أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
+23
حسن
MATADOR
محب الله
المهدي كارسيلا
JABAdor
الشيخ-سعدان
PRINCESSA
ZIDANE
بابة
Kojack
حمدي غيث
MATMOUR-Dz
ميري كريمو
دادي
عربي
مصطفى شحاذة
طارق بن زياد
KingSoft
ABBASSE
ام بدر
badrakhane
Admin
baba2
27 مشترك
- baba2عضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 5134
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأحد 15 مايو 2011 - 19:10
أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
بسم الله الرحمن الرحيم
*****
العالم المجاهد الذي نتحدث عنه (أسد ابن الفرات) كان قاضيًا وفقيهًا ومجاهدًا
وقائدًا للأسطول الذي فتح جزيرة صقلية
إحدى جزر حوض البحر الأبيض المتوسط والتي تقع في جنوب إيطاليا
واختياره- رضي الله عنه- يثير الدهشة في زماننا هذا ويبعث على العجب
كيف يتولى قاض فقيه قيادة الأسطول في معركة من أشد المعارك
وهو سيلتقي ولا شك بالأسطول الروماني الذي يقوم بحماية هذه الجزيرة.
ومما يزيد من تلك الدهشة أن القاضي قد شارف على السبعين من عمره
فكيف يقوى على احتمال أهوال المعركة؟
كان الأسطول يتكون من ثمان وتسعين قطعة حربية وقد رست
بالقرب من الشاطئ في تنسيق وانتظام وكانت أشرعة السفن وهى ترفرف
فوق البحر كأنها أجنحة ملائكة جاءت لتشارك المؤمنين في الجهاد.
وإذا كان الوقت في ربيع الأول فقد انبعثت في نفوس المجاهدين
ذكريات باهرة ساحرة عما أصاب البشرية من خير عميم في هذا الشهر.
إن المهمة التي جردوا أنفسهم لها هي خطوة من تلك الخطوات المباركة التي
بدأها النبي على طريق الجهاد وستتلوها خطوات ما دام للإنسانية وجود.
ولم يكن أمام المجاهدين إلا أحد أمرين : الاستشهاد أو النصر
وكلاهما أمنية غالية تداعب نفوسهم.
ولما وصلوا إلى ميناء مازر- ويقع في الطرف الغربي لجزيرة صقلية-
نادى أسد بن الفرات في الجند بالنزول وكانت أول لحظة يخط فيها التاريخ
سطرًا مجيدًا من سطور الفتح الأكبر في هذه الجزيرة
كان أسد بن الفرات قد أعد خطة الفتح بعبقرية عسكرية ذكرت المجاهدين
بتلك الخطط الدقيقة التي وضعها القواد العظام في أيام الفتح الأولى
اتجه بالجيش إلى شرق الجزيرة بعد أن خصص فرقة من الجند لحراسة الأسطول
وبعد أن سد جميع الطرق والشعاب التي يمكن أن يتسلل منها الروم من الخلف.
ثم أمر بالهجوم على جيش الروم وكان يقوده رجل ممعن في الغطرسة والكبرياء
كأشد ما يكون الإمعان.. هذا الرجل اسمه بلاطة وكان له تاريخ عريض
في كسب المعارك مما جعل الغرور جزءًا من نفسه وشطرًا من مشاعره.
وقد أقسم بلاطة بكل عزيز لديه بأن لن يكتفي بدحر المسلمين وإنما سيأخذ بالثأر
من أميرهم في القيروان وسيوقف زحف المسلمين على المدن في المنطقة كلها.
ومما زاده صلفًا وغرورًا أنه نظر ناحية المسلمين فرأى أسد بن الفرات شيخًا
متقدمًا في السن، تلمع لحيته البيضاء تحت أشعة الشمس فقال لجيشه : أرأيتم هذا الشيخ
إنه قائد المسلمين.. وهو كما ترون لا جلد له على القتال ولا صبر له
على الكر والفر ولا يملك العزم على احتمال أهوال المعارك.
احملوا عليهم واجعلوهم طعامًا لوحوش الجزيرة.
وبينما كان بلاطة يتهكم ويزري بقائد المسلمين كان أسد بن الفرات يعظ جنده
بالآية الكريمة:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا
لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 45- 46)
وكان يأمرهم بألا يقتلوا شيخًا ولا طفلاً ولا امرأة
وأن يكبروا عند كل ضربة سيف وعند كل رمية سهم
ثم التقى الجمعان وحمي وطيس المعركة وكانت المفاجأة لجيش الروم أن أسد بن الفرات
الشيخ الذي رق عظمه ونالت منه السنون، يصول ويجول كأنه شاب في مقتبل العمر
وتجلت فيه القوة الذاتية للمسلم، القوة التي يستمدها من إيمانه وعقيدته
فتبعث في الجسد المحطم المتهالك تيارًا من العزيمة يصعق كل من يتصدى له.
وما هي إلا ساعة حتى ظهر الشحوب على وجه قائد الروم وأدرك أنه كان يحلم
بسراب خادع وأنه يحارب رجالاً يحبون الموت ويقبلون عليه ويتلذذون بالاستشهاد
في أرض المعركة ومرت به لحظات ثقال يتردد بين الاستمرار في القتال
حتى ولو أدى ذلك إلى مصرعه وبين الفرار وفيه ما فيه من وصمة العار!.
ثم آثر الحياة على الموت وفر من ساحة القتال وهرب إلى فلورية تسبقه
أنباء الهزيمة ويغطي وجهه غبار الهوان وهنا سنحت الفرصة لخصومه أن ينتقموا منه
فطالما جرح كبرياءهم بجبروته وغطرسته وطالما جرعهم كئوس الذل والصغار.
وإذا هو في غمرة العار والهزيمة فوجئ بعدد من الجند يحدقون به ويروون سيوفهم
في دمائه وانتهت أسطورة القائد الذي كانت الجزيرة تعتمد عليه في حمايتها.
وإذا كانت الجزيرة قد قضت ليلة باكية منتحبة على ما لحقها من هوان
فإن المسلمين كانوا في الجانب الآخر يصلون لله شكرًا على النصر الذي
أحرزوه بفضله ورحمته ولكن هل يستسلم حاكم الجزيرة ويحني رأسه للهزيمة
ويتخلى عن سلطانه للمسلمين؟ وتنهد تنهيدة عميقة وهو يفكر فيما آل إليه
أمر الجزيرة وفيما سوف يحدث لها إن لم تدركها نجدة سريعة
ومن أين تأتي النجدة؟
الجزيرة تابعة للبلاط الروماني في القسطنطينية وإن القسطنيطنية لن تتواني
لحظة واحدة إذا علمت بأن الجزيرة على وشك السقوط في أيدي المسلمين.
كان الاستنجاد بالبلاط آخر سهم يلقيه ميخائيل الثاني للحفاظ على سلطانه
في الجزيرة وكانت الأحداث تجري سراعًا، تقطع الأحلام التي تزجيها رياح عاصفة
فالمسلمون يستولون كل يوم على جزء جديد من الجزيرة ويرفعون عليه
علم الإسلام ويقيمون فيه شعائر الصلاة وفيما هم يتقدمون في الجزيرة شرقًا وغربًا
كان ميخائيل الثاني قد استنجد بالبلاط الروماني وتحرك الأسطول من القسطنطينية
حاملاً القوات الرومانية المتأهبة لقتال المسلمين وعندما وصل إلى الجزيرة كان القتال
على أشده عند قلعة الكرات المنيعة وكان ميخائيل الثاني إزاء عجزه عن مواصلة
القتال قد لجأ إلى الخديعة فطلب من المسلمين الصلح وإغماد السيوف وكان يهدف
من وراء ذلك إلى وقف القتال ريثما يصل الأسطول الروماني ولكن أسد بن الفرات
القائد الفطن الأريب أدرك ببصيرته الواعية الحكيمة أن هناك خديعة لجأ إليها
حاكم الجزيرة وأن عليه أن يحتاط لهذا الأمر فقام بتوزيع السرايا على جهات مختلفة
من الجزيرة حتى إذا ما اتضح وجه الخديعة وأسفر عن ملامحه الكئيبة يكون زمام
الأمر في يديه وما لبث أسد بن الفرات أن اكتشف بعد أيام صدق حدسه واتضحت أمام
عينيه الصورة التي كان يخفيها ميخائيل الثاني وراء الصلح والمهادنة فقد وصل
الأسطول الروماني إلى الجزيرة وتدفقت عليها القوات الرومانية كأمواج البحر
وبدأت المعارك تأخذ شكلاً عاصفًا في كل مكان من صقلية استمر القتال دائرًا
بين المسلمين والروم سبعة عشر شهرًا، إذ بدأ في ربيع الأول سنة 212 هجرية
وظل على أشده حتى استهل رجب سنة 213 هجرية
كانت المعركة طوال هذه الفترة تسير لصالح المسلمين وقد أدارها أسد بن الفرات
بحكمة أعادت إلى الذاكرة صور العبقرية العسكرية التي كان يتمتع بها القواد العظام
أمثال: (خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وطارق بن زياد ومسلم بن أبي قتيبة).
كان أسد بن الفرات حازمًا مع جنده كما كان حازمًا مع أعدائه
حدث أن بعض الجند استبطئوا نهاية المعركة فأرسلوا جنديًّا من بينهم اسمه
أسد بن قادم يطلب من أسد بن الفرات السماح له ولعدد من زملائه بالعودة إلى القيروان.
وهنا دار حوار بين القائد والجندي حاول خلاله القائد أن يقنع الجندي بالعدول عن رأيه
ولكن دون جدوى فما كان من أسد بن الفرات القاضي السمح إلا أن أمسك السوط
وضرب به الجندي وهدده بفصل رأسه عن جسده إذا تخلى عن الجهاد وخرج على طاعة الله.
توجس ابن الفرات من هذه الحادثة وخشي أن تكون شرارة تشتعل بعدها فتنة التذمر
في أوساط الجند فقام بجولة في جميع جبهات القتال وراح يتحدث إلى المجاهدين
عما ادخره الله لهم من رضوان سابغ ونعيم لا يبلى ثم خرج من هذه الجولة
بحقيقة مؤكدة وهى أن الجيش عازم على القتال حتى النصر أو الشهادة.
وبالرغم من الإمدادات العسكرية التي كانت ترسلها القسطنطينية إلى الجزيرة لمقاتلة
المسلمين فإن قوات الروم كانت تتساقط كأوراق الخريف هزها إعصار في يوم عاصف
وكانت أعلام الإسلام ترتفع كل يوم على بقعة جديدة من بقاع الجزيرة حتى أصبح
الاستيلاء على صقلية قاب قوسين أو أدنى ولكن الظروف تغيرت فجأة
وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فبينما المسلمون في قمة انتصارهم
ويرفعون ألوية الله ويواصلون فتوحات أسلافهم إذا بوباء مبيد ينشر أجنحته
السوداء على الجزيرة ويصحب معه أشباح الموت ويسوق مواكب الفناء
وكان لابد للمأساة أن تبلغ الذروة وتصل إلى القمة فامتدت يد الوباء
إلى القائد العظيم أسد بن الفرات وتسلل الموت إلى جسد الشهيد فقضى نحبه والسيف في يده
استشهد أسد بن الفرات وفَتْح صقلية على وشك أن يتم مات وهالة الجهاد
تكسو وجهه وظلال الرضوان تنبسط على أيامه الغاربة مات وكل شبر
في صقلية يشهد بجهاده المقدس وكل بقعة فيها يرفرف عليها علم الإسلام.
وإذا كان القدر لم يمهله حتى يتمتع بثمرة جهاده
فلا ريب أن روحه كانت تطل من عليائها في سنة 264 لترى الجزيرة
وقد فتحها المسلمون وأصبحت إحدى الإمارات الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
*****
العالم المجاهد الذي نتحدث عنه (أسد ابن الفرات) كان قاضيًا وفقيهًا ومجاهدًا
وقائدًا للأسطول الذي فتح جزيرة صقلية
إحدى جزر حوض البحر الأبيض المتوسط والتي تقع في جنوب إيطاليا
واختياره- رضي الله عنه- يثير الدهشة في زماننا هذا ويبعث على العجب
كيف يتولى قاض فقيه قيادة الأسطول في معركة من أشد المعارك
وهو سيلتقي ولا شك بالأسطول الروماني الذي يقوم بحماية هذه الجزيرة.
ومما يزيد من تلك الدهشة أن القاضي قد شارف على السبعين من عمره
فكيف يقوى على احتمال أهوال المعركة؟
كان الأسطول يتكون من ثمان وتسعين قطعة حربية وقد رست
بالقرب من الشاطئ في تنسيق وانتظام وكانت أشرعة السفن وهى ترفرف
فوق البحر كأنها أجنحة ملائكة جاءت لتشارك المؤمنين في الجهاد.
وإذا كان الوقت في ربيع الأول فقد انبعثت في نفوس المجاهدين
ذكريات باهرة ساحرة عما أصاب البشرية من خير عميم في هذا الشهر.
إن المهمة التي جردوا أنفسهم لها هي خطوة من تلك الخطوات المباركة التي
بدأها النبي على طريق الجهاد وستتلوها خطوات ما دام للإنسانية وجود.
ولم يكن أمام المجاهدين إلا أحد أمرين : الاستشهاد أو النصر
وكلاهما أمنية غالية تداعب نفوسهم.
ولما وصلوا إلى ميناء مازر- ويقع في الطرف الغربي لجزيرة صقلية-
نادى أسد بن الفرات في الجند بالنزول وكانت أول لحظة يخط فيها التاريخ
سطرًا مجيدًا من سطور الفتح الأكبر في هذه الجزيرة
كان أسد بن الفرات قد أعد خطة الفتح بعبقرية عسكرية ذكرت المجاهدين
بتلك الخطط الدقيقة التي وضعها القواد العظام في أيام الفتح الأولى
اتجه بالجيش إلى شرق الجزيرة بعد أن خصص فرقة من الجند لحراسة الأسطول
وبعد أن سد جميع الطرق والشعاب التي يمكن أن يتسلل منها الروم من الخلف.
ثم أمر بالهجوم على جيش الروم وكان يقوده رجل ممعن في الغطرسة والكبرياء
كأشد ما يكون الإمعان.. هذا الرجل اسمه بلاطة وكان له تاريخ عريض
في كسب المعارك مما جعل الغرور جزءًا من نفسه وشطرًا من مشاعره.
وقد أقسم بلاطة بكل عزيز لديه بأن لن يكتفي بدحر المسلمين وإنما سيأخذ بالثأر
من أميرهم في القيروان وسيوقف زحف المسلمين على المدن في المنطقة كلها.
ومما زاده صلفًا وغرورًا أنه نظر ناحية المسلمين فرأى أسد بن الفرات شيخًا
متقدمًا في السن، تلمع لحيته البيضاء تحت أشعة الشمس فقال لجيشه : أرأيتم هذا الشيخ
إنه قائد المسلمين.. وهو كما ترون لا جلد له على القتال ولا صبر له
على الكر والفر ولا يملك العزم على احتمال أهوال المعارك.
احملوا عليهم واجعلوهم طعامًا لوحوش الجزيرة.
وبينما كان بلاطة يتهكم ويزري بقائد المسلمين كان أسد بن الفرات يعظ جنده
بالآية الكريمة:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا
لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 45- 46)
وكان يأمرهم بألا يقتلوا شيخًا ولا طفلاً ولا امرأة
وأن يكبروا عند كل ضربة سيف وعند كل رمية سهم
ثم التقى الجمعان وحمي وطيس المعركة وكانت المفاجأة لجيش الروم أن أسد بن الفرات
الشيخ الذي رق عظمه ونالت منه السنون، يصول ويجول كأنه شاب في مقتبل العمر
وتجلت فيه القوة الذاتية للمسلم، القوة التي يستمدها من إيمانه وعقيدته
فتبعث في الجسد المحطم المتهالك تيارًا من العزيمة يصعق كل من يتصدى له.
وما هي إلا ساعة حتى ظهر الشحوب على وجه قائد الروم وأدرك أنه كان يحلم
بسراب خادع وأنه يحارب رجالاً يحبون الموت ويقبلون عليه ويتلذذون بالاستشهاد
في أرض المعركة ومرت به لحظات ثقال يتردد بين الاستمرار في القتال
حتى ولو أدى ذلك إلى مصرعه وبين الفرار وفيه ما فيه من وصمة العار!.
ثم آثر الحياة على الموت وفر من ساحة القتال وهرب إلى فلورية تسبقه
أنباء الهزيمة ويغطي وجهه غبار الهوان وهنا سنحت الفرصة لخصومه أن ينتقموا منه
فطالما جرح كبرياءهم بجبروته وغطرسته وطالما جرعهم كئوس الذل والصغار.
وإذا هو في غمرة العار والهزيمة فوجئ بعدد من الجند يحدقون به ويروون سيوفهم
في دمائه وانتهت أسطورة القائد الذي كانت الجزيرة تعتمد عليه في حمايتها.
وإذا كانت الجزيرة قد قضت ليلة باكية منتحبة على ما لحقها من هوان
فإن المسلمين كانوا في الجانب الآخر يصلون لله شكرًا على النصر الذي
أحرزوه بفضله ورحمته ولكن هل يستسلم حاكم الجزيرة ويحني رأسه للهزيمة
ويتخلى عن سلطانه للمسلمين؟ وتنهد تنهيدة عميقة وهو يفكر فيما آل إليه
أمر الجزيرة وفيما سوف يحدث لها إن لم تدركها نجدة سريعة
ومن أين تأتي النجدة؟
الجزيرة تابعة للبلاط الروماني في القسطنطينية وإن القسطنيطنية لن تتواني
لحظة واحدة إذا علمت بأن الجزيرة على وشك السقوط في أيدي المسلمين.
كان الاستنجاد بالبلاط آخر سهم يلقيه ميخائيل الثاني للحفاظ على سلطانه
في الجزيرة وكانت الأحداث تجري سراعًا، تقطع الأحلام التي تزجيها رياح عاصفة
فالمسلمون يستولون كل يوم على جزء جديد من الجزيرة ويرفعون عليه
علم الإسلام ويقيمون فيه شعائر الصلاة وفيما هم يتقدمون في الجزيرة شرقًا وغربًا
كان ميخائيل الثاني قد استنجد بالبلاط الروماني وتحرك الأسطول من القسطنطينية
حاملاً القوات الرومانية المتأهبة لقتال المسلمين وعندما وصل إلى الجزيرة كان القتال
على أشده عند قلعة الكرات المنيعة وكان ميخائيل الثاني إزاء عجزه عن مواصلة
القتال قد لجأ إلى الخديعة فطلب من المسلمين الصلح وإغماد السيوف وكان يهدف
من وراء ذلك إلى وقف القتال ريثما يصل الأسطول الروماني ولكن أسد بن الفرات
القائد الفطن الأريب أدرك ببصيرته الواعية الحكيمة أن هناك خديعة لجأ إليها
حاكم الجزيرة وأن عليه أن يحتاط لهذا الأمر فقام بتوزيع السرايا على جهات مختلفة
من الجزيرة حتى إذا ما اتضح وجه الخديعة وأسفر عن ملامحه الكئيبة يكون زمام
الأمر في يديه وما لبث أسد بن الفرات أن اكتشف بعد أيام صدق حدسه واتضحت أمام
عينيه الصورة التي كان يخفيها ميخائيل الثاني وراء الصلح والمهادنة فقد وصل
الأسطول الروماني إلى الجزيرة وتدفقت عليها القوات الرومانية كأمواج البحر
وبدأت المعارك تأخذ شكلاً عاصفًا في كل مكان من صقلية استمر القتال دائرًا
بين المسلمين والروم سبعة عشر شهرًا، إذ بدأ في ربيع الأول سنة 212 هجرية
وظل على أشده حتى استهل رجب سنة 213 هجرية
كانت المعركة طوال هذه الفترة تسير لصالح المسلمين وقد أدارها أسد بن الفرات
بحكمة أعادت إلى الذاكرة صور العبقرية العسكرية التي كان يتمتع بها القواد العظام
أمثال: (خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وطارق بن زياد ومسلم بن أبي قتيبة).
كان أسد بن الفرات حازمًا مع جنده كما كان حازمًا مع أعدائه
حدث أن بعض الجند استبطئوا نهاية المعركة فأرسلوا جنديًّا من بينهم اسمه
أسد بن قادم يطلب من أسد بن الفرات السماح له ولعدد من زملائه بالعودة إلى القيروان.
وهنا دار حوار بين القائد والجندي حاول خلاله القائد أن يقنع الجندي بالعدول عن رأيه
ولكن دون جدوى فما كان من أسد بن الفرات القاضي السمح إلا أن أمسك السوط
وضرب به الجندي وهدده بفصل رأسه عن جسده إذا تخلى عن الجهاد وخرج على طاعة الله.
توجس ابن الفرات من هذه الحادثة وخشي أن تكون شرارة تشتعل بعدها فتنة التذمر
في أوساط الجند فقام بجولة في جميع جبهات القتال وراح يتحدث إلى المجاهدين
عما ادخره الله لهم من رضوان سابغ ونعيم لا يبلى ثم خرج من هذه الجولة
بحقيقة مؤكدة وهى أن الجيش عازم على القتال حتى النصر أو الشهادة.
وبالرغم من الإمدادات العسكرية التي كانت ترسلها القسطنطينية إلى الجزيرة لمقاتلة
المسلمين فإن قوات الروم كانت تتساقط كأوراق الخريف هزها إعصار في يوم عاصف
وكانت أعلام الإسلام ترتفع كل يوم على بقعة جديدة من بقاع الجزيرة حتى أصبح
الاستيلاء على صقلية قاب قوسين أو أدنى ولكن الظروف تغيرت فجأة
وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فبينما المسلمون في قمة انتصارهم
ويرفعون ألوية الله ويواصلون فتوحات أسلافهم إذا بوباء مبيد ينشر أجنحته
السوداء على الجزيرة ويصحب معه أشباح الموت ويسوق مواكب الفناء
وكان لابد للمأساة أن تبلغ الذروة وتصل إلى القمة فامتدت يد الوباء
إلى القائد العظيم أسد بن الفرات وتسلل الموت إلى جسد الشهيد فقضى نحبه والسيف في يده
استشهد أسد بن الفرات وفَتْح صقلية على وشك أن يتم مات وهالة الجهاد
تكسو وجهه وظلال الرضوان تنبسط على أيامه الغاربة مات وكل شبر
في صقلية يشهد بجهاده المقدس وكل بقعة فيها يرفرف عليها علم الإسلام.
وإذا كان القدر لم يمهله حتى يتمتع بثمرة جهاده
فلا ريب أن روحه كانت تطل من عليائها في سنة 264 لترى الجزيرة
وقد فتحها المسلمون وأصبحت إحدى الإمارات الإسلامية
- AdminAdmin
- الجنس :
عدد المساهمات : 46223
تاريخ التسجيل : 07/12/2009
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأحد 15 مايو 2011 - 20:27
- badrakhaneعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4433
تاريخ التسجيل : 09/10/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الإثنين 16 مايو 2011 - 0:17
- ام بدرالمدير العام
- الجنس :
عدد المساهمات : 44338
تاريخ التسجيل : 05/03/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 17 مايو 2011 - 17:57
اخي الكريم
جزاك الله خير الجزاء وبورك فيك واحسن اليك
وجعل ما نفعتنا به في ميزان حسناتك
اختك
ام بدر
جزاك الله خير الجزاء وبورك فيك واحسن اليك
وجعل ما نفعتنا به في ميزان حسناتك
اختك
ام بدر
- ABBASSEمشرف منتدى الطبخ العربي
- الجنس :
عدد المساهمات : 19519
تاريخ التسجيل : 22/08/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الجمعة 20 مايو 2011 - 10:50
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
على الموضوع الرائع
وجعله الله في ميزان حسناتك
- KingSoftعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3358
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الجمعة 20 مايو 2011 - 23:15
مشكور وبارك الله فيك على الموضوع المميز
- طارق بن زيادعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2233
تاريخ التسجيل : 03/08/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 24 مايو 2011 - 0:41
أكرمك الله على الموضوع الرائع والجميل
دائما في انتظار جديدك
دائما في انتظار جديدك
- مصطفى شحاذةمراقب عام
- الجنس :
عدد المساهمات : 17836
تاريخ التسجيل : 22/01/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 24 مايو 2011 - 7:24
بارك الله بك أخي الكريم
تاريخنا الإسلامي يحمل بين طياته الكثير من الأبطال والمجاهدين والعلماء الذين سطروا ملامح لن تنسى أبدا
تاريخنا الإسلامي يحمل بين طياته الكثير من الأبطال والمجاهدين والعلماء الذين سطروا ملامح لن تنسى أبدا
- عربيعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 18188
تاريخ التسجيل : 20/12/2009
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 24 مايو 2011 - 15:37
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجهود متميز وموضوع جيد ومفيد للغاية
اللهم اغفر لك ولأسرتك و للمسلمين جميعا ما تقدم من ذنبهم وما تأخر
وقِهم عذاب القبر وعذاب النار..ارزقهم مغفرتك بلا عذاب
وجنتك بلا حساب رؤيتك بلا حجاب
واجعلهم ممن يورثون الفردوس الأعلى
اللـهم آميـن
- داديعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 13034
تاريخ التسجيل : 30/04/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأربعاء 25 مايو 2011 - 15:06
السلام عليكم و رحمة الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
و جعله الله في ميزان حسناتك يا رب
بالتوفيق إن شاء الله
جزاك الله كل خير على الموضوع المميز
و جعله الله في ميزان حسناتك يا رب
بالتوفيق إن شاء الله
- ميري كريموعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3349
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الخميس 26 مايو 2011 - 10:24
بارك الله فيك على ما تقدمه من اضافة راقية
- MATMOUR-Dzعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4471
تاريخ التسجيل : 11/08/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأربعاء 1 يونيو 2011 - 5:29
مجهود ممتاز وموضوع زاهي
ربي يجازيك كل الخير
ربي يجازيك كل الخير
- حمدي غيثعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4048
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الجمعة 3 يونيو 2011 - 22:33
شكرا لك وبارك الله فيك
- Kojackعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 12702
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأحد 5 يونيو 2011 - 13:10
بارك الله فيك وجازاك الله خيرا
وكتب لك في ميزان حسناتك
وكتب لك في ميزان حسناتك
- بابةنائب المدير
- الجنس :
عدد المساهمات : 11459
تاريخ التسجيل : 08/12/2009
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأربعاء 8 يونيو 2011 - 3:41

- ZIDANEمراقب قسم المنتديات العامة
- الجنس :
عدد المساهمات : 29741
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
الموقع : https://arab-yes.ahlamontada.com/
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 14 يونيو 2011 - 2:32

- PRINCESSAمشرفة منتدى حلويات
- الجنس :
عدد المساهمات : 29035
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الخميس 16 يونيو 2011 - 14:42

- الشيخ-سعدانعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3562
تاريخ التسجيل : 04/10/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 21 يونيو 2011 - 4:32
الف شكر واثابنا واياكم الله تعالى
- JABAdorعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 17948
تاريخ التسجيل : 21/05/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
السبت 25 يونيو 2011 - 21:28
جازاك الله عنا خيرا عما تقوم به
من مجهود مميز خدمتا لرواد وأعضاء المنتدى
من مجهود مميز خدمتا لرواد وأعضاء المنتدى
- المهدي كارسيلاعضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1286
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الجمعة 19 أغسطس 2011 - 16:23
شكرا لك ~
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
مجهود رائع منك وموضوع ممتاز
تستحق الثناء عليه
بالتوفيقــ،،
- محب اللهعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 9868
تاريخ التسجيل : 23/05/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأحد 21 أغسطس 2011 - 5:35

- MATADORعضو فضي
- الجنس :
عدد المساهمات : 4891
تاريخ التسجيل : 11/07/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الأحد 21 أغسطس 2011 - 19:49
شكرا لك على الموضوع الرائع
أطال الله في عمرك
أطال الله في عمرك
- حسنعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2895
تاريخ التسجيل : 09/07/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الخميس 22 سبتمبر 2011 - 15:27

- chiguivara_dzعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 3824
تاريخ التسجيل : 30/11/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الجمعة 7 أكتوبر 2011 - 19:38
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته
جزاك الله خير الجزاء
ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
- Saad Eddineعضو برونزي
- الجنس :
عدد المساهمات : 2256
تاريخ التسجيل : 10/09/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 0:06
سدد الله خطاك اخـ(ت)ـي الفاضل(ة) على الموضوع الجميل
جزاك الله الف خير
وليبارك لك في قلمك الراقي
وبالإفادة ان شاء الله لكل أعضاء عربي-نعم
واصل ابداعك معنا ولا تحرمنا من جديدك يا غالي
اراك في موضوع آخر وذمت في رعاية الله
جزاك الله الف خير
وليبارك لك في قلمك الراقي
وبالإفادة ان شاء الله لكل أعضاء عربي-نعم
واصل ابداعك معنا ولا تحرمنا من جديدك يا غالي
اراك في موضوع آخر وذمت في رعاية الله
- FOR4everعضو دهبي
- الجنس :
عدد المساهمات : 14664
تاريخ التسجيل : 19/05/2010
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 - 12:44
مجهود كبير وممتاز حياك الله
- مــــاجد2عضو فعال
- الجنس :
عدد المساهمات : 1096
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
رد: أسد بن الفرات .... رجل بألف رجل
السبت 5 نوفمبر 2011 - 19:53
الشكر كل الشكر لا يوفيكِ حقك
سلمت أناملكِ
ودمت معطائاً للمنتدى
بارك الله فيكِ وفي جهودكِ
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى