كما جاء في سورة النمل
{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} الآية رقم 23.
• المظهر الحضاري الثاني:
أنها عندما ألقى إليها الهدهد كتاب سيدنا سليمان لم تُخفِ الكتاب الذي وصل
إليها من خلال وسيلة غير معهودة عند الناس، بل جمعت الملأ من قومها
للتشاور، وكلمة ( الملأ ) توحي بالجماعية والعمومية أو الطرح العام، وقد
كانت صادقة مع نفسها وهي تصف هذا الكتاب بأنه (كتاب كريم)، ومع قومها وهي
تقرأ عليهم محتوى الكتاب
{إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}
الآيتان 30، 31 من سورة النمل .
• المظهر الحضاري الثالث:
أنها طلبت المشورة والنصيحة والفتوى من أبناء شعبها، ولولا وجود ثقة
متبادلة بينها وبين رعيتها لما استطاعت أن تخطو هذه الخطوة، خاصة أنهم لم
يكونوا من أتباع ديانة سماوية تقنن أو تهذب أسلوب التعامل بين الحاكم
والمحكوم، حيث كانوا يسجدون للشمس من دون الله، والملكة تعلن مسبقا وقبل أن
تعرف آراء القوم أنها ستلتزم بما يرونه من رأي، وأنها لن تفرض عليهم شيئا،
ولم تزعم أنها ملهمة، بل قالت بكل صراحة: {مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}
الآية 32 النمل، وهذا دليل على أن ماضيها في الحكم وفي إدارة شؤون دولتها
سار على المنهاج نفسه، ولا بد أنها توارثت هذا الأسلوب الراقي من أجدادها
وأورثته أيضا لمن بعدها من ولاة الأمر، ولو إلى حين.
• المظهر الحضاري الرابع:
يتضح من رد الملأ عليها بكل اعتزاز وثقة في النفس، وبدون تهيب من الموقف، وأيضا
بدون تأثر برأيها المبدئي الذي وصفت فيه الكتاب (بالكريم)، فقالوا لها:
{ نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ }، ورغم هذه المنعة التي يتمتعون بها
لما يحاولوا فرض رأي محدد بالقطع، ولكن هناك استعداد تام لكل الاحتمالات
{وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} من الآية 33 النمل، وهذا هو النموذج الأمثل للتشاور والتناصح.
• المظهر الحضاري الخامس:
هو ثقافة الملكة ومعرفتها بالتاريخ المعاصر والسابق لها، وذكاؤها المتمثل
في حسن التصرف، والتأني الشديد ومحاولة التأكد من مجريات الأمور وقراءة
الأحداث قراءة صحيحة، بالإضافة إلى استعدادها الفطري للبذل والعطاء، والآية
تتضمن ما يدل على أنها معطاءة {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} الآية
35 النمل، وانتظارها لما سيرجع به رسلها قبل إصدار الرأي النهائي، دليل
أنها اتخذت بطانة صالحة لها وزنها وصدقها وقدرتها على صنع القرار أو
المشاركة الفعلية في بلورته.
• المظهر الحضاري السادس: عندما استطاع سيدنا سليمان نقل عرش بلقيس
إلى مجلسه قبل حضورها، ونكره لها وقيل لها عندما جاءت {أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}
من الآية 42، وهذا دليل على رجاحة عقلها وتحوطها التام من ملابسات الموقف،
فاستخدامها لكلمة (كأن) للتحفظ والاحتياط معناه أنها تعرف أقدار الرجال،
حتى لو لم يتضح لها بعض الجوانب.
• المظهر الحضاري السابع
(والأخير بالنسبة لهذا البحث) أن الملكة العربية لما وجدت نفسها أمام
تشريع إلهي ومع نبي من قبل الله سبحانه وتعالى، لم تكابر وتركب رأسها حفاظا
على عرشها، كما أنها لم تسوف وتماطل وتحسب حسابات الدنيا الفانية -
كما فعل فرعون مثلا - إنما قدمت النموذج الأمثل لحوار الحضارات، وأسلوب
التعامل مع الرسالات السماوية والمرسلين، وبتواضع العظماء:
{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} فيما سبق من عبادة الشمس
من دون الله {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } من الآية 44.
كل هذه الأحداث وتوابعها، كانت في جزيرة العرب قبل قرابة ألف سنة من الميلاد،
فأين كانت أوروبا في ذلك التاريخ؟!، وأين بصائر السائرين في فلكها
والمتشدقين المنبهرين لحد الاستلاب بها وبحضارتها؟!!.
ولا شك أن الحضارة الإسلامية ورثت الحضارة العربية وقومتها بتنقيتها من
الشوائب التي علقت بها مع مرور السنين، وطورتها ببث ما كان ينقصها من عقائد
وأخلاقيات في ثناياها، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت
لأتمم مكارم الأخلاق)، ثم أخرجتها إلى العالم كمثال يحتذى به.
أما ما يقال عن التخلف العربي الذي تقاعس عن أصوله وجذوره وحضارته، فذلك أمر
آخر يدين البشرية كلها؛ لأن الصراعات التي حاكها الغرب والتي لم تسلم منها
الأمة العربية قد أتت على الأخضر واليابس (أو كادت أن تأتي) لولا العناية
الإلهية التي حفظت لنا الجوانب المشرقة من الحضارة العربية الإسلامية
وتاريخ الأجداد الأقدمين من العرب العاربة والمستعربة.
وهذا يؤكد أن العرب كانت لهم حضارة عظيمة من قبل الرسالة الإسلامية بأكثر من
1600 سنة، وظلت هذه الحضارة تتطور وتنضج في كل مفرداتها وبخاصة في بيانها
ولغتها التي أعدت لحمل كلمات الله للعالمين.
وبذلك تأهلت تلك الحضارة لتكون نواة الحضارة الإسلامية إلى أن يشاء الله، وصار
أصحاب هذه الحضارة وهم العرب أولى الناس بحمل رسالة الله إلى البشرية، ولم
يتم تكليفهم بهذه الأمانة العظيمة بدون مقدمات.
- مصطفى شحاذةمراقب عام
- الجنس :
عدد المساهمات : 17836
تاريخ التسجيل : 22/01/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 27 سبتمبر 2011 - 11:17
بارك الله بك
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 47055
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 0:37
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الأربعاء 28 سبتمبر 2011 - 13:13
- Bastosعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14330
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الخميس 29 سبتمبر 2011 - 19:15
بســم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير
و أسأل الله عز و جل أن يجعله في موازين حسناتك
اللهم إنا نسألك الجنه وكل عمل يقربنا إليها
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب
القبر وعذاب النار
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
السبت 1 أكتوبر 2011 - 14:55
- chiguivara_dzعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3824
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الجمعة 7 أكتوبر 2011 - 19:56
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته
جزاك الله خير الجزاء
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
السبت 8 أكتوبر 2011 - 0:10
- Saad Eddineعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2256
تاريخ التسجيل : 10/09/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 0:14
سدد الله خطاك اخـ(ت)ـي الفاضل(ة) على الموضوع الجميل
جزاك الله الف خير
وليبارك لك في قلمك الراقي
وبالإفادة ان شاء الله لكل أعضاء عربي-نعم
واصل ابداعك معنا ولا تحرمنا من جديدك يا غالي
اراك في موضوع آخر وذمت في رعاية الله
جزاك الله الف خير
وليبارك لك في قلمك الراقي
وبالإفادة ان شاء الله لكل أعضاء عربي-نعم
واصل ابداعك معنا ولا تحرمنا من جديدك يا غالي
اراك في موضوع آخر وذمت في رعاية الله
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 1:39
- FOR4everعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14694
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 12:51
مجهود كبير وممتاز حياك الله
- طارق بن زيادعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2233
تاريخ التسجيل : 03/08/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 14:04
أكرمك الله على الموضوع الرائع والجميل
دائما في انتظار جديدك
دائما في انتظار جديدك
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44330
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 14:06
- حسنعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2895
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
السبت 22 أكتوبر 2011 - 20:33
- مــــاجد2عضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1096
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
السبت 5 نوفمبر 2011 - 20:00
الشكر كل الشكر لا يوفيكِ حقك
سلمت أناملكِ
ودمت معطائاً للمنتدى
بارك الله فيكِ وفي جهودكِ
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الأحد 6 نوفمبر 2011 - 17:02
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا ما تقدم من ذنبهم وما تأخر
وقِهم عذاب القبر وعذاب النار..ارزقهم مغفرتك بلا عذاب
وجنتك بلا حساب رؤيتك بلا حجاب
واجعلهم ممن يورثون الفردوس الأعلى
اللـهم آميـن
- المهدي كارسيلاعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1286
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 - 7:05
شكرا لك ~
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
- TOTOعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19472
تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الخميس 19 يناير 2012 - 13:44
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12698
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: صفحات من تاريخ الحضارة العربية
الإثنين 20 فبراير 2012 - 21:18
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى